السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

عودة أصحاب الوجوه الكئيبة!

عودة أصحاب الوجوه الكئيبة!
28 ابريل 2016 12:20
عاد أصحاب الوجوه الكئيبة إلى المسرح السياسي مرة أخرى! عاد الانتهازيون الذين فاتهم القطار ويريدون أن يظهروا وكأنهم زعماء ثورة يناير. يريدون أن يبرزوا في المجال العام وكأنهم الحريصون على حدود الوطن والمدافعين عنه ضد من فرطوا فيه! وهؤلاء الانتهازيون من عواجيز النشطاء السياسيين أصناف شتى. بعضهم يريد أن يلعب دوراً، أي دور، حتى تغطي وسائل الإعلام مواقفه الخطيرة وتنقل تصريحاته التافهة، والآخرون يتزاحمون على الميكروفونات وصفحات الصحف يجرون الحوارات ويعرضون آراءهم الساذجة في مجال إنقاذ الوطن! أما شباب النشطاء السياسيين فهم هؤلاء الذين جعلوا «الثورية» مهنة لمن لا مهنة له! وهم الذين ملؤوا الدنيا ضجيجاً حين اختلطت الثورة بالفوضى بعد 25 يناير، وأصبح التظاهر العشوائي ممارسة يومية! ولدينا بعد ذلك قبائل الغوغائيين من المثقفين والذين أغلبهم في الواقع من أنصاف المتعلمين، وبعضهم ممن يمتهنون حرفة الأدب ولم يقرؤوا كتاباً فكرياً واحداً في حياتهم! هؤلاء الأدعياء جلسوا فجأة على مقاعد أساتذة القانون الدولي وتكاثرت تصريحاتهم الصحفية وازدحمت بغثائهم البرامج التليفزيونية بعد أن أصبحوا فجأة خبراء في ترسيم الحدود البحرية، ومن قراء الخرائط والمؤرخين الذين يصدرون الفتاوى هنا وهناك! ولا ننسى في مجال الغوغائيين الجماعات الشاردة لحركة 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين الذين أعلنوا عقيدتهم العبقرية، وهي هدم الدولة! أما عن عصابات الألتراس فحدث ولا حرج بمنظرهم البائس بعد أن خلطوا الرياضة بالسياسة بالتخريب المتعمد. وتأتي بعد ذلك الكارثة الكبرى التي تسببت فيها الثورة الاتصالية والتقدم التكنولوجي ونعني «الفيس بوك» و«التويتر». أصبح لكل «هلفوت» حساب يسجل فيه آراءه العبقرية في إصلاح الكون. وكما ظهر بعد هزيمة يونيو 1967 ممن أطلق عليهم «جنرالات المقاهي» الذين كانوا على أنغام «الشيشة» يرسمون الخطط العسكرية للقضاء على القوات الإسرائيلية في ساعات قليلة، ظهرت فئة «فلاسفة المقاهي» الذين اتخذوا لأنفسهم في «الفيس بوك» مكاناً مختاراً! وفي هذا المحيط الصاخب الذي يختلط فيه الأدعياء بالجهلة بأنصاف المتعلمين، سنجد خليطاً عجيباً من الأفكار التافهة، والترهات والكتابات التي تدعي الحكمة، والتي تناقش كل الأمور من التسلح الذري إلى الإصلاح الاقتصادي إلى القواعد الأساسية للقيام بثورة جديدة تسقط النظام القائم الذي شيدته وفقاً لإجراءات ديمقراطية الموجة الثورية في 30 يونيو، وتصاعدت الصيحات الغوغائية لتصنع البديل! وقال بعض الشراح للمذاهب الغوغائية المقصود هو ليس من يحكم مصر، ولكن كيف ينبغي أن تحكم مصر! تأمل كم الادعاء في هذه العبارة التي تصدر عن مجموعات هائمة من الذين لا يملكون فكراً حقيقياً ولا رؤية مستنيرة، ومن هؤلاء الذين لم يفهموا على وجه الإطلاق التغيرات التي حدثت في العالم في الجوانب الدولية والسياسية والاقتصادية والثقافية. وحتى يزداد المشهد تعقيداً انضمت إلى كل هذه الفئات مجموعات من الشباب الأنقياء الذين تمت استثارة روحهم الوطنية وحبهم لبلادهم. غير أن هؤلاء جنى عليهم نظام التعليم المتردي. فهم لم يتعلموا شيئاً، ومعلوماتهم تافهة، وتربوا على تقاليد «العقل الاتباعي» الذي يصب أصحابه صباً حتى ينجحوا في الامتحان، ولم يتربوا على تقاليد «العقل النقدي» الذي يقوم على أساس قاعدة معرفية متينة، ويطرح كل شيء للمساءلة، ولا يسير أصحابه كالقطيع وراء الذين يسعون إلى هدم الدولة وتخريب المجتمع. ولا يعني ذلك كله أن الحكومة لم تخطئ في طرح موضوع الجزر، ولم تمهد لذلك منذ فترة طويلة في ظل نقاش هادئ تطرح فيه الحقائق التاريخية بغير مواربة، لكن هذا شيء ومحاولة إسقاط النظام وهدم الدولة شيء آخر. ومن الظواهر الملفتة حقاً أن بعض هؤلاء المعارضين عبروا عن معارضتهم داخل المجال العام الوطني، وهذا حقهم المشروع الذي لا جدال فيه، وإن كنا نتمنى أن تكون هذه المعارضة مبنية على فكر موضوعي لا شعارات جوفاء تتحدث عن الوطنية. غير أن بعض المعارضين انتهزوا زيارة رئيس فرنسا وتجمع بعضهم وذهبوا للقائه في مقر السفارة الفرنسية بالقاهرة، ليحرضوا على الدولة المصرية ويدعوا «أولاند» لعدم إكمال صفقة الأسلحة مع مصر وللضغط على الرئيس السيسي، وذلك باسم حقوق الإنسان المهددة في مصر! وهذه في الواقع تهم مرسلة ليس عليها أي دليل!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©