الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أخيراً··· كينيا من التأزم السياسي إلى الانفراج

أخيراً··· كينيا من التأزم السياسي إلى الانفراج
15 ابريل 2008 00:05
وأخيراً أعلن الرئيس الكيني ''مواي كيباكي'' يوم الأحد الماضي عن تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة، منهياً بذلك أسابيع من التأزم السياسي الذي هدد بإغراق البلاد في موجة جديدة من العنف، وبموجب الاتفاق بين الأطراف السياسية المتخاصمة تمكن حلفاء ''كيباكي''، الذي أُعلن الفائز في انتخابات شابتها الكثير من الأخطاء في شهر ديسمبر الماضي، من الحفاظ على الوزارات القوية مثل وزارتي المالية والخارجية، فيما تمكنت قوى المعارضة من انتزاع بعض المواقــع المهمة مثل وزارة الحكومة المحليـــة والزارعـــــة، وكما كان متوقعاً عُين زعيم المعارضة ''ريلا أودينجا''، الذي يعتبر نفسه الفائز في الانتخابات الأخيرة، رئيساً للحكومة المشكلة؛ ويبدو أن الطرفين معاً واجها ضغوطاً متصاعدة من الحكومات الأجنبية، وبخاصة من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الكينيين أنفسهم للتوصل إلى اتفاق ينهي أجـواء الاحتقان الخطيرة التي خيمت على البلاد منذ شهر ديسمبر الماضي· وفيما كانت الانتخابات الأخيرة تجري في جو هادئ، اجتاحت البلاد موجة دامية من العنف عقب الانتخابات وتفجرت صدامات خطيرة بين مؤيدي الحكومة وأنصار المعارضة، وقد أدى العنف المتنامي إلى سقوط ما لا يقل عن ألف قتيل ونزوح مئات الآلاف من منازلهم، كما تعرضت صورة كينيا، البلد الأفريقي الواعد والأكثر استقراراً، إلى ضرر بالغ، وبحلول شهر فبراير الماضي بدا أن الحكومة والمعارضة قد توصلا إلى اتفاق لاقتسام السلطة، لكنهما اختلفا حول توزيع المناصب على بعضهما البعض، وهكذا استغرق الوقت من الرئيس ''كيباكي''، وهو يقرأ على الجمهور لائحة الشخصيات والمسؤولين المشاركين في الوزارة يوم الأحد الماضي، أكثر من عشر دقائق بعدما وصل عدد الأسماء المشاركة سواء كوزراء، أو كمساعدين لهم الى 94 اسماً، وهو ما يعادل تقريباً نصف البرلمان الكيني لتصبح هذه الحكومة الأكبر من نوعها في تاريخ البلاد· وبسبب الصراعات التي تخللت عملية اقتسام السلطة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية والحاجة بالتالي إلى إرضاء مختلف جماعات المصالح، استحدث الرئيس العديد من المناصب العليا ذات الرواتب المرتفعة مثل وزارة تطوير شمال كينيا والأراضي القاحلة؛ هذا التوسع في عدد الوزارات أثار حفيظة المنظمات التجارية والجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان باعتبارها مناصب غير فعالة ومهدرة للمال العام، لا سيما في وقت مازال فيه الآلاف من الكينيين، الذين نزحوا من ديارهم، يعيشون في الخيام، لكن ''كيباكي'' دافع عن الحكومة الموسعة التي اعتبرها ضرورية لتطور البلاد وإرساء الاستقرار، وقال في خطاب تليفزيوني يوم الأحد الماضي مبرراً خطوته ''دعونا نترك السياسة جانباً ونبدأ في العمل، دعونا نشرع في بناء كينيا جديدة، حيث العدالة هي درعنا، وحيث السلام والحرية والرخاء سيسود البلاد''، ومــع ذلــك قالت المعارضة بعد تشكيل الحكومة إنها تشعر بخيبة أمـــل لأنهــــا لم تحصـــل على القـــدر الكافي من المواقع المؤثرة التي كانـــــت تتطلــــع إليها، وقد أوضح هـــــذا الأمر ''سليم لون'' -المتحدث باسم زعيم المعارضة ''أودينجا''- قائلا: ''إننا قررنا بأن الأهم في هذه المرحلة هو تشكيل حكومة، فالبلاد غارقة في الفوضى والجوع والاضطراب''· وقد أرجع ''لون'' الإسراع بتشكيل الحكومة يوم الأحد المنصرم إلى الاحتجاجات التي نظمتها قوى المعارضة في مختلف أنحاء البلاد في الأسبوع الماضي بسبب التأخير في اقتسام السلطة وإنهاء حالة الفوضى، وأكد المتحدث باسم زعيم المعارضة أن الاتفاق الأخير حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية تم التوصل إليه في لقاء مغلق يوم السبت الفائت جمع بين ''كيباكي'' و''أودينجا'' ودام سبع ساعات، وتواجه الحكومة تحديات جسيمة واحتياجات متعاظمة يتعين تلبيتها، لكن كينيا تبقى في كل الأحوال بلداً فقيراً يشهد نمواً سكانياً متزايداً تتجلى بعض مظاهره في انتشار السكن غير اللائق في ضواحي المدن، وتراجع مساحات الأراضي المتوفرة، والأخطر من ذلك الانقسامات الإثنية التي طفت على السطح بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة وما شابها من قتل وتهجير، بالإضافة إلى الأضرار الاقتصادية التي لحقت بالبلاد نتيجة إحراق الشركات والمعامل والمدارس، وتراجع ثقة المستثمرين، فضلا عن تضرر القطاع السياحي· لذا ليس غريباً في ظل التحديات الكبيرة التي تنتظر الحكومة الكينية الجديدة أن يستريب الكينيون من قدرتها على حل المعضلات الأساسية للبلاد، فبرغم مظاهر الاحتفال التي استُقبل بها نبأ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في الشوارع، إلا أن المزاج العام كان هادئاً ومتشككاً، وفي هذا الإطار يقول ''وامبوا كيلونزو'' -أحد المحامين في العاصمة نيروبي-: ''لا أعتقد أن الهدوء سيستمر طويلا بعد كل الدماء التي أريقت، فكل شيء تحقق إلى حد الآن كان عبر قوة السلاح''، لكن ما بدا أنه أزعج الكينيين أكثر هو الحجم الكبير للحكومة المشكلة، حيث صرح ''سيموني بيروندو'' -رئيس إحدى منظمات مكافحة الفساد- قائلا: ''لقد خُدعنا، نحن في حاجة إلى حكومة صغيرة لا تستنزف الموارد الوطنية''، وقد عبر عن نفس الرأي ''مايني كيا'' -رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان- عندما وصف الحكومة الموسعة ''بالإهانة''، مضيفاً: أن ''السياسيين لا يهتمون إلا بمصالحهم الخاصة، ففي الوقت الذي نشحذ فيه المال من دول العالم لإطعام أطفالنا، يتم استغلال أموال الضرائب لشراء المنازل الفخمة والسيارات الفارهة، نحن اليوم نتكلم عن كينيا جديدة، لكن بدلا من التقدم إلى الأمام، هنا تراجع إلى الوراء''· جيفري جيتلمان-كينيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©