الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنوب أفريقيا... حكومة «زوما» على الِمحك

جنوب أفريقيا... حكومة «زوما» على الِمحك
12 مايو 2009 02:32
عين الرئيس الجديد لجنوب أفريقيا، جاكوب زوما، يوم الأحد الماضي حكومته للفترة القادمة، فكانت أبرز قراراته نقل وزير المالية الذي يحظى باحترام واسع إلى موقع جديد سيحتفظ من خلاله بدور مهم في إدارة دفة الاقتصاد والسير به على نهج يُطمئن المستثمرين الدوليين. والحقيقة أن قرار نقل «تريفور مانويل» الذي أصبح رمز الأداء الاقتصادي الباهر لجنوب أفريقيا خلال الـ13 عاماً الماضية انطوى على حساسية كبيرة بالنسبة لزوما، لاسيما بعدما تسببت شائعات تسربت في السنة الماضية عن استقالته في انخفاض قيمة عملة جنوب أفريقيا، «الراند». لذا وتفادياً لأية مشاعر سلبية قد تنجم عن إزاحة «مانويل» من منصبه قرر «زوما» تنصيبه في موقع أقوى ليتولى مهمة التخطيط الاستراتيجي للسياسة الاقتصادية للحكومة، فضلا عما يتيحه له المنصب الجديد من مهام التنسيق بين الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة. وقد أدلى «زوما» في هذا الإطار بتصريح أمام الصحفيين قال فيه: «لقد أُسند للرفيق تريفور مانويل منصب جديد وقوي في الوقت نفسه سيبلور من خلاله خطة وطنية للحكومة». وجاء هذا القرار بعد المخاوف التي سيطرت على المراقبين الجنوب أفريقيين من أن يعين «زوما» حليفاً يسارياً في موقع اقتصادي حساس كرد للجميل بعد وقوف اليسار إلى جانبه في حملته الانتخابية، لكن «زوما» خالف التوقعات وعين في وزارة المالية «برافين جوردهان»، رئيس مصلحة الضرائب السابق، الذي أشرف على إحداث تغيير جوهري في المصلحة ونجح في جلب الملايين من أموال الضرائب إلى خزينة الدولة، ومع أن «زوما» توقع ترحيب الأسواق العالمية بالتعيينات الجديدة، إلا أنه لم يفوِّت فرصة التعليق بسؤال في تصريحه بهذا الشأن للصحفيين «من يستطيع التنبؤ بالأسواق؟». ولتهيئة الرأي العام والتخفيف من وقع التغييرات حرص على تسريب أنباء التعيينات الجديدة إلى الصحافة أولا قبل إعلانها رسمياً، وهو ما طمأن رجال الأعمال حسب «أليد راسل» الخبير في شؤون جنوب أفريقيا، موضحاً ذلك بقوله: «سيتنفس المستثمرون الصعداء لأن زوما على ما يبدو يريد الحفاظ على السياسات الاقتصادية كما هي في خطوطها العريضة»، ويضيف «راسل» أن «زوما» يسعى إلى طمأنة رجال الأعمال وإقناعهم بأنه ليس ذلك السياسي الشعبوي كما ظهر في حملته الانتخابية، وبأنه واعٍ ومدرك لانشغالات قطاع الأعمال، ولن يتخذ أية قرارات تضر بالمصالح الاقتصادية لجنوب أفريقيا. وهذا الطرح يؤكده «ويليام جوميد»، المحلل السياسي، بقوله: «لقد نجح زوما في اختبار الوزارات الاقتصادية ويعني ذلك أنه يريد الدفع بالاقتصاد قدماً باعتبار ذلك الموضوع الأهم الذي يتصدر باقي الأولويات». ويرى المحلل «جوميد» أن «مانويل» سيكون أقوى رجل في الحكومة بعد «زوما» ونائبه «كجاليما موتلانتي»، وهذا الأخير تولى الرئاسة لفترة قصيرة بعدما أطاح مؤيدو «زوما» بالرئيس السابق تامو مبيكي وأزاحوه من رئاسة حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» شهر سبتمبر الماضي. وفي لقائه مع الصحفيين أكد «زوما» رغبته في إدخال تحسينات جوهرية على الخدمات الحكومية خلال الخمس سنوات المقبلة قائلا: «نشدد على أننا لن نتسامح مع الكسل وانعدام الكفاءة، وبأننا سنركز على ثقافة التميز والإنجاز». ولكن مع ذلك تتباين آراء المحللين حول قدرة حكومة «زوما» الجديدة والتعيينات التي أدخلها في إحداث الأثر المرغوب وتطوير الخدمات الحكومية. فبعد 15 عاماً في السلطة فشل «حزب المؤتمر الوطني الأفريقي» بشكل واضح في التقليص من معدل الفقر المرتفع وخفض نسبة البطالة العالية، بل وأخفق أيضاً في تخريج عدد كاف من المهنيين للنهوض بالأعباء الاقتصادية، إذ في الوقت الذي تتوفر فيه جنوب أفريقيا على عدد كبير من اليد العاملة غير الماهرة ما زالت تفتقد المهنيين المتخصصين. ووفقاً للمحلل السياسي المذكور «جوميد» فقد بعث «زوما» عبر تعييناته الجديدة برسائل متضاربة، فهو إن كان قد سعى إلى طمأنة رجال الأعمال والمستثمرين، إلا أنه حرص أيضاً على إرضاء بعض فصائل الحزب بتعيينه حلفاء في مناصب قيادية، مؤكداً أن التعيينات لن تساهم بقدر كبير في تحسين جودة الخدمات الحكومية كما يتوقع البعض. وفي هذا الإطار تم تعيين وزير الخارجية السابق «نكوسزانا دلاميني- زوما» لإدارة وزارة الشؤون الداخلية التي تعاني من اختلالات كبيرة وسبق أن انتقدتها الولايات المتحدة مؤخراً لفسادها وسوء إدارتها، ويعبر «جوميد» عن ذلك بقوله: «يرى الناس في وزارة الشؤون الداخلية نموذجاً حياً لانعدام الكفاءة، وهي وزارة مترهّلة تحتاج لإصلاح عاجل بدءاً من مصلحة الجوازات وليس انتهاء بالمصالح الأخرى التي تقدم خدمات للمواطنين». بيد أن الخبير «أليد راسل»، يخالف تلك التوقعات المتشائمة معتبراً أن تعيين «مانويل» على رأس التخطيط الاستراتيجي للحكومة يدل بوضوح على رغبة «زوما» في تحسين الخدمات الحكومية والارتقاء بها بعد فترة الارتباك التي سادت عهد الرئيس السابق تامو مبيكي، قائلا: «إنه قرار مهم لأن من الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها الحكومة السابقة عجزها عن ترجمة الوعود إلى حقيقة ملموسة يستفيد منها المواطن الجنوب أفريقي»، ومازال المراقبون ينتقدون أداء حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» فيما يتعلق بالرعاية الصحية، لاسيما فشله في توفير الأدوية المناسبة لمرضى الإيدز، مشددين على الحاجة الملحة لمعالجة هذا الأمر باعتباره جزءاً من الخدمات الحكومية التي يسعى «زوما» للارتقاء بها. روبين ديكسون- جنوب أفريقيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©