السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشيخة مهرة بنت سالم القاسمي: مفاهيم دخيلة تصيب حياتنا بالجمود الفكري

الشيخة مهرة بنت سالم القاسمي: مفاهيم دخيلة تصيب حياتنا بالجمود الفكري
26 فبراير 2014 21:16
امرأة جريئة تعي أهدافها بوضوح، وتتحدث عن أفكارها المنفتحة بكل طلاقة وثقة، امتهنت مهنة البحث والدراسة في العلوم الاجتماعية والإنسانية حتى حصلت على درجة الماجستير من جامعة ويلز البريطانية، ولها عدة إصدارات في هذا المجال، تعشق الكتاب، ويستهويها بكل أنواعه وكان مبعثاً لها لتأسيس مكتبة اليقظة العربية في رأس الخيمة لتكون نواة مشروع ثقافي تأمل له أن يتجاوز مفهوم المكتبة بمعناها الكلاسيكي نحو الانفتاح والتفاعل مع الحراك الثقافي والفكري بالإمارات العربية المتحدة. دخلت مجال الفكر السياسي عبر مقالات كثيرة كتبتها في الصحف الخليجية والعربية خاضت فيها نقاشاً وجدلاً حول واقع المنطقة العربية بآلامها وأمجادها، ومستقبلها.. في نفسها طموحات كثيرة تصب في الوعي المجتمعي والفكري الإنساني المنفتح على كل الثقافات البشرية بذهنية المستكشف والشغوف بالمعرفة والاطلاع. «الاتحاد الثقافي» التقى الشيخة مهرة بنت سالم القاسمي، رئيسة مجلس أمناء مكتبة اليقظة العربية برأس الخيمة، في حوار حاول قراءة فكرها والاطلاع على تجربتها الطويلة مع الكلمة البحثية والفكرية الاجتماعية، فكان هذا الحوار: ? توصفين بالمرأة الجريئة، صاحبة الباع الطويل بالاهتمامات الاجتماعية البحثية والكتابات السياسية المهمومة بالهم العروبي والقومي، وهي اهتمامات ربما قلما تشغل عقل المرأة العربية في مجتمعاتنا التي تنحو نحو الاستهلاكية أكثر من الانشغال بهموم البحث والتجريب والسياسة؟ ?? أنا لست جريئة تلك الجرأة التي تحملها الكلمة، أنا امرأة عادية وبسيطة تربت على حب القراءة وثقافة الكتاب الذي بقي صديقي ورديفي أحبه بشغف ونهم واتعلق به وهو كان شغفي في مواصلة دراستي حتى الماجستير في لندن، لكن ظروفي الأخيرة وانشغالي بهموم التأليف والبحث حالت دون تكملة الدكتوراه في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية رغم اني أنهيت كل الاجراءات الضرورية لذلك، ولكن ضيق الوقت حال دون تفرغي لذلك. وحاليا لا أرى شيئاً يوازي أهمية التأليف والبحث الاجتماعي الذي أراه ضروريا لحماية أجيالنا الشابة القادمة عبر تنمية الوعي حولها والاهتمام بها منذ مرحلة الطفولة الأساسية لتشكل أي شخصية، لحمايتها من متغيرات الزمن، والحرص على نيلها التنشئة السليمة اللازمة فهي نواتنا للمستقبل الذي نطمح له. أما بخصوص اهتماماتي القومية والعروبية، فهي طبيعية تجدينها عند المرأة العادية قبل المثقفة لأنها باتت جزءاً من حياتنا اليومية، كما أني نشأت بزمن متمسك بهذه المفاهيم ومتعلق بها خاصة ووعي المبكر تفتح مع راديو صوت العرب التي حملت هموم الوحدة العربية والعروبة ونادت بها كما إننا في الإمارات العربية لطالما كان همنا هم العرب والامة العربية وإن طغت هموم الوطنية في الآونة الأخيرة وهذا له أسبابه ومبرراته. الهموم والوعي ? لك حضور فاعل على الساحة الثقافية في رأس الخيمة من خلال مشروع مكتبة اليقظة العربية الذي يحاول منذ بواكيره بداية التسعينيات العمل على بناء الوعي الفكري ناحية الكتاب، وتنشيط الحراك الثقافي والفكري في الإمارة.. لماذا اخترت فكرة المكتبة ترجمة لهذا الاهتمام وكرست قسماً خاصاً فيها، يعنى بالبحث والدراسة بالمرأة والطفل؟ ?? مشروع مكتبة اليقظة بدأ من مكتبتي التي أملكها في بيتي أنا وبعض الصديقات أثناء دراستنا في جامعة القاهرة، وكانت نقاشاتنا دائما تتمحور حول الهموم العربية، وواقع الوعي العربي ووضع المرأة وكيفية النهوض بها سواء على صعيد رأس الخيمة أو حتى عربيا وكلنا يعلم أن مجتمعاتنا العربية هي مجتمعات غير قارئة ولا تحب القراءة، وتحكمها الكثير من المفاهيم والمعتقدات الخاطئة، ولا بد للنهوض بأي مجتمع إقتصادياً وثقافياً أن يقوم على ثقافة الكتاب بكل انواعه، لأنه مفتاح تشكيل الوعي المجتمعي الضروري للنهوض بأي حياة إنسانية، والمرأة هي عماد أي مجتمع والنهوض بها وبوعيها يعني النهوض بالطرفين ذكراً واأنثى وبالتالي النهوض بالمجتمع ككل، أما الطفل فهو المستقبل والطموح. تقدم المرأة ? تشغل المرأة حيزاً كبيراً من تفكيرك؟ كيف تقرأين واقع المرأة الحالي في رأس الخيمة، ومدى تفاعلها وتأثيرها في الحراك الثقافي والفكري فيها؟ ?? لا أحب الحديث بتخصص عن جنس من دون آخر لكن بشكل عام من الناحية الشكلية حققت المرأة الخليجية الكثير من التقدم والتطور واحتلت مناصب ومراتب عالية سواء العلمية منها او الوظيفية. المرأة في رأس الخيمة لا تختلف عن سواها من هذه الناحية وإن كانت مشاركتها على صعيد الحراك الثقافي والفكري غير جيدة ربما بسبب طبيعة الحياة وانشغال الجميع بهموم الأسرة وهموم الوظيفة التي تسرق الجميع رجلاً وامرأة عن القضايا الفكرية والمجتمعية الأساسية لتطور أي فكر بشري، وهذا الأمر لا تحققه الوظيفة فقط وإن كانت ضرورية لتحقيق الاستقلالية والاستقرار الاجتماعي ولكن التطور الفكري يحتاج للانفتاح، وللوعي المتطور الذي يبنى على شغف المعرفة والاطلاع الدائم لخلق القدرة الطبيعية على فرز الأمور وعلاج الثغرات التي تعيق ضرورات التطور المجتمعي بكل أنواعه فلكل عصر وقته وظروفه، والإنسان الطبيعي لابد أن يواكب هذا التطور لأنها سنة الكون وطبيعته، ومواكبة التطور التكنولوجي يجب أن يرافقها تطور فكري يحسن التعامل مع هذا التطور بشكل يعود على الجميع بالفائدة التي أقصد بها فكرياً. الحراك والمبادرات ? من خلال موقعك كباحثة اجتماعية لها عدة إصدارات تعنى بالجانب البحثي فيه، كيف يتبدى لك المشهد الثقافي الراهن لإمارة رأس الخيمة؟ ?? نعم الحراك الثقافي في رأس الخيمة ربما كان أنشط وأكثر ديناميكية وكانت طبيعة المبادرات المجتمعية الأهلية المهتمة بهذا الجانب التوعوي الفكري والثقافي حتى أكثر، ولاشك أن طبيعة الحياة في رأس الخيمة تحكمها الكثير من الاعتبارات المختلفة عن بقية الإمارات وإن كان بعضها ميزة والبعض الآخر نقمة خاصة ناحية المكتسب من العادات والتقاليد ذات البعد الديني البعيدة تماماً عن المفاهيم الدينية الأساسية والصحيحة، وهي مفاهيم دخيلة على بيئتنا وليست من صلبها ولكنها تمددت وانتشرت حتى باتت جزءاً لا يتجزأ من ثقافة الناس هنا رجالاً ونساء وهي تؤثر كثيراً على حياة الطفل والطفلة التي أصبحنا نراها وفي عمر مبكر ترتدي الحجاب، وهذا يعيق نمو أي طفل سليم ويؤثر على اندماجه مستقبلاً في حياة المجتمع وينمي ثقافة التمييز مبكراً وهي خطيرة على ثقافة الجنسين وتطورهما ككل متكامل، وخطيرة بالتالي على تقدم أي مجتمع فكرياً واقتصادياً واجتماعياً. عوامل سلبية ? تحدثت عن الجانب السلبي المعيق للتطور الثقافي والفكري في رأس الخيمة وهي نقاط هامة جداً لخصت مضمونها بمفاهيم مكتسبة ودخيلة على البيئة، كيف يمكن للعادات والتقاليد المكتسبة أن تكون عائقاً أمام أي تطور فكري وثقافي؟ ?? في حياتنا العربية عندما يغيب الوعي والمنطق تسود مكتسبات ومفاهيم هي أقرب للروايات الشفهية المنقولة عبر الاجيال، تصبح مع الوقت هي المحرك الأساسي لأي سلوك اتجاه أي تطور جديد يدخل إلى الحياة وهذه الروايات المنقولة أو الشفهية اذا لم يكن هناك وعي واطلاع على مضامينها وجوهرها تصبح متحكمة وبقوة في صلب أي تحرك وتفاعل اتجاه تطورات الحياة المعاصرة، لذلك نجد عند البعض تمسكاً قوياً بالتراث والتقاليد كمفاهيم جامدة كما هي من دون دراستها أو محاولة قراءتها بعيون جديدة تغنيها وتضيف عليها، بالتالي يتحول هذا التقليد إلى عائق وحاجز صعب أمام أي تطور، فالبعض مثلاً يؤمن أن الموسيقى هي فعل من رجس الشيطان، والبعض مثلاً يجد في خمار المرأة سترة والبعض الآخر يرى في القراءة غير الكتب الدينية فعلاً محرماً ومرفوضاً وهي أفكار غريبة وهجينة عن بيئة الإمارات المحبة للانفتاح والتوسع. العوامل الإيجابية ? تحدثنا عن الشق السلبي في الموضوع، ماذا عن الايجابيات التي تميز رأس الخيمة عن سواها؟ ?? رأس الخيمة لها جاذبية وعفوية خاصة ولها تاريخ طويل ومعروف للجميع كما أن الطبيعة التاريخية والجمالية التي تتميز بها رأس الخيمة تجعلها فريدة من ناحية الفطرة المكتسبة والتي لا تحتاج سوى لمجهود الجميع للنهوض بها، وبرأيي هذا لن يتحقق اقتصادياً فقط بل يحتاج للوعي الفكري، وهذا لن يتحقق ما لم تعالج نقاط الضعف الأساسية فيها والتي تنخر بالعمود الفقري فيها، وهي الأسرة وهذا يتطلب منا جميعاً الوقوف وبشجاعة عند هذه العوامل الدخيلة التي تأكل الوعي المجتمعي وتعيق تطوره خاصة أنها تحولت لسلوك مجتمعي يتبدى بوضوح في الممارسات اليومية والمسلكية. دور المثقفين ? كيف تنظرين لدور مثقفي وباحثي رأس الخيمة في هذه النقطة بالذات، أي ما هو دورهم في تنشيط وتصويب الوعي المجتمعي للنهوض بواقع رأس الخيمة ثقافياً وفكرياً وحمايتها من شوائب دخيلة عليها تعيق تطورها؟ ?? ربما أنا بعيدة قليلاً في الآونة الأخيرة عنهم وهذا إن شاء الله ما سيعالجه نشاط مكتبة اليقظة التي ستتفاعل وتتعاون مع المشهد الثقافي بكتابه ومثقفيه عبر فعالياتها ونشاطاتها المفتوحة للجميع، طبعاً لهم دور كبير ومؤثر وأتساءل حتى لماذا لم يبادروا بالكشف عن هذه المعوقات والحديث عنها، كما استغرب بعدهم عن الساحة المجتمعية واكتفاءهم بالألقاب الطنانة من شاعر وباحث ومثقف وركضهم وراء مجهودات فردية وشخصية لا شك هي ذخر لنا جميعا ولكن المثقف هو من يتفاعل مع بيئته ومع أهله وناسه ويبادر بالمشاركة في رفع مستوى البيئة التي يعيش فيها ولا شك للبيئة نصيب من وعي أي إنسان وعسى ألا يكون مثقفونا لا يعانون من آفات الحياة المجتمعية الموجودة حالياً. وهذا الأمر لا يقوم على جهد فردي فقط بل يحتاج لمشاركة الجميع بفعالية وثبات وأدعو الجميع للتعاون والمبادرة في هذا الأمر، لأن الواقع يشملنا جميعاً وهي سفينة كلنا نعيش فيها معاً ونجاتها تعني نجاة الجميع. مشروع ثقافي ? في كلمة أخيرة، برأيك ما الذي يجب أن يقوم به أبناء رأس الخيمة من مثقفين وكتاب ومهتمين لتحريك الجمود الحالي في الواقع الثقافي الذي يتحكم بواقع الإمارة؟ ?? لابد في البداية أن يعي كل فرد من أبنائها حجم مسؤوليته وواجباته المترتبة عليه والمبادرة بشكل جماعي ومساندة كل مشروع ثقافي سواء بالمشاركة الفاعلة أو حتى الحضور، فالواقع الحالي هو مسؤولية الجميع وواجب على كل أبناء الإمارة المبادرة بالفعل الجاد والحقيقي، وأحضّ المرأة والرجل معاً على الانفتاح أكثر ومواكبة الحياة بذهنية منفتحة صافية وخالية من الشوائب الدخيلة، والتقرب أكثر من الفنون الإنسانية عبر الموسيقى والرسم والمشاركة بهما، فالله خلق الجمال لنستمتع به والجمال ليس فقط جمال البشر والوجوه والطبيعة، الجمال في كل مكان حولنا والموسيقى جمال والمسرح جمال والكتاب جمال، وأكرر دعوتي المفتوحة للجميع للتعاون معاً للنهوض بواقع امارة رأس الخيمة فكرياً وثقافياً واجتماعياً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©