السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ديون اليونان... تهديد لمستقبل «اليورو»

29 مارس 2010 22:19
بِن كوين لندن أمام أكبر أزمة تعصف بـ"اليورو" منذ أن بدأ العمل به قبل عشر سنوات، اجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأسبوع الماضي من أجل مناقشة سبل حماية كعب أخيل العملة الأوروبية: اليونان. ومع نهاية القمة، اتفقت بلدان منطقة اليورو الخمسة عشر (إلى جانب اليونان) وصندوق النقد الدولي على حزمة قروض يمكن أن تحول دون وقوع أزمة في الوقت الراهن. ولئن لم يتم الإعلان رسمياً عن أي أرقام بخصوص خطة الإنقاذ المالي لليونان، فإن مسؤولين قالوا إن المبلغ يمكن أن يصل إلى 22 مليار يورو (29 مليار دولار)، حيث سيتم توفير المال إذا انتهى الأمر باليونان إلى العجز عن تسديد ديونها. والمأمول الآن أن يؤدي الوعد بتوفير السيولة النقدية إلى استرجاع اليونان لثقة الأسواق، ويسهل على البلد جمع المال في السوق المفتوحة. ولكن ورغم الاتفاق، فإن دين اليونان، وهو أكبر بكثير مما تسمح به قوانين منطقة "اليورو"، سيظل على الأرجح مصدر قلق بالنسبة للعملة الأوروبية الموحدة لبعض الوقت. ذلك أن اليونان لطالما عاشت فوق المستوى الذي تسمح به إمكانياتها ومواردها في الوقت نفسه، الذي عملت فيه على إخفاء تضخم عجزها. ونتيجة لذلك، باتت اليونان اليوم مطالبةً بإعادة تمويل جزء كبير من دينها البالغ 300 مليار يورو (419 مليار دولار) قبل نهاية مايو المقبل، وإلا فإنها ستواجه العجز عن السداد. والحال أن من شأن العجز عن السداد أن يلحق ضرراً كبيراً بمصداقية منطقة "اليورو". وفي هذا السياق، قال الرئيس الفرنسي محذراً:"إذا كنا قد أنشانا اليورو، لا يمكننا أن نسمح بسقوط بلد من بلدان منطقة اليورو. وإلا فلا جدوى من إنشاء اليورو أصلا". لكن قوانين اليورو تحظر عمليات إنقاذ مالي من النوع الذي قد تحتاجه اليونان. ولهذا، فقد سعى زعماء الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي إلى صياغة خطة إنقاذ مالي لكنها تحت مسمى آخر، من خلاله تلتف الخطة على تلك القوانين عبر توفير قروض ثنائية. ألمانيا، التي تعد العضو المهيمن في منطقة "اليورو"، كانت قد رفضت بقوة الموافقة على حزمة إنقاذ لليونان، مشددة على ضرورة أن تقوم اليونان بترتيب بيتها عبر تدابير تقشفية. وجادلت برلين، التي سعت إلى تقليص مسؤوليتها عن مشاكل اليونان، بضرورة تدخل صندوق النقد الدولي على الرغم من قلق فرنسا. وفي هذا الإطار، قالت المستشارة الألمانية في الخامس عشر من مارس الجاري إنه يتعين على الحكومات الأوروبية أن تساعد اليونان فقط عندما تصبح "على شفا الإفلاس"، وهو أمر لن يحدث الآن لحسن الحظ، مشددة على أنه إذا كانت المساعدة ضرورية، فإن "صندوق النقد الدولي موضوع علينا أن ندرسه". والواقع أن مشاركة صندوق النقد الدولي قد تكون أمراً إيجابياً بالنسبة لليونان، على اعتبار أنه سيمنحها على الأرجح قروضاً بمعدلات فائدة أقل مقارنة مع القوى الأوروبية. ورغم الوعود اليونانية بتقليص عجز ميزانيتها الذي يبلغ 12.7 في المئة من ناتجها الداخلي الخام، فإن رد فعل النقابات اليونانية يثير أسئلة حول إلى أي حد ستنجح في ذلك. بعد سنوات من التوفير وزيادة الإنتاجية والسيطرة على الديون، تتحفظ ألمانيا اليوم عن مساعدة بلد قام بعكس ذلك تماماً؛ إذ يعتقد قرابة ثلث الألمان أنه ينبغي أن يُطلب من اليونان الانسحاب من منطقة اليورو، في حين يعتقد نحو 40 في المئة أن أكبر اقتصاد في أوروبا سيكون أفضل حالاً خارج العملة الموحدة، وذلك حسب استطلاع للرأي أجرته صحيفة "فاينانشيال تايمز". ويعتقد بعض الخبراء أن ألمانيا تبحث عن طريقة ما لطرد بلدان مثل اليونان وإسبانيا خارج نادي "اليورو" ذي الأعضاء الستة عشر من أجل خلق كتلة جديدة متناغمة مع قيمة المارك الألماني القديم. وفي ما يبدو التقاطا للمزاج العام الألماني، قالت المستشارة الألمانية في حديث مع مجلة "دير شبيجل": "يجب على البلدان التي تغش في سجلاتها المالية أن تساعد نفسها". الآن، يتوقف الكثير على كيف ستصمد اليونان خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ولكن القلق الأكبر هو بخصوص الدول الأوروبية الأخرى المثقلة بالديون: البرتغال وإيطاليا وإيرلندا وإسبانيا. غير أن ظروفها تختلف؛ فالتدابير التقشفية الشديدة التي كشفت عنها إيرلندا أقنعت العديد من الخبراء الاقتصاديين بخصوص آفاق عودتها إلى النمو، رغم المخاوف من أن يؤدي خفض الإنفاق وزيادة الضرائب إلى إضعاف الاستهلاك وتمديد ركود إيرلندا. أما قصة إسبانيا، التي تعد رابع اقتصاد في منطقة "اليورو"، فهي مختلفة؛ ذلك أن نسبة البطالة في إسبانيا تفوق 20 في المئة، والعجز الحكومي يناهز 9 في المئة من الناتج الداخلي الخام، في وقت يتوقع فيه أن تأخذ إسبانيا مزيداً من الديون عبر سندات الخزينة. وفي هذا السياق، يقول "سايمون تيلفورد"، الخبير الاقتصادي بـ"مركز الإصلاح الأوروبي"، وهو مركز بحوث في لندن: "إن إسبانيا ستطرح مشكلة كبيرة. فهي تواجه كل أنواع المشاكل بخصوص كيف ترفع النمو بعد أن فقدت الكثير من تنافسيتها وارتفعت فيها التكاليف"، مضيفاً "والحال أن أي اقتصاد يُنظر إليه على أن آفاق نموه ضعيفة سيجد صعوبات جمة في الاقتراض بمستويات يقدر عليها". ويخشى الخبراء الاقتصاديون أن تكون للأزمة على النموذج اليوناني في إسبانيا آثار أكثر تدميراً على اليورو، في وقت مازال فيه من غير الواضح ما إن كانت ستتدخل دول أخرى من أجل تقديم المساعدة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©