الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ارتفاع سعر اليورو يقلص أرباح الشركات الأوروبية من الصادرات

ارتفاع سعر اليورو يقلص أرباح الشركات الأوروبية من الصادرات
18 فبراير 2013 21:58
قلصت القوة التي اكتسبها اليورو في الآونة الأخيرة، من أرباح صادرات الشركات الأوروبية التي تمثل واحداً من أهم مصادر عائداتها. ونتيجة لدخول الأسواق المحلية في ركود طويل، طرقت الشركات الأوروبية خلال السنوات القليلة الماضية، أبواب الدول الخارجية سعياً وراء تأمين الأرباح. وفي غضون ذلك، ارتفع مستوى الصادرات لتكون على سبيل المثال 35% من الناتج المحلي الإجمالي في إسبانيا في العام الماضي، من واقع 22% في 2009. لكن في ظل ارتفاع قيمة اليورو 12% مقابل الدولار منذ يوليو الماضي و35% مقابل الين، بدأت الشركات الأوروبية تشعر بالمعاناة. وتقود قوة العملة إلى زيادة أسعار صادرات بلدها في الخارج وبالتالي إلى تقليل منافستها وخفض معدل الأرباح عند إعادة هذه العملة للبلد مرة أخرى. وتوزعت آثار ارتفاع قيمة اليورو حول أرجاء القارة بصورة غير متساوية، محدثة انقساما تكون فيه الشركات الألمانية أكثر مقدرة على الملاءمة من نظيراتها في فرنسا وإيطاليا. ويمكن للشركات التي لديها الخيارات رفع أسعار منتجاتها أو خفض تكاليفها، بينما يترتب على الأخرى الخصم من أرباحها. ونتج عن هذا الانقسام تصادم بين صانعي القرار في أوروبا، حول ما إذا كان ينبغي على السياسيين محاولة السيطرة على ارتفاع اليورو الذي تحقق في الوقت الذي استقر فيه اقتصاد القارة وتلاشت مخاوف تفكك وحدة العملة. المركزي الأوروبي أكد البنك المركزي الأوروبي مؤخرا أن استمرار ارتفاع قيمة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) يمثل خطرا على تطور الأسعار. وجاء في التقرير الشهري للبنك المركزي الأوروبي الذي أعلن عنه منتصف فبراير في فرانكفورت أنه رغم أن مخاطر حدوث تضخم متوازنة بشكل إجمالي، يمثل ارتفاع سعر اليورو أمام العملات الأخرى “خطرا للتدهور”. وأشار البنك في تقريره إلى أن ارتفاع سعر اليورو يخفض أسعار الواردات من الدول التي خارج منطقة اليورو وأن ذلك يتزامن مع ضغط على مستوى الأسعار من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض معدلات التضخم بشكل واضح دون الحاجز الذي يسعى إليه البنك المركزي الأوروبي وهو 2% وهو ما يمكن أن يجبر البنك على اتخاذ إجراءات مضادة لذلك مثل خفض قيمة الفائدة على سبيل المثال. من ناحية أخرى، حذر البنك المركزي الألماني (بوندسبنك) مؤخرا من اتخاذ تدابير بغرض خفض “موجه” لقيمة اليورو. وقال ينس فايدمان رئيس البوندسبنك “بطبيعة الحال يتم مراعاة التطورات الخاصة بأسعار الصرف في قرارات السياسة النقدية من حيث تأثير هذه التطورات على الأسعار”. وجاء في مسودة خطاب وجهه فايدمان أن اعتماد سياسة نقدية تستهدف إحداث خفض مقصود لليورو من شأنه في النهاية أن يسفر عن مستويات أعلى من التضخم. تجدر الإشارة إلى أن سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة يسجل منذ صيف 2012 ارتفاعا ملحوظا أمام العديد من العملات ولاسيما أمام الين الياباني والدولار الأميركي والجنيه الاسترليني وتسبب ذلك في ارتفاع أسعار البضائع المصدرة من دول منطقة اليورو إلى خارج أوروبا الأمر الذي يمكن أن يشكل خطورة على الانتعاش الاقتصادي في دول هذه المنطقة التي تضم 17 دولة. وتتهم الدول الأوروبية كلا من الولايات المتحدة واليابان بتخفيض قيمة عملتيها لإنعاش الصادرات الأمريكية واليابانية. وأعرب فايدمان عن قلقه بشكل عام من “تسييس” المصارف المركزية وأكد أن هذه المصارف قامت بالكثير من الإجراءات التي تنطوي على مخاطر خلال أزمة اليورو. يذكر أن فرنسا تسعى إلى انتزاع موقف أوروبي محدد بشأن ما تطلق عليه الحكومة الفرنسية “حرب العملات” والتي تشنها بعض الدول,وخاصة اليابان ونقل ذلك أمام اجتماعات مجموعة العشرين نهاية الأسبوع في موسكو. شركات جنوب أوروبا تمثل المأزق الذي تواجهه شركات جنوب أوروبا في شركة “فينيتا كوسين” الإيطالية. وحاولت الشركة العاملة في تصميم المطابخ، تعويض التعثر الذي تعانيه سوقها المحلية من خلال زيادة مبيعاتها للفنادق والمنتجعات في آسيا. كما عملت الشركة أيضاً على خفض تكاليفها، إلا أن قوة اليورو قضت على هذه الجهود ما أضعف مبيعات الشركة. ويكمن جزء من المشكلـة، في دفـع شـركـات جنوب القارة الضعيفة ضعف ما تدفعه منافساتها الأخريات في شمال القارة للحصول على القروض. كما تقف قوانين العمالة في الجنوب، عائقاً أمام خفض التكاليف. وتعتبر أجور العاملين في فرنسا وإيطاليا، من بين الأعلى في العالم. وفي المقابل، تملك الشركات الألمانية اتفاقيات مع اتحادات العمال توفر لها المزيد من المرونة للتكيف، عندما تصبح أحوال السوق أكثر سوءاً. كما تميل هذه الشركات إلى تصدير سلع أعلى قيمة مثل السيارات الفاخرة والمنتجات الهندسية المتخصصة ما يوفر لها المزيد من المساحة لرفع الأسعار ومن ثم تعويض قوة اليورو. وباستثناء قطاعات قليلة مثل الأزياء والطائرات، تنحصر مبيعات شركات جنوب القارة في منتجات أقل سعراً، مثل معدات الآليات العامة والسيارات ما يجعل رفع أسعارها أمراً صعباً. وتشير تقديرات “دويتشه بنك”، أنه بإمكان الشركات الألمانية أن تظل في دائرة المنافسة عندما لا تتجاوز قيمة اليورو 1,79 مقابل الدولار، بينما من الممكن أن تعاني نظيراتها الفرنسية عند 1,24 والإيطالية عند 1,17 مقابل الدولار. وذكرت مؤخراً شركة “ديملر” الألمانية، أنها لا تتوقع المزيد من الضرر جراء ارتفاع اليورو. ويتوقع بودو أيبر المدير المالي للشركة، تحقيق أرباح قريبة من 8,1 مليار يورو (10,9 مليار دولار) التي بلغتها الشركة في العام الماضي. ظروف السوق انعكس الانقسام كذلك، على الصعيد السياسي عندما قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند :”لا ينبغي أن يتقلب اليورو تبعاً لظروف الأسواق، حيث من الممكن أن يقضي ارتفاع قيمته على الجهود المبذولة لتحسين المنافسة”. ونتج عن هذا التعليق رد عنيف من قبل ألمانيا على لسان نائب المستشارة فيليب روزلر، الذي قال “على منطقة اليورو تقوية منافستها بدلاً من العمل على خفض قيمة العملة”. وشكلت صادرات ألمانيا 53% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي، مقارنة بما كانت عليه في 2009 عند 41%. ويقول كارلو بوزوتي، المدير التنفيذي لشركة “أس تي مايكرواليكترونيكس” أكبر منتج لأشباه الموصلات في أوروبا “نحن في حاجة لعملة تُعين الشركات في أوروبا على المنافسة في مختلف أرجاء العالم”. وتعاني الشركة من مقرها في سويسرا بالفعل في سبيل منافسة شركات أميركية وأسيوية، نظراً لارتفاع تكاليفها. وبينما تجني الشركة ما يقارب ثلاثة أرباع عائداتها من خارج أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، إلا أنها تملك مصانع كبيرة في كل من فرنسا وإيطاليا. ويتسبب ارتفاع اليورو بنسبة لا تزيد على 1% فقط، في تراجع دخل الشركة بنحو 30 مليون دولار سنوياً. وتختلف كيفية تصدي الشركات لهذه المشكلة، حيث تقوم مثلاً شركة “الفضاء والدفاع الجوي الأوروبية”، ببيع معظم منتجاتها بالدولار. كما زادت الشركة الفرنسية الألمانية أيضاً، من كمية المكونات والخدمات التي تشتريها بالعملة الأميركية إلى 50% من عائداتها من نسبة 42% في 2007. كما حذر بيرنارد أرنولت، المدير التنفيذي لشركة “لويس فويتون”، من إمكانية تأثير اليورو على نشاط الشركة خلال العام الحالي مقترحاً مقابلة ذلك من خلال رفع الأسعار. وتأثرت شركة “بيريتا” الإيطالية للأسلحة النارية بشدة من ارتفاع العملة الموحدة عندما تتنافس مع شركات أميركية في البيع للإدارات العسكرية والشرطية في آسيا التي تُقوِّم المبيعات بالدولار، حيث يستحيل عليها مع المنافسة رفع الأسعار للحد الكافي لتغطية تكاليف مصانعها العاملة باليورو. ويبدو أن الشركات الألمانية لا تتأثر بارتفاع قيمة اليورو، الذي أملته سلطاتها دون الوضع في الاعتبار ما يلحق من ضرر بشركات أخرى في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا. وأعلنت مجموعة العشرين مؤخرا أنه لن تقوم “حرب عملات”، وخلا بيان اتفق عليه صناع السياسات المالية لدول مجموعة العشرين في موسكو من أي انتقاد للسياسية النقدية الميسرة التي تنتهجها اليابان والتي دفعت الين للانخفاض. وقال وزير المالية الفرنسي بيير موسكوفيشي للصحفيين “اتفقنا جميعا على رفض الدخول في أي حرب عملات” وأعلن وزير المالية البريطاني جورج اوزبورن في اليوم الثاني من الاجتماع أن “على العالم ان لا يرتكب خطأ استخدام العملات على إنها أداة حرب اقتصادية”. وحتى وقت متأخر كانت حرب أسعار صرف العملات تضع الغربيين خصوصا في مواجهة الصين التي يشتبه في أنها تبقي على سعر صرف عملتها الوطنية “اليوان” دون قيمتها الفعلية بصورة مصطنعة من اجل دفع صادراتها. وتندد الدول الناشئة منذ وقت طويل بهذه الممارسات، لكن أوروبا التي تبدي بعض دولها وفي مقدمها فرنسا قلقها من قوة سعر صرف اليورو الذي يعوق تنافسيتها انضمت الى هذه المجموعة بعد التحول الياباني. نقلاً عن: وول ستريت جورنال ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©