الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الممارسات الاحتكارية بسوق الحديد تهدد قطاع البناء في مصر

الممارسات الاحتكارية بسوق الحديد تهدد قطاع البناء في مصر
16 فبراير 2013 21:47
محمود عبدالعظيم (القاهرة) ـ حذر متعاملون في سوق البناء والتشييد المصري، من عودة الممارسات الاحتكارية إلى سوق حديد التسليح، على ضوء تحركات من بعض رجال الأعمال والشركات تجسدت في صفقات قيد التنفيذ مما يهدد قطاع البناء والتشييد في مصر. وكشفت هذه التحذيرات عن ضعف المؤسسات والجهات الرقابية وخضوعها للضغوط من جانب جماعات المصالح وبعض أصحاب المصانع الى جانب ظهور تحالفات جديدة بمساندة رؤوس أموال خليجية - قطرية على وجه الخصوص- تسعى الى إعادة رسم خريطة سوق الحديد والسيطرة على حصص إنتاجية كبيرة تمهد لظهور قوى احتكارية تتحكم في الأسعار والكميات المطروحة من الحديد في الأسواق. وتأتي هذه التحذيرات وسط موجة متزايدة من ارتفاع أسعار حديد التسليح الذي يشكل نحو 30? من التكلفة الإجمالية للإنشاءات - حيث تجاوز سعر الطن حاجز 5500 جنيه بارتفاع 25? مقارنة بمتوسط أسعار الحديد في منتصف العام الماضي. ولعبت عوامل عديدة دورا ملموسا في ارتفاع أسعار الحديد منها انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار والارتفاع النسبي في تكلفة الإنتاج بعد تحرير أسعار الطاقة للمصانع إلى جانب النمو الكبير في معدلات الاستهلاك بفضل موجة التشييد الكبرى التي شهدتها معظم محافظات الجمهورية على خلفية حالة الانفلات الأمني والبناء في الأراضي الزراعية واستمرار الاختناق في شبكات التوزيع التي ساهمت في خلق فروق سعرية بين سعر الطن في المصانع وسعر بيعه للمستهلك بلغت نحو 600 جنيه للطن في بعض الأحيان. وأمام هذه الموجة المستمرة من ارتفاع سعر الحديد بادرت وزارة الصناعة والتجارة الخارجية المصرية بالسماح باستيراد الحديد خاصة من تركيا والسعودية إلا ان أصحاب المصانع مارسوا ضغوطا مكثفة على الوزارة تستهدف غلق باب استيراد الحديد أو فرض رسم إغراق على كل طن وارد من الخارج في حدود 200 جنيه. تحالفات وصفقات ويرى خبراء اقتصاديون في صناعة الحديد أن ما تشهده السوق حاليا من تحالفات وصفقات غير معلنة في بعض الأحيان يمهد لظهور كيانات احتكارية جديدة لن تسمح بتطبيق سياسات اقتصادية جديدة وهو ما ظهر في شهر ديسمبر الماضي عندما فشلت وزارة البترول في تمرير قرار برفع أسعار المازوت لمصانع الطوب والأسمنت حيث هددت مصانع الأسمنت التي يتم تشغيل أفرانها بمادة المازوت بوقف الإنتاج مما دفع وزارة البترول إلى تأجيل تطبيق القرار. ويتوقع أن يتكرر المشهد في سوق الحديد إذا أرادت الحكومة توجيه سياسات التسعير لتصبح اكثر توازنا وحتى لا تعطل هذه الأسعار المبالغ فيها العملية التنموية في البلاد لاسيما وان عملية التنمية ترتكز بصفة عامة على تسارع العملية الإنشائية. وقال الخبراء إن السماح بظهور كيانات احتكارية جديدة في سوق الحديد سوف يشكل عبئا على الموازنة العامة على المدى البعيد خاصة في حالة ارتفاع تكلفة مشروعات البنية الأساسية من طرق وكبار ومدارس ومستشفيات يتم تنفيذها من باب الاستثمارات العامة في الموازنة. ويطالب الدكتور احمد مطر رئيس الاتحاد العربي للتنمية العقارية بضرورة انتهاج سياسات حكومية جديدة هادفة لمواجهة الاحتكار وتحجيم الممارسات الاحتكارية خاصة في مجالات إنتاج السلع الحيوية وفي مقدمتها الحديد والأسمنت والأسمدة حيث تؤثر هذه السلع إنتاجا وتسعيرا وتوزيعا على قطاعات واسعة. وقال انه في مقدمة المطالب إعادة النظر في قانون تشجيع المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بحيث يصبح اكثر حسما في مواجهة الممارسات الاحتكارية المتوقعة في الفترة القادمة على خلفية ظهور طبقة جديدة من أصحاب الاستثمارات وان تتم إعادة تعريف الاحتكار وتحديد الحصة التي يمكن اعتبارها احتكارا بحيث لا تزيد على 25? من حجم الانتاج الكلي للسلعة وليس 40? كما هو حادث في القانون الحالي. وأضاف “الخطوة الثانية فتتمثل في ضرورة إعادة هيكلة الجهاز الرقابي المختص وهو جهاز منع الممارسات الاحتكارية بحيث يجري دعم هذا الجهاز بكوادر اكثر تأهيلا وقدرة على رصد الممارسات الاحتكارية والتعامل معها وتوسيع نطاق ولاية الجهاز على الأسواق ومنحه سلطة تحريك الدعاوى القضائية ضد المحتكرين من دون العودة للوزير المختص حتى لا يتم تسييس مثل هذه القضايا الاقتصادية الخالصة”. إضافة إلى غل يد الحكومة عن التدخل في توجيه التعامل مع ملف الاحتكارات لأن هذه الممارسات الاحتكارية تزيد حدة الازمة الاقتصادية بالبلاد. الموقف الحكومي ورغم المقاومة التي تبديها وزارة الصناعة والتجارة في مواجهة هذه الضغوط فإن التحالفات الجديدة في سوق الحديد ربما تسفر عن تعديل الموقف الحكومي في المدى القصير. هذه التحالفات الجديدة بدأت منذ طرح 6 تراخيص لإنشاء مصانع جديدة لإنتاج حديد التسليح في مصر توزعت على ثلاثة مستثمرين مصريين ومثلهم من المستثمرين العرب وكانت تستهدف تفكيك الاحتكارات التي كانت ولا تزال في سوق الحديد بسبب استحواذ الشركات العائد ملكيتها لرجل الأعمال أحمد عز، على حصة حاكمة في السوق الى جانب إيجاد قوى إنتاجية جديدة تلبي الاحتياجات الاستهلاكية المتزايدة من حديد التسليح. وبعد طرح التراخيص دخل مستثمرون جدد مع هؤلاء الذين حصلوا على التراخيص بدعوى زيادة رؤوس أموال المشروعات الجديدة في ظل إحجام البنوك عن ضخ تمويل لهذه المشروعات وهو ما تجسد في صفقة حديد المصريين - المملوكة للمستثمر المصري احمد ابوهشيمة - حيث دخل مستثمر قطري كبير شريكا بحصة كبيرة في المشروع. في الوقت نفسه بادرت الحكومة بطرح مشروع لتطوير وتحديث مجمع الحديد والصلب في حلوان- والذي تم إنشاؤه في الستينيات من القرن الماضي، ولا يزال مملوكا للدولة - بحيث يصبح عنصرا فاعلا في إنتاج حديد التسليح على مجموعة من المستثمرين القطريين عبر ضخ نحو ملياري دولار كاستثمارات جديدة في المجمع مما يعني تركيز العملية الإنتاجية في يد جهة استثمارية واحدة، وهو ما يعيد إنتاج آليات الاحتكار التي كانت سائدة قبل ثورة 25 يناير 2011. وتتزايد مخاوف عودة الاحتكار الى سوق الحديد على ضوء دراسات سوقية تشير الى إمكانية حدوث فجوة بين الإنتاج والاستهلاك في حدود 5 ملايين طن خلال السنوات القليلة القادمة لاسيما حال إطلاق مشروع المدن المليونية الثلاث التي تخطط لها الحكومة في مناطق الساحل الشمالي وشرق بورسعيد والوادي الجديد الى جانب إطلاق مشروع تنمية منطقة قناة السويس مما يشكل عبئا إضافيا على استهلاك الحديد، وبالتالي سوف تواصل الأسعار ارتفاعها لتمثل عبئا على تكلفة العملية الإنشائية بصفة عامة. ويعزز من هذا الاتجاه استمرار المخاوف من تراجع جديد لسعر صرف الجنيه أمام الدولار -الذي يتم به استيراد مادة البليت التي تمثل المادة الخام الرئيسية لإنتاج الحديد- حيث يدور السعر حاليا حول 668 قرشا، وتشير توقعات خبراء سوق الصرف إلى أن سعر الدولار ربما يكسر حاجز سبعة جنيهات خلال أسابيع قليلة مما سيؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع نسبي في تكلفة الإنتاج تنعكس سلبا على مستوى أسعار البيع للمستهلكين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©