السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كذبة إبريل.. تأكيد القدرة على الإيقاع بالآخرين

كذبة إبريل.. تأكيد القدرة على الإيقاع بالآخرين
30 مارس 2010 20:34
يطلق معظم الناس صبيحة الأول من إبريل في كل عام تزامنا مع “يوم كذبة إبريل” كذبات‏ ‏معظمها طريفة أو بسيطة غير مؤذية، وبمجرد أن تنطلي الكذبة على سامعها الذي يقع ضحية دعابة أحد أفراد أسرته أو صديق أو زميل ما، يبادره الفاعل بالاعتراف بأن ما قاله له قبل دقائق محض افتراء ومجرد كذبة إبريل. فيما تكون بعض الكذبات بسيطة ووقعها خفيف على السامع، والبعض الآخر منها ثقيل ومزعج قد يتسبب بصدمة نفسية أو كارثة. إنما لهذه المناسبة تاريخ وقصة وعوامل اجتماعية تعيد هذا القليد إلى الواجهة في 1 ابريل من كل عام، تكشف عنها مادة هذا التحقيق، وهي معلومات أكيدة ومصادرها ثقاة ليسوا ممن يمارسون على قراء الاتحاد كذبة 1 إبريل. يتفق الناس جميعاً على أن الكذب فعل محرم في جميع الأديان. حتى لو كان بسيطا، فقد يتطور ويلازم الفرد، وقد يقترن بعدد من الجرائم مثل الغش والنصب والتزوير والسرقة، أو يقترن ببعض المهن أو الأدوار مثل الحرب النفسية أو الإعلامية أو التسويقية.. وتوجد العديد من الأسباب التي تدفع الناس الضعفاء والأشرار إلى الكذب، من بينها: اكتساب فوائد، الخوف من العواقب، الحفاظ على المكانة الاجتماعية وحب الظهور، تجنب ذكريات مؤلمة، الخيال الخصب، العداء للآخرين يدفع برميهم بصفات كاذبة، الاعتياد على الكذب بسبب التربية والنشوء عليه. أما “كذبة إبريل” فهي تقال في هذا اليوم تحديداً لمجرد الدعابة، فإما أن تكتشف أو تظل غير مكتشفة وتنطلي على السامع ويتأثر بها إلى أن يوضحها مطلق الكذبة. أصل الحكاية حول أصل هذه المناسبة أو هذا التقليد يقول بشير يونس- أستاذ التاريخ في جامعة دمشق: “تنتشر كذبة إبريل في غالبية دول العالم باختلاف جنسياتهم ومعتقداتهم وثقافاتهم. وهي تقليد أوروبي قديم قائم على المزاح، ‏‏يقوم خلاله الناس بإطلاق الأكاذيب أو الإشاعات التي سرعان ما يبددونها ويعترفون بأنها غير صحيحة وقد أرادوا من خلالها الإيقاع بالآخر. إذ تذكر كتب التاريخ أن هذه العادة بدأت في فرنسا بعد تبني التقويم المعدل الذي وضعه شارل التاسع عام ‏ ‏1565 وكانت فرنسا أول دولة تعمل بهذا التقويم، وكان قراره ذاك قد أذيع بين الناس في‏ ‏الأول من إبريل ثم عاد عنه. فأطلق الناس في العام الذي تلاه يوم 1 إبريل مجموعة إشاعات انتشرت على نطاق واسع ثم تمّ تكذيبها، وانتقل هذا التقليد السنوي إلى إنجلترا واسكتلندا وغيرهما”. يضيف يونس: “يرى بعض المؤرخين أن هناك علاقة قوية بين الكذب في أول إبريل وبين عيد “هولي” ‏‏المعروف في الهند والذي يحتفل به الهندوس يوم 31 مارس من كل عام وفيه يقوم بعض ‏البسطاء بمهام كاذبة لمجرد اللهو والدعاية ثم يكشفون عنها مساء اليوم ذاته. وهناك باحثون يرون أن نشأة هذا التقليد تعود إلى القرون ‏‏الوسطى إذ أن شهر إبريل في هذه الفترة كان وقت الشفاعة للمجانين وضعاف العقول،‏ ‏فيطلق سراحهم في أول الشهر! وهناك باحثون آخرون يؤكدون أن كذبة أول إبريل انتشرت بشكل واسع بين شعوب العالم في القرن التاسع عشر”. من جهته لا يتحفظ يونس في إعلان أنه كان ذات مرة ضحية أحد طلابه المتفوقين، حيث عاتبه هذا الأخير لأنه رسب في مادته وأنه سوف يتقدم باعتراض لإدارة الجامعة، وفور انطلاء هذه الكذبة على الأستاذ يونس، بادره الطالب بأنها كذبة إبريل! قدرات ذهنية تحرم الأديان الكذب لأنه من خصال المنافق وهو مؤذٍ جداً، ويتصف الكاذب بأبشع الصفات والقدرات الشريرة. لكنه في حالة الدعابة المؤقتة “كذبة إبريل” تحتاج لقدرات ذهنية محددة تشير إليها هدية المهيري- تربوية اجتماعية، وتقول: “يحتاج مطلق الكذبة إلى قدرات ذهنية وتفكير جيد وخيال واسع وتبريرات جاهزة وذاكرة ومنطق وقدرات نفسية وانفعالية ليتحكم بمشاعره وتعابير وجهه وتصرفاته وتكييفها حسب الوضع الذي يخلقه عندما يكذب. لكن في كذبة إبريل لا يمارس الناس الكذب الكيدي أو العدواني أو السلبي أوالتفاخر أو المرضي أو الخيالي أو الدفاعي أو المغرض بل الكذب الادعائي من قبيل المزاح والدعابة. وتعرّج المهيري إلى كذب صغار السن في يوم “1 إبريل” شارحة أسباب كذبهم، قائلة: “يقوم الطفل بملاحظة وتقليد سلوك الوالدين أو المحيطين به في يوم الأول من إبريل، ويمارس ما نسميه “كذب التقليد”، أو يمارس “كذب اللذة” لتأكيد قدراته -كما والديه ومحيطه- في هذا اليوم على الإيقاع بالآخرين”. بدورها لا تخفي المهيري أنها قبل عامين وقعت ضحية “كذبة إبريل” حين تلقت اتصالاً هاتفيا من زميلتها في أسرة التعليم بالمدرسة تخبرها “ان صفها اشتعل واحترقت بعض مقاعد التلاميذ”! لكن انهيار المهيري وصراخها وفقدانها لصوابها خشية أن يكون مكروهاً ما قد أصاب تلاميذها، دفع بالمعلمة الزميلة أن تقسم لها بأن كلامها مجرد كذبة إبريل، لكنها ظلت على شك وقلق لحين وصولها المدرسة واطمئنانها بنفسها”. خفيف وثقيل على الرغم من أن يوم 1 إبريل يشكل يوما استثنائيا للدعابة والمرح وإطلاق الكذبات أو الشائعات والمقالب، تنطلق خلاله كذبات خفيفة يمكن تحملها كتلقي إحدى الفتيات (موزة عيسى- جامعية) اتصالا من صديقتها تطلب منها أن تحضر إليها مساءً لحضور حفل “كتب كتابها” المفاجئ! وسرعان ما تبين أنها كاذبة. أو ادعاء (نجاة سكر) أمام صديقتها أنها اشترت لها كاميرا هدية، ثم أصيبت الصديقة بخيبة أمل لأن نجاة كانت كاذبة! أو كقيام (توفيق رشيد) بالمرور أمام بيت زميله مستعرضاً بسيارة جديدة مدعياً أنها ملكه، فيما هي سيارة مؤجرة بهدف خداعه لبعض الوقت! إلا أن هناك كذبات ثقيلة تتسبب بكوارث وخراب بيوت! يقول خليفة الرميثي: “لا أحب ما يحدث في هذا اليوم مطلقاً، ولا أجد في الكذب دعابة أو أمراً مسلياً، فذات عام أوشك أن يقع أبغض الحلال بين صديقي وزوجته نتيجة دعابة من أختها تدعي بأن زوجها برفقة إحداهن في مطعم”! يؤيد هذا الرأي السيدة منى جميل الخالص- ربة منزل، تقول: “في الأول من إبريل العام الماضي تلقيت اتصالا هاتفيا من إحدى الجارات بأن ابني تعرض لحادث سير ونقل إلى المستشفى. فهرعت أرتدي ثيابي دون وعي مسرعة، واتصلت بوالده ليلاقيني إلى المستشفى، فإذ بالجارة تعاود إخباري بكل برود إنها كذبة إبريل، فأصبت بصدمة نفسية وإغماء.”! فيما أفسدت كذبة نيسان العلاقة بين مجموعة صديقات، تقول إيمان عبدالخالق: “كنا على وشك القيام برحلة صيد سمك في شاطئ كاسر الأمواج، لكن قامت إحدى الصبايا بتبليغ الجميع بأن طلاقاً وقع لصديقتنا وعلينا البقاء إلى جوارها عوضاً عن الخروج في رحلة صيد. ولم يكن المزعج أنها أفسدت علينا رحلة الصيد، بل قيام كل منا بالاتصال مع الصديقات والشقيقات والجارات لإبلاغهن فاتسعت رقعة الكذبة وكادت تتحول إلى مأساة”! من هنا، يقترح محمد الزعابي- شاعر “إن كان ولابد من القيام بكذبة ما في هذا اليوم، فمن الأفضل أن تكون كذبة بسيطة مرحة ويتم تكذيبها فوريا. وليس كما تفعل بعض الفضائيات والمطبوعات من بث أخبار كاذبة يتم تكذيبها بعد يومين أو أسبوع”! ويشير إلى أنه وقع ضحية كذبة إبريل حين ادعى صديق له أنه يتقول على شاعر ثالث بأن شعره يعاني من كسور في الوزن وخلل في القوافي”! كذبات حول العالم يشير الطبيب جو اسحق، إلى أن الباحث الإنجليزي جون شيمل، كان يرى: “كل الأدلة تثبت‏ ‏أن المرأة أكثر استخداما للكذب من الرجل في يوم 1 إبريل، والسبب في ذلك يرجع إلى عاملين أولهما عامل نفسي عاطفي فالمرأة أكثر ‏عاطفة من الرجل ولأن الكذب حالة نفسية ترتبط بالجانب العاطفي أكثر من ارتباطها بالجانب العقلاني فالنتيجة الطبيعية أن تكون المرأة أكثر كذبا من الرجل. والعامل الثاني يتمثل في أن الكذب بصفة عامة هو سمة المستضعفين والإنسان غالبا ‏ما يلجأ إلى الكذب لإحساسه بالضعف من حالة من المعاناة والاضطهاد وللهروب من واقع ‏أليم يعيشه، ولأن المرأة خلقت أضعف من الرجل وعاشت على مر العصور وفي مختلف ‏المجتمعات البشرية تعاني الاضطهاد والقهر فكان لابد وأن تلجأ إلى الكذب”. بحكم قراءاته الواسعة فيما يتعلق بهذه المناسبة “1 ابريل” يروي د. اسحق مجموعة أحداث، يقول: زار كارول ملك رومانيا أحد متاحف عاصمة بلاده في يوم 1 ابريل، فسبقه رسام مشهور ورسم على أرضية إحدى قاعات المتحف ورقة مالية أثرية من ‏‏فئة كبيرة فلما رآها أمر أحد حراسه لكن الحارس ‏لم يستطع وانطلت الدعابة على الملك. من أشهر الأكاذيب التي عرفها الشعب الإنجليزي وقعت في أول إبريل عام 1860 حيث حمل ‏‏البريد إلى مئات من سكان لندن بطاقات مختومة بأختام مزورة تحمل في طياتها دعوة كل ‏منهم إلى مشاهدة الحفلة السنوية في برج لندن يوم ‏‏1 أبريل. ‏حدث أن اشتعلت النيران في مطبخ إحدى السيدات الإنجليزيات في مدينه لندن فخرجت إلى ‏‏شرفة المنزل تطلب النجدة ولم يحضر لنجدتها أحد إذ كان يوم 1 إبريل.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©