الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بعضها تصل أروقة المحاكم

بعضها تصل أروقة المحاكم
12 مايو 2009 01:55
«الحقي ابنتك في المستشفى». كانت هذه هي الكلمات التي دفعت نورة لترك عملها والذهاب بسرعة إلى العيادة القريبة من مدرسة صغيرتها اليازية، لتجدها مغطاة بدمها تحيط بها المشرفات اللواتي يخبرن الأم بأن «ابنتك وقعت وهي تجري»، حملت الأم طفتلها وذهبت إلى مستشفى آخر، حيث خيط الجرح بثلاث غرز، وعرفت نورة حينها أن جرح صغيرتها كان بسبب ضرب تعرضت له على يد أحد الطلبة الكبار. تقول نورة الخييلي أم اليازية: صدمت جدا حين أخبرتني صغيرتي بأن طالباً ضربها، وأوقعها من الباص في غياب المشرفة، وحين راجعت المدرسة حاولت الادارة تبرير تقصيرها عبر استعراض أمجادها ومناهجها أمامي، للأسف. تتابع نورة بغضب: لم أرغب بتصعيد المشكلة مع إدرة المدرسة، خاصة أن خلافي لم يكن الأول معهم، ولم أكن راضية أبداً عن أسلوب تعاملهم مع أولياء الأمور والطلبة، كما أني اعتبرت الموضوع قضاءً وقدراً وآثرت عدم تشويش فكر ابنتي به. ولكن سكوتي كما يبدو انقلب عكسياً على صغيرتي التي تدرس في الصف الأول الابتدائي، لأنها عادت للمنزل بعد عشرة أيام بأنف مجروح وكدمة زرقاء على الوجه، بعد ضرب أحد الطلبة لها بحقيبته على وجهها! تتابع نورة: هذه المرة اتصلت مباشرة بمدير المدرسة الذي أبدى أسفه ووعدني بأنه سيتابع الموضوع في اليوم الثاني، «من النجمة» على حد تعبيره. « ويبدو أن المدير كان يقصد نجوم الظهر»، فهو لم يتصل أبداً حتى الساعة الواحدة ظهراً، عندما ذهبت أنا للمدرسة باحثة عن حل لمشاكل الضرب التي تتعرض لها صغيرتي. دعمت أم اليازية حديثها بتقرير صادر من مستشفى زايد العسكري، يؤكد أن اليازية أصيبت «بسحجات بالأنسجة الرخوة بالوجه أسفل العين اليمنى وعلى الأنف إثر اعتداء من أطفال آخرين». قضاء وقدر وفي نفس الموضوع قال أحمد عباس تركي( مدير المدرسة التي وقعت فيها اليازية): ما حصل للطالبة اليازية كان مجرد قضاء وقدر، وفي المرة الأولى التي وقعت فيها اهتممنا جدا كإدارة مدرسة بالطفلة، ورافقتها المشرفات إلى المستشفى إلى أن وصلت أمها، التي قدرّت الموقف يومها، ولم ترغب بالدخول في مشاكل مع إدارة المدرسة. أما الحادث الثاني الذي وقع بعد الأول بعدة أيام، فلم يكن مقصودا أبداً لأن الطفل الذي أوقع الحقيبة لم يكن من الطلبة المشاغبين، ولم يرغب بإيذاء زميلته، وحتى أن الطفلة نفسها قالت أن الحادثة حصلت من غير قصد. ونفى مدير المدرسة شبهة الإهمال قائلا: نحن كإدارة مدرسة نراعي طلبتنا كثيراً، ونوفر مشرفات في الحافلات المدرسية، وفي واقعة اليازية تحديداً بذلنا كل جهد ممكن لإرضاء الأم وإنهاء الخلاف، كما أننا اتخذنا تدابير داخلية في المدرسة لمنع تكرار ما حدث. (الغريب أنه لم يوضح ما هي هذه التدابير برغم سؤالنا عنها)! كسر في الذراع لم تكن اليازية سيف الخييلي أول طفلة تتعرض للضرب في المدرسة، فعبدالله حميد الطالب في الخامس الابتدائي تعرض للضرب أيضاً، تقول والدته: جاء للبيت متألماً تسبقه دموعه، يحيط به أصدقاؤه الذين يحملون كتبه، أخبرني بأنَّ أحدهم دفعه من الحافلة، ولم أملك إلا أن أصحبه للمسشفى لتشخص حالته بكسر في الذراع. حاولت والدة عبدالله التواصل مع المدرسة التي تجاوبت معها وعاقبت الطالب المخطئ، واعتذرت لها والدته، وتتابع: قبلت الاعتذار لأن الحادثة لم تكن مقصودة، لكن أعتقد أن مثل هذه المواقف يمكن أن تتكرر، لأن حافلة طلاب الاعدادية بلا مشرف أساساً، ولكني أعتقد أن غيري يمكن أن يلجأ للشرطة، وبالتالي تكبر مثل هذه المشاكل الصغيرة وتتحول إلى كابوس يلاحق الصغير. من القصص التي وردت أيضا حادثة ضرب تعرض لها الطالب في الصف الأول الثانوي خالد محمد، ويقول: هذه القصة حصلت لي العام الماضي، فقد كنا عائدين للمنزل بعد انتهاء الدوام المدرسي، وحدث خلاف بيني وبين زميلي على مكان الجلوس، وعندما كنت أهم بالنزول من الحافلة أقدم ذاك الزميل على غرس قلم حبر في رأسي، وبالطبع ذهبت للمستشفى، وحصلت على خياطة للجرح، ولكن أهلي اعتبروا الموضوع بسيطاً، خاصة وأن من ضربني هو ابن أحد الجيران، ولم يرغبوا بإبلاغ الشرطة. خالد الذي لم يرض إبلاغ الشرطة عن جاره، تعرض لموقف بسبب شجار مدرسي كاد أن يلقيه في مركز رعاية الأحداث، يتابع خالد: كانت مشكلة بسيطة بين أخي الصغير وأحد أبناء الجيران، ضرب ابن الجيران أخي في المدرسة بقطعة معدنية، وحين عاد أخي متألما للمنزل، ذهبت أنا للبحث عمن ضربه مع شقيقي الأكبر، وحين التقينا به دار بينا شجار كلامي، انتهى بأن لكم أخي الأكبر ذاك الفتى على أنفه. وفي نفس الليلة – يتابع خالد- حضرت الشرطة للمنزل واصطحبوني ثم كبرت المشكلة، لأن والد الفتى لم يرض بأي شفاعة تقدم بها أهلي (مع العلم بأنه جار لنا) . ومع مضي الأيام، يقول خالد: أصبحت تلك المشاجرة قضية جنائية تحولت للنيابة ثم المحكمة، ولولا الطعن والاستئناف لكنت الآن في مركز رعاية الأحداث» بالطبع ما حصل لخالد علَّمه أن لا يدخل في أي شجار مهما كان مظلوماً فيه. رأي الاجتماعيين تقول الأخصائية الاجتماعية موزة خادم المنصوري: مشاجرات الطلبة أمر يحصل في كل المدارس، لكن مدى تكرار الشجار يختلف من مدرسة لأخرى. وعادة ما تكون هناك مجموعة من الطلبة ذوي السلوك العدواني هم من يفتعلون هذه المشاجرات، ويمكن تمييزهم بسهولة منذ بداية العام، هذا التمييز الذي تقوم به إدارة المدرسة يمكنها من السيطرة على سلوك الطالب الانفعالي وتوجيهه بالشكل الصحيح. تتابع موزة: عادة ما يحاول الأخصائي الاجتماعي البحث عن الأسباب التي تشحن الطالب بالعدوانية، فربما يكون هذا الطالب ضحية عنف أسري سواء كان لفظياً أو بدنياً، من أحد والديه أو إخوته الكبار ربما، مما يحمله شحنة سالبة يفرغها عبر افتعال المشاكل أو تحطيم الأغراض في المدرسة. وتتابع موزة: ربما يكون الطفل أيضاً من مدمني الألعاب الالكترونية «البلاي ستيشن» أو الرسوم المتحركة التي لا تحل المشاكل فيها إلا بالعنف. بعد معرفة الأسباب يتوجه الأخصائي الاجتماعي لمخاطبة الأسرة عبر الاجتماع بولي أمر الطالب ومحاولة التعاون معه على تهدئة الصغير، وفي هذه المرحلة يتم إشراك الطفل الغاضب دوماً في الجماعات المدرسة، لأن تحميله المسؤولية يخفف قليلاً من عدوانيته تجاه الآخرين. كما أن هناك إمكانية للتعاون مع اختصاصي نفسي للحالات الشديدة، أو حتى تحويل ملف الصغير إلى المنطقة التعليمية ثم لإدارة الدعم الاجتماعي التي تتولى متابعة أسباب عنف الطفل بطريقة رسمية مع أهله. وعن إجراءات المدارس في حال حدوث اعتداء على أحد الطلبة تقول موزة المنصوري: في حال وقعت أي إصابة نتيجة شجار يجب في البداية إسعاف المصاب بشكل سريع، ثم إبلاغ أولياء أمور الطالب المصاب والمعتدي على حد سواء، بعد ذلك نتخذ إجراءً إدارياً بحق الطالب، فيحرم مثلاً من حضور الدروس لعدة أيام تقررها الادارة، أو يحرم من بعض النشاطات المدرسية كالرحلات، والحسم من درجات السلوك، وفي كل الأحوال نحاول احتواء غضب أهل المصاب وإنصاف المظلوم من الطرفين.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©