برشلونة تتجه لاستيراد المياه من فرنسا

ذكرت ثاني أكبر مدينة في إسبانيا انها أصبحت على وشك الدخول في مرحلة طارئة بسبب النقص المريع في المياه كنتيجة لأحد اسوأ مواسم الجفاف التي شهدتها في التاريخ المعاصر· وابتداءً من الشهر المقبل فإن برشلونة سوف تتجه فيما يبدو لاتخاذ قرار غير مسبوق باستيراد الماء بواسطة السفن من مدينة مرسيليا في الجنوب الفرنسي ومن ميناء تيراجونا الصناعي في اقليم كاتالونيا وكذلك من محطات التحلية في الجنوب الاسباني· وفي ظل امكانية مواجهة الاحتمال الأسوأ، وتحت ضغوط ترشيد استهلاك المياه في موسم الصيف، انهمكت برشلونة في توفير وادخار أكبر كمية ممكنة من المياه عبر وقف نافورات المدينة عن العمل واغلاق مرشات الاستحمام بالقرب من الشواطئ، في خطوة من شأنها ان تثير غضب المواطنين والزوار على حد سواء· كما عكف مهندسو البلدية على اغلاق جميع أماكن التسرب في المدينة، بالاضافة الى حظر غمر الحدائق وحمامات السباحة بالمياه· ومرت اسبانيا وبشكل استثنائي من شتاء دافئ وجاف في هذا العام ولم تشهد سوى ثلث مستوى متوسط الأمطار في كل عام، وضرب الجفاف بقوة في المناطق الجنوبية الغربية لاسبانيا على وجه الخصوص واصبح مقيماً حتى الآن لفترة 18 شهراً، لذا فإن المكامن التي تزود سكان هذه المناطق -البالغ اجماليهم 5 ملايين نسمة - بالمياه أصبحت تمتلئ بنسبة 20% فقط من سعتها الاجمالية· الى ذلك فقد ذكرت هيئة كاتلونيا للمياه انها استأجرت 10 سفن ناقلة لمد برشلونة بالمياه لفترة 6 أشهر على الأقل أو حتى تعود الأمطار الى معدلاتها الطبيعية، وهو الأمر الذي من المتوقع ان تبلغ تكلفته 22 مليون يورو ''35 مليون دولار'' في كل شهر· ويقول بيدرو اروجو الخبير في اقتصادات إدارة المياه في جامعة سرقسطة: ''لسوء الحظ فإن التكاليف ارتفعت الى عنان السماء بسبب العجلة والموقف الطارئ الى جانب قلة السعة التي تعاني منها شركات الشحن''· أما العلماء فقد ذكروا من جانبهم ان هذا الوضع يمثل المثال الدراماتيكي حتى الآن في الكيفية التي بدأ يؤثر بها التغير المناخي على سواحل البحر الأبيض المتوسط الأوروبية المكتظة بالسكان· وارتفعت درجات الحرارة في اسبانيا في المتوسط بمقدار درجة مئوية منذ العام ،1960 كما أصبح جوها أكثر جفافاً، وتقدر هيئة المناخ الأوروبية ان متوسط درجات الحرارة في إسبانيا سوف يشهد المزيد من الارتفاع بمقدار 4 درجات مئوية في خلال فترة القرن المقبل· بيد ان أزمة المياه أخذت ايضاً تشعل الغضب السياسي حيث بات جوزيه مونتيلا رئيس اقليم كاتالونيا يرغب في جلب المياه عبر تحويل مجرى نهر ايبرو بحيث تملأ المكامن الناضبة في برشلونة الا ان الحكومة المركزية في مدريد اعترضت على هذه الخطة وبشكل أدى الى تدهور العلاقات بين مونتيلا ورئيس الوزراء خوزيه لويس رودريجوس ثاباتيرو برغم انهما ينتميان الى نفس الحزب الاشتراكي· ويبدو ان هناك عدم اتفاق حتى في داخل اقليم كاتالونيا نفسه على الحل الطويل المدى لأزمة المياه في الاقليم اذ عبر المزارعون عن حماستهم لحقوقهم المتعلقة بالري رافضين الطلبات المتزايدة من برشلونة بتقليص حجم استخداماتهم للماء· ويبدو أن ارجو الخبير في اقتصادات إدارة المياه اصبح دعم فكرة إنشاء محطات لتحلية المياه برغم ان هذه الأعمال تستهلك قدراً هائلاً من الطاقة، مما قد يسهم في التلوث وتعزيز ظاهرة التغير المناخي· عن صحيفة الفاينانشيال تايمز