الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات نيبال··· رهان الانتقال الديمقراطي!

انتخابات نيبال··· رهان الانتقال الديمقراطي!
12 ابريل 2008 01:30
توجه النيباليون أمس الأول إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لأول مرة منذ الانتفاضة الديمقراطية عام ،2006 والتي رفضوا خلالها الحكم المطلق للملك ''جيانيندرا شاه''، وتم التوصل إلى اتفاق سلام أنهى عشر سنوات من التمرد الماوي· والانتخابات التي يشارك فيها النيباليون مختلفة عن أي انتخابات أخرى عادية، بحيث يختار الناخبون 601 عضو في الجمعية الوطنية التي سيُعهد إليها بصياغة دستور جديد للبلاد ينتظر منه أن يلغي المَلَكية ويدشن مرحلة جديدة في تاريخ البلاد تضعها على طريق الديمقراطية والانفتاح السياسي· ورغم اللحظات القوية والمفعمة بالمشاعر التي يُفترض أن يعيشها المواطنون بالنظر إلى ما ستقبل عليه بلادهم من أحداث هامة، فإن الأجواء العامة التي سادت العاصمة كتماندو طغى عليها القلق والترقب· فقد اجتاحت البلاد خلال الأسابيع التي سبقت موعد الانتخابات موجة من الحماس والحركة ظهرت بوضوح في حملات الأحزاب السياسية التي نظمت تظاهرات حزبية ووضعت مكبرات الصوت في الشوارع لحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات· والآن بعد انتهاء الحملة الانتخابية لم تسلم بعض المناطق من حدوث أعمال عنف بعدما أفادت التقارير بوقوع ثمانية قتلى· وللوقوف على السير العادي لعملية التصويت، قدِم مئات المراقبين الدوليين، وإلى جانبهم الآلاف من نظرائهم النيباليين الذين يشرفون على عشرة آلاف مركز للاقتراع· وتسهيلاً لعملية التصويت، أعلنت الحكومة عطلة رسمية طيلة الأيام الخمسة التي ستجري خلالها الانتخابات· لكن السؤال الذي دار على ألسنة بعض الأصدقاء في العاصمة هو: ''هل ستخاطر بحياتك للذهاب إلى التصويت؟''، وخاصة في ظل الصراع المتوقع على صناديق الاقتراع· ففي المعركة الانتخابية، يشارك ''الحزب الشيوعي في نيبال'' (الماويون) الذي شن في عام 1995 تمرداً دموياً خلف أكثر من 13 ألف قتيل، وألحق دماراً كبيراً بالاقتصاد· وبالاعتماد على معاقلهم القوية في المناطق الريفية، هاجمت عصبة الشباب الشيوعي، الشبيهة بالجيش الأحمر، مرشحي الأحزاب الأخرى والعاملين في الحملات الانتخابية· وبدلاً من مغازلة الناخبين وحثهم على التصويت لصالح الحزب الشيوعي، فضل ''الماويون'' التلويح بعصا التهديد لإرغام المواطنين على منحهم أصواتهم· وليس غريباً في هذا السياق أن يلجأ أفراد ''الحزب الشيوعي'' إلى ملء صناديق الاقتراع وتزوير النتائج· وبنفس الدرجة من الخطورة يأتي أنصار المَلَكية في نيبال، لاسيما أنه يتوقع من الجمعية الوطنية أن تلغي، في أول اجتماع لها، النظام الملكي الذي استمر 240 عاماً في البلاد· فقد أقام الملكيون المتشددون تحالفاً مع كبار ملاك الأراضي والمتطرفين الهندوس، بهدف إفساد الانتخابات ونشر مظاهر العنف· وفي هذا الإطار فجرت مجموعة سرية تدعى ''جيش الدفاع النيبالي'' أحد المساجد بغرض التحريض على العنف بين المسلمين والهندوس وتأجيج الفتنة الطائفية في البلاد، وتسري شائعات عن وجود انفجارات أخرى ومحاولات للاغتيال تشهدها البلاد· لكن بين هذين القطبين المتشددين، الماويين والملكيين المتطرفين، تشارك في الانتخابات مجموعة من الأحزاب الليبرالية واليسارية، أكبرها على الإطلاق ''حزب المؤتمر النيبالي''، يتبعه ''الحزب الشيوعي'' (عبارة عن اتحاد من الماركسيين واللينينيين) لكنه معتدل في توجهاته رغم الاسم الذي يحمله· ومع أن هذه الأحزاب المعتدلة لم تقم بما يكفي في السابق لحماية الديمقراطية من هجمات الأحزاب المتطرفة، إلا أن مجرد مشاركتها في الانتخابات الحالية وإمكانية اختيار الناخبين بين مرشحيها، أجج حدة التنافس الذي وصفته الجرائد النيبالية ''بالحمى الانتخابية''· وقد لا تكون الديمقراطية نظاماً مثالياً يستجيب لانتظارات المواطنين كافة، إلا أنها، وخلافاً للأنظمة الشمولية مثل الماوية والملكية، تحمل في ثناياها آليات تصحيح أخطائها ومراجعة مسارها· لذا فإنه رغم الأخطار المحدقة بعملية التصويت والعنف المنتشر، تشكل هذه الانتخابات فرصة حقيقية للبلاد لدخول مرحلة الاستقرار السياسي والانفتاح الديمقراطي· ومن المتوقع أن تعقب الانتخابات عملية إعادة التصويت في بعض المناطق التي سجل فيها تزوير، ناهيك عن المخاطر التي سترافق الإعلان عن النتائج· والخوف كله من ردود الأفعال التي ستعقب إعلان نتائج الانتخابات، وتحديداً من الماويين الذين يُخشى لجوؤهم إلى العنف، سواء في حال حصولهم على انتصار ساحق أو هزيمة مذلة· لذا علق أحد الأصدقاء قائلاً: ''سيكون مثالياً أن يحتل الماوييون المرتبة الثالثة، لأن ذلك سيحول دون سيطرتهم على الحكم، لكن في الوقت نفسه سيمنعهم من الرجوع إلى الحرب''· غير أن الخطر لن ينتهي بانتهاء الانتخابات وإعلان النتائج، بل سيستمر بسبب القضية الحساسة المرتبطة بإلغاء الملكية ومطالبة الملك بالتنحي، لاسيما أن ''جيانيندرا شاه'' متمسك بالعرش الذي يعتبره حقاً عائلياً اكتسبه منذ الولادة· ومع ذلك تبقى الصراعات الأشد هي تلك التي يتوقع أن تنشب حول مسألة صياغة دستور جديد للبلاد، إذ فيما تطالب المناطق الريفية النائية بنوع من الاستقلالية في إطار فدرالي، يشعر سكان العاصمة الذين تعودوا على دولة مركزية بأن تحوّل البلاد إلى ''ولايات النيبال المتحدة'' سيكون بمثابة نهاية للنمط القديم الذي لا يعرفون سواه· ورغم تباين الآراء حول المدة الزمنية التي سيستغرقها الانتقال الديمقراطي في نيبال، بين من يحصرها في ثلاث سنوات وبين من يمدها إلى خمس، يبقى الشيء شبه المؤكد هو أن البلد سيصبح ديمقراطياً في الأخير، وأن النيباليين سيتخلصون في النهاية من استبداد الماويين والسلطة الملكية· مانجوسشري تابا مؤلف كتاب انسوا كتماندو: في رثاء الديمقراطية ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©