الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنوب آسيا... مصدر تهديد للسلم الدولي

20 فبراير 2011 21:09
جوان زارات مستشار بارز بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية -واشنطن في عام 1914 أدى مقتل الدوق "فرانز فيرديناند" بسراييفو إلى إطلاق القوى الجيوسياسية من عقالها وإشعال الحرب العالمية الأولى. واليوم وفي الوقت الذي تتخوف فيه الولايات المتحدة من احتمال استهداف "القاعدة" لأميركا في عقر دارها، فإن الخطر الأكبر قد يكون في منطقة بعيدة مهيأة لتهديد السلم العالمي. وضمن هذا الإطار، يمكن القول إن تنظيم "لشكر طيبة" يمثل اليوم عود الثقاب الذي ربما سيشعل فتيل مواجهة كبرى بين بلدين نوويين، وهو تنظيم يرجع ظهوره إلى الحكومة الباكستانية نفسها قبل عشرين عاماً، وأصبح يتحكم في شبكة مالية واسعة، فضلاً عن توفره على كادر مسلح تسليحاً جيداً وخاضع لتدريب عال، وهو أيضا مسؤول عن ضرب أهداف هندية من مومباي إلى كابل. ويشار إلى أن التنظيم الإرهابي يتعاون مع مجموعة أخرى من العناصر الإرهابية سواء ضمن "القاعدة"، أو باقي المجموعات، ناهيك عن تطلعاته الدولية وانخراطه في منظومة الجهاد العالمية، ولن يمر وقت طويل قبل أن نسمع بهجوم كبير من توقيعه. والمشكلة أن العمليات الكبرى التي استهدفت الهند مثل الهجوم على البرلمان في عام 2001 واستهداف مومباي في 2008 كادت أن تشعل الحرب بين باكستان والهند. وفي ظل أجواء انعدام الثقة بين البلدين فإن أي عملية تستهدف الهند قد تؤدي إلى اندلاع موجهات دموية تتطور إلى حرب شاملة ومدمرة بينهما يكون لها تداعيات ليس فقط على المنطقة، بل على العالم بأسره، لذا يتعين على الولايات المتحدة استثمار رأسمالها السياسي والدبلوماسي لمنع نشوب مثل هذا الصراع. ويتوقع في هذا الإطار أن يساهم الاجتماع رفيع المستوى بين المسؤولين الباكستانيين ونظرائهم الهنود في إعادة إطلاق المباحثات الجدية حول قضية كشمير الشائكة. والحقيقة أنه يتعين على الولايات المتحدة الإسراع في جهودها بعدما عبر المسؤولون الهنود أكثر من مرة عن استيائهم المتنامي إزاء باكستان لعدم كبحها بما يكفي لتنظيم "لشكر طيبة"، بل تتهم الهند الاستخبارات الباكستانية بالاستمرار في دعم التنظيم الإرهابي، حيث يزعم تقرير استخباراتي هندي في العام الماضي أن مديرية الاستخبارات العسكرية الباكستانية ضالعة في هجمات مومباي للعام 2008، وفي السنة الماضية رفعت الهند استعدادها الأمني تحسباً لهجمات متوقعة. ومن غير المرجح أن تضبط الهند نفسها أكثر في حال استُهدفت أراضيها، ولا شك أن "لشكر طيبة" يشعر بالقوة بعد اغتيال حاكم البنجاب المعتدل في شهر يناير المنصرم ما يؤشر الى ضعف الحكومة المدنية الباكستانية وعجزها عن الوقوف في وجه الأصوات المتشددة. وقد يرى التنظيم الإرهابي أن إشعال فتيل المواجهة مع الهند يصب في مصلحته، لا سيما بعد التصعيد الأخير الذي شهدته كشمير، ولن يكون في مقدور الحكومة السيطرة على الوحش الذي صنعته بأيديها في حال اندلاع مواجهات مع الهند. وغني عن البيان أن أي حرب في المنطقة لن تكون مضرة فقط بأميركا، إذ بالإضافة إلى التدمير الكبير الذي سيلحق بالبلدين سيتم القضاء على جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة، لا سيما في المناطق الغربية لباكستان التي تنشط فيها "طالبان"، وستقوم إسلام آباد بإعادة نشر 140 ألفاً من قواتها المرابطين حالياً في الغرب إلى الشرق لحماية حدودها مع الهند، وهو ما سيحول القبائل الباكستانية المجاورة لأفغانستان إلى أرض خصبة للجماعات الإرهابية، وفي أسوأ السيناريوهات قد تفضي المواجهات المباشرة بين البلدين إلى اندلاع حرب نووية، لا سيما في حال تهديد القوات التقليدية الهندية المتفوقة لباكستان ما قد يدفع هذه الأخيرة إلى اللجوء إلى ترسانتها النووية. فقد سبق لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أن أشار إلى تجاوز القدرات النووية الباكستانية لنظيرتها في الهند، فما الذي تستطيع الولايات المتحدة القيام به لنزع فتيل النزاع وتهدئة الأوضاع بين الجارين الكبيرين؟ أولاً يتعين علينا أن نبني جسور الثقة بين البلدين وفتح خطوط التواصل بينهما، ويبدأ ذلك من خلال إطلاق حوار بناء حول الوضع في كشمير، هذا بالإضافة إلى متابعة الضالعين في هجوم مومباي 2008. وينبغي على الولايات المتحدة أيضاً تعطيل طرق تمويل الجماعات الإرهابية وضرب خططها، بحيث يتم التركيز على كشف الخلايا النائمة وتعقب العناصر التابعة لـ"لشكر طيبة"، وهو ما يعني الضغط على إسلام آباد لمدها بأسماء العناصر، فضلاً عن الأشخاص الغربيين الذين تلقوا تدريبات في باكستان، فالمسؤولية الأميركية كبيرة في جنوب آسيا، وأي مواجهة في المنطقة ستؤثر على جوارها بما فيه الشرق الأوسط مع ما قد يترتب على ذلك من تعطيل لإمدادات النفط. وكما يعلمنا التاريخ علينا الحذر من الجماعات الصغيرة مثل "اليد السوداء" في عام 1914 و"القاعدة" في 2001 التي نجحت في إذكاء نيران مواجهات كبرى كانت لها تداعيات خطيرة على السلم والأمن الدوليين. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©