الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زوار مهرجان قصر الحصن على بساط كرم الضيافة والعادات الأصيلة

زوار مهرجان قصر الحصن على بساط كرم الضيافة والعادات الأصيلة
25 فبراير 2014 11:25
لكبيرة التونسي (أبوظبي) - يشهد مهرجان قصر الحصن في أبوظبي من 20 فبراير إلى 1 مارس 2014، إقبالاً كبيراً، احتفاءً بتاريخ القصر وبقرون من الثقافة الإماراتية وتقاليدها، حيث يمنح زواره مساحة واسعة من الحرية لتذوق المأكولات الشعبية، والتجول بين كل بيئاته وحضور ورش العمل ومتابعة عرض «كفاليا» وغيرها من الفعاليات المخصصة للكبار والصغار، كما يمنح المهرجان زواره فرصة التعرف على تراث دولة الإمارات ويطلعهم على أسلوب العمارة ضمن أقسام معينة في القصر، وعمليات الترميم الجارية على هذا المعلم التاريخي البارز. وبالإضافة إلى الفعاليات الموزعة على كل أقسامه يقدم المهرجان أنشطة تتيح للجمهور، فرصة التقرب من ورش ذات طابع إماراتي للكبار والصغار في الأقسام كلها، وقد شهد المهرجان خلال اليوم المخصص للنساء والأطفال إقبالاً كبيراً على هذه الورش، حيث استمتع الجمهور بما يتيحه المهرجان من ترفيه وتثقيف وتعليم. وعندما يدلف الزائر إلى المكتبة الموجودة بالمجمع الثقافي، يجد نفسه في ساحة كبيرة تتسع لمئات الزوار، تقسم المكان إلى أربع مناطق، تضم كل منها أكثر من ورشة عمل تدار بأيدي طلبة مدربين على صناعة البرقع، وطلاء وصناعة الفخار، والألعاب الشعبية وصناعة السدو وصناعة العطور، إلى جانب معرض صغير يسمح للزوَّار بتجريب الأزياء الإماراتية للتعرف على الفروق بينها، وما يميزها عن غيرها. طابع إماراتي وقالت فاطمة غزال ضابط ورش عمل بقسم التعليم بهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ومسؤولة عن ورش العمل بالمهرجان الخاص بالمجمع الثقافي، إن التدريب مخصص في الفترة الصباحية لطلاب المدارس، الذين سيستفيدون من الورش ذات الطابع الإماراتي، وتضم منطقة الألعاب، حيث يتعلم الأطفال كيفية صنع الألعاب الشعبية باستخدام سعف النخيل والعبوات الفارغة والمواد الأخرى، كما يشتمل المكان على زاوية «اصنع دميتك يدوياً»، يتعلم المشاركون فيها كيفية صنع الدمى من القماش يدويا وإضفاء طابعهم الشخصي على إبداعاتهم، عبر اختيار مجموعتهم المفضلة من الأثواب التي تتنوع بين العباءات والشيلة والبرقع. وزادت غزال: أما ورشة صناعة الفخار للأطفال، فإنها تقدم خيارين للصغار إما طلاء وعاء معد مسبقاً أو صنع وعاء صغير باستخدام التقنيات التقليدية المعتمدة في المنطقة، وبجانب هذه الورشة هناك أخرى لصناعة الفخار المتقدمة. صناعات تراثية ولتعميم استعمال البرقع، فقد اعتمدت إحدى الورش على تثبيته على خيوط توضع في المعصم، لتحبيب هذا الجيل في الصناعات التراثية التقليدية، إلى جانب تعليمهم ذلك للقيام بصنعه بأنفسهم، وأضافت غزال في هذا الإطار: يتعلم المشاركون طريقة صناعة براقع، ستكون عبارة عن إكسسوارات تعلق باليد، وسلسلة للعنق، وذلك لاستخدامها وتقريبها من هذا الجيل، ليتوسع استعمالها، حيث نوفر كل الاحتياجات من خيوط وبراقع صغيرة من فضة، ليسهل تركيبها، ومن ميزة الورش أنها تسمح للمشاركين بالاحتفاظ بأعمالهم كهدايا، مشيرة إلى أنه تم تدريب طلاب الجامعات لمتابعة هذه الورش وتعليم الصغار والكبار تركيب وصنع البراقع، ليحظى كل مشارك بتجربة مميزة ويحتفظ بتذكار من نتاج عمله في الورشة. وعن ورشة صناعة العطور، قالت إن المدربات يعملن على توضيح طريقة خلط العطور، والبخور والدهون، بما يتلاءم مع الشخصية، إلى جانب خلط العطور بألوان العلم ليتم تقريب ذلك من الأطفال بما يتلاءم مع ميولهم ويجذب نظرهم، وتشكل المدربات أقراصاً على شكل ورود صغيرة لتحبيب ذلك للأطفال خاصة، وتقدم بقية الورش المتعلقة بالسدو والتلي خبرات ومهارات تعلمها كبيرات السن للمشاركات على الأخص إلى جانب الطالبات اللواتي أبدين رغبة في التعلم، بما سيجعل هذا الموروث صامدا أمام التغيرات ورياح العولمة. طائر الحبارى قرب المجمع الثقافي، التقت أعين الزوار مع قفص كبير يجمع ثمانية من طيور الحبارى، أثار فضول الصغار، فمنهم من أطلق على الطائر، النعامة الصغيرة، ومنهم من قال إنه عصفور كبير الحجم، مما دفع عزيزة محمد الحمادي، إلى توضيح المعلومات، بقولها إن المهرجان يشمل عرض هذا الطير، نظراً لأهميته في البيئة الصحراوية الإماراتية، حيث يعتبر من أهم الطيور التي تعيش في الصحراء، وتستعمل في صيد الصقور، فجسمها كبير، وساقاها طويلتان ورقبتها نحيلة، موضحة أنها من الطيور التي لا تستهلك الكثير من المياه، وتتأقلم مع الجو الصحراوي، أما عن الهدف من وجودها، فأشارت إلى أنه التعريف بها، لما لها من أهمية كبيرة بالنسبة للأجيال المعاصرة والقادمة. الواحة وألقت خيوط نور تسربت من بين سعف النخيل بضوئها، على مساحة واسعة افترشت بجلسات عربية تمثل بيئة الواحة، فأضفت على المكان بهجة، وسمحت للزوار من النساء والأطفال بتذوق مأكولات ومشروبات تراثية تقدم من خلال سلسلة من المطاعم الشعبية، بيئة اتسعت لتشتمل على النخيل والزرع والبئر، مما جعل الخضرة اليانعة تسر الناظر، وتستقطبه للجلوس والمكوث بأحضانها مدة طويلة، ليستمتع بما تقدمه من فعاليات، كركوب الجمال، وأخذ الصور التذكارية مع الصقور، والتجول في السوق الشعبي، وتذوق التمور ومعرفة أنواعها واستعمالاتها المختلفة، بما يمنح الزوَّار فرصة للاطلاع على العادات والتقاليد القديمة الخاصة بالواحة، التي تقدم على أيدي الأجداد والجدات وكذا على أيدي سفراء قصر الحصن، الذين تدربوا لتقديم معلومات وافية عن كل مكون من مكونات بيئة الواحات في الإمارات. وفي هذا الإطار، قال: محمد الحمادي «صقار» إنه سعيد بوجوده في أحضان قصر الحصن، خاصة أن كانه يأتيه سابقاً في عهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي كان يرافقه رحمه الله أيضاً في رحلات الصيد منذ سنة 1987، إلى باكستان، وسوريا، ومصر، والعراق، والجزيرة العربية، والمغرب، وغيرها من الدول، أما عن دوره في المهرجان فقال إنه يحاول نقل خبرته إلى الأجيال الصاعدة، وخبراته أيضاً للمهتمين من الشباب، لافتاً إلى أن تربية الصقور والصيد يشكلان متعة كبيرة بالنسبة له. «مبدعة» حاضرة في السوق الشعبي أدوات تخييم، وبهارات بأنواعها، أزياء إماراتية وتذكارات تراثية، توزعت على جانبي سوق شعبي امتد على مساحة طولية في بيئة الواحة، عرف مشاركات العديد من النساء والرجال، كل يعرض منتوجه وينتظر الزائر، حيث قالت مشاركة فضلت أن تذكر «بنت المهيري»، تنتمي إلى مبادرة «مبدعة» أنها ترغب في التعريف بما تقوم به من أشغال يدوية يدخل التلي في صناعتها، ومنها الأزياء التراثية، والمفارش، والهدايا، موضحة أن بعض المبدعات يلبسن من أزيائها. من جهتها، قالت صابحة الشامسي من مبادرة «مبدعة» فرع العين، التي تعمل على تزيين الدلال والفناجين برسومات إماراتية، إنها تطبق تقنية جديدة في الرسم على الدلال لإبراز التراث للناس وتقدم الدلال مزينة بالهيار والشاهد، وفناجين بالمرية، كما تعمل على طباعة أشياء تراثية على الأكواب، إلى جانب عرض العديد من الهدايا الصغيرة المصنوعة من الخوص. عفراء المزروعي تحن إلى الماضي رغم ما اعتراه من صعوبة تجوب بنظراتها في كل اتجاه، تحصي المارة وتتطلع إلى أشجار النخيل الباسقة أمامها، وكأنها تسافر إلى ماضيها القديم، تفرش أمامها العديد من أنواع التمر تستدعي الزوار لتذوقها، ولا تتوانى في شرح كل التفاصيل عنها، هي عفراء المزروعي التي تحن للماضي رغم ما اعتراه من صعوبة، وعن ذلك قالت: أنا من مواليد بر ليوا، وبوجودي في حضن قصر الحصن تذكرت تفاصيل حياتي الأولى وأنا صغيرة إلى جانب والدي ووالدتي حين كنا في منطقة ليوا. وأردفت: عبر قرون عديدة، كان البدو يقضون فصل الشتاء في البحث عن المرعى لحيواناتهم، وفي الصيف يعودون إلى مناطق الواحات المنتشرة في المناطق المنخفضة من الكثبان الرملية، لجني محصول البلح، كنا في حركة دائبة وراء الكلأ والماء، كنا نعتمد على ما تجود به الأرض بعد سقوط المطر من نباتات موسمية، أو ثمار بعض الأشجار المعمرة، وكنا نرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأرض، أذكر أن والدتي كانت توقظي في الساعات الأولى من الصباح، حيث نسرح الأغنام والإبل، وكنت أسحب الدلو من البئر وأملأ القربة، التي تصنع من جلد الماعز وأربطها بحبل على رأسي، ونرجع بها للبيت وهو مصنوع من سعف النخيل، وبعدها نعمل على جمع الحطب، الذي يكون من الجذر الخشن من شجرة الأرطى، التي نأكل أوراقها عن طريق خلطها مع الأرز، وهي أكلة يطلق عليها «مكيكة». وأوضحت أنها لم تكن تحسب الساعات إلا بحلول الليل وانقشاع النهار، وكانت تفرش من السراريد للأكل، أما الطعام فهو عادة يتكون من السمك المالح والأرز الأبيض، ترافقه أحياناً «مرقة» تتكون من بصل أبيض محمص أو من دون، إلى جانب دهن وملح، وأشارت إلى أن النخلة كانت استعمالاتها واسعة، فمنها يصنع البيت، ومنها الوقود، والحبال ومنها التمر والأكل بالإضافة إلى الحصير. وبعيداً عن حياتها، أشارت المزروعي إلى أن مشاركتها في قصر الحصن بعض مختلف أنواع التمور جعلها تتحدث عن ماضيها وتشاركه مع بعض الزوار إلى جانب الحديث عن أنواع التمور ومنها دباس، شيشي، اللولو، بومعان، زاملي، الفرض، برحي، مكنوز، وغيرها من التمور التي تضعها في الطاسات، وطبقات من الخوص. صغار ينشرون اللون الأخضر ويتعلمون العناية بالنباتات أحيط أحد الأركان بشجر الليمون، الذي أضفى رائحة جميلة على هذا المكان، حيث وقفت هيا خليفة القبيسي من سفراء قصر الحصن غير مبالية بالمارة، منشغلة بمساعدة الصغار على ملء أكواب صغيرة من البلاستيك بالتراب والسماد، بنادي الزراعة في مهرجان قصر الحصن، حيث يتعلم الأطفال طريقة الزراعة والعناية بالنباتات ورعايتها، ويسمح للطفل بالاختيار بين ثلاثة أنواع مختلفة من بذور أشجار محلية والتعرف على أهميتها. وتقود هيا القبيسي نادي البستنة أو الزراعة وتشرح للأطفال كيفية زرع النبتة وأهميتها وتساعدهم على خلط التراب بالسماد والقيام بريها وتوزيع مطويات تشتمل على العديد من المعلومات حول شجرة الغاف والظفرة وشجرة الأرطى على الأطفال للاحتفاظ بها. وقالت: نقدم للأطفال مساعدات للقيام بزراعة نبتتهم المفضلة، كما نقدم لهم نصائح عن أهمية الحفاظ على هذه الأشجار المكونة لبيئة الإمارات، ونبين لهم طريقة الاستبيان من خلال نماذج تم تجهيزها قبل انطلاق المهرجان بثمانية أيام، ونوضح لهم طريقة ري هذه النبتات بما يتلاءم مع طبيعتها الصحراوية»، مشيرة إلى أن الهدف من الورشة، التوعية بشجرة الغاف والأشجار الأخرى لحمايتها من الانقراض، وإذكاء الوعي بها لتظل على قيد الحياة، وأن شجرة الأرطى كانت توجد بجانب الكثبان الرملية أو على جانب الطريق، ثمارها صالحة للأكل، بحيث كان البدو يفرمونها وتضاف للأرز وتسمى هذه الأكلة «المكيكة». أما شجرة الظفرة التي تتوافر على خصائص استثنائية ويذكر أنها استخدمت في تضميد الجراح، واستعملت لتخيف آلام المعدة والتئام الجروح، بينما تعتبر شجرة الغاف الشجرة الوطنية لدولة الإمارات التي تنمو فيها، ويتم تشجيع الناس على زراعتها في حدائقهم عبر حملة «انقذوا شجرة الغاف» من أجل مكافحة التصحر والمحافظة على التراث. «السلال.. الحصير.. أغطية الطعام» مشاهد تزين الفعاليات تشتمل بيئة الواحة على ورش عمل للصغار والكبار والعديد من الزوايا، حيث يمكن للزوار التجول بين أصناف النباتات الصحراوية في الإمارات، والتعرف على تاريخها وخصائصها الطبية وفوائدها العلاجية في قسم نادي الزراعة، حيث يتعرف الأطفال على تاريخ وأصناف الحبوب وكيفية زراعتها، وكيفية استخدام كل جزء من شجرة النخيل بشكل اقتصادي ومفيد، حيث يمكن للزوار مشاهدة النساء الماهرات، وهن يصنعن السلال والحصير وأغطية الطعام. بحيث تعد شجرة النخيل رمزاً للواحة والحياة الصحراوية. كما يمكن للزوار مشاهدة أساليب تسلق أشجار النخيل باستخدام الحبال، ومشاهدة الخبراء في ركن الواحة وهم يصنعون الحبال، ويتعرف الزوار أيضاً على أصناف التمور التي استخدمها سكان الإمارات كغذاء لفترة من الزمان وأساليب تحضيرها التقليدية، إلى جانب وجود حظيرة الماعز الذي كان له دور في المناطق الصحراوية كمصدر مهم للحليب واللبن والشعر، حيث يسمح للأطفال بمشاهدة هذه الحيوانات والتعرف على فوائدها، كما أن السيدات يعلمن الزوار فن السف «عمل يدوي يعتمد على سعف النخيل». أطفال ينقبون عن الآثار في «الحصن» على الرمال الناعمة يتفاعل الصغار، حين تبحث أياديهم الصغيرة المليئة بالأتربة الناعمة، ووسط ضحكاتهم التي تتعالى بين حين وآخر، لحصولهم على قطع أثرية، يوجد الكثير من الأطفال في ورشة مقامة من خلال متابعة مجموعة من رجال الآثار الذين يشرحون للأطفال طريقة التنقيب والبحث. وتبين شيخة الجنيبي المشرفة على هذه الورشة أن الغاية من هذه الورشة هي تدريب الأطفال على اكتشاف الكثير من الآثار الموجودة في جزيرة أبوظبي قديماً، التي كانت تتنوع فيها الأدوات المستخدمة من الزراعة والبناء والتجارة، واختفت مع مرور الزمن ولم يحصل علماء التنقيب منها إلا على الميسور منها. وتضيف «تبلغ مساحة الورشة ما يقارب 400 متر، وهي مقسمة إلى أربعة أركان يبلغ كل واحد منها 2,5 متر في 2,5 متر، وكل ركن وضع فيه عدد من الآثار لكل بيئة، تنوعت بها جزيرة أبوظبي ما بين الصحراء والواحة والحياة البحرية والواحات. وتذكر أن الكثير من الأطفال تفاعلوا مع ركن البحث والتنقيب الذي يتسع لـ 8 أطفال، حيث حين يجد كل طفل قطعة أثرية يطلب منه البحث عن المزيد منها حتى يتم جمع ما يقارب 3 أشياء، بعد ذلك يقوم بكتابة اسمه على ورقة متضمنة تقريراً مفصلاً عما وجده، ليقوم أحد خبراء التنقيب بشرح كل قطعة وجدها واسمها وتقديم معلومات كافية ووافرة عن تلك القطع الأثرية، لتدخل تلك المواد في مرحلة المختبرات التي تقوم بفحصها ومعرفة تاريخها وعمرها واستخداماتها أيام زمان، بمعنى أنه يحصل المشارك على كل ما يتعلق بالآثار التي وجدها، كما يحصل في هذه الورشة على بطاقة عضوية لمشاركته في هذه الورشة. وأشارت إلى أن الورشة مفتوحة من الساعة الرابعة عصراً وحتى الساعة الرابعة عشرة، وهي متاحة لكل الأعمار ومن مختلف الجنسيات، وأنه منذ انطلاق مهرجان قصر الحصن يستقبل هذا الركن العديد من الأطفال الذين يتفاعلون مع هذه التجربة العملية لوحدهم ،من دون مشاركة أهاليهم الذين ينظرون إليهم بفرحة حين يحصلون على بعض الآثار القديمة. «الدعون» دخلت في صناعة المنازل «جص البحر» يعيش طويلاً بلا شروخ أو تصدع في الجدران هناء الحمادي (أبوظبي) - توضح «ورشة الدعون» التي تقع خلف أسوار قصر الحصن، أساسيات مواد بناء في القصر، حيث كانت تجلب من قاع البحر في جزيرة أبوظبي، وهو مأ أشارت إليه المشرفة على هذا القسم زهرة أحمد عمر من كلية الإمارات للتطوير التربوي، وهي تشرح لضيوف زوار مهرجان قصر الحصن المواد الأساسية لبناء قصر الحصن قديماً. وتقول: في الماضي كان المرجان وصخر وأصداف البحر هي المكونات الأساسية للبناء، حيث تُحرق هذه المواد الثلاث وتخلط مع ماء حلو لتصبح «جص البحر» وهو يشبه حالياً الأسمنت، وتعد هذه المواد من أقوى مواد البناء التي تستمر فترة طويلة من دون حدوث أي شروخ أو تصدع في الجدران أوفي أركان المنزل، وبعد أن تشكل عجينة من تلك المواد توضع الطبقة الأولى «جص البحر» ثم طبقة مرجان البحر الذي يمتاز بأنه عازل للحرارة في الصيف، وهذه المواد تستخدم لبناء المنازل قديماً وكانت عملية بناء المنزل تستمر شهوراً لإنجازها، حيث يعمل عليها ما بين 3 و6 أشخاص في الصباح والمساء، ورغم دقة البناء إلا أن الجميع لديه مهارة وحرفية في بناء المنازل، والتي تتكون من مجموعة من الغرف والمجالس والليوان. وتستطرد زهرة حديثها مبينة أن «الدعون» من الصناعات الأساسية التي دخلت في العديد من المنازل منذ القدم، خاصة تلك التي تقع في المناطق الجبلية والساحلية، وهي من الحرف التقليدية القديمة التي مارسها أهل الإمارات، للتغلب على صعوبات الحياة، وتوفير المأوى الذي يتحمل حرارة الصيف وبرودة الشتاء، إضافة إلى استخدامها في العديد من المرافق التي شُيّدت في الماضي، ولا يزال حضور بعضها لافتاً إلى يومنا الحالي. وأضافت وهي تشير إلى دعون ذات لون بني غامق مصطفة فوق بعضها بعضاً، في ورشة ضمن فعاليات المهرجان، أن صناعة «الدعون» تكون في بعض المواسم، خاصة الأيام التي يتم فيها «تكريب النخل» أي تقليمها بشكل سنوي، وبعد تكريب النخلة، يتولى المزارع فرز سعف النخيل «الخوص» حسب الحجم، ومن ثم تنظيف أطرافها من الشوك، وبعد عملية الفرز التي يتم فيها تقسيم السعف حسب الحجم والغرض المخصص له «الدعن»، يُنقل السعف إلى ساحة الزفانة، ويصب الماء عليه، وتسمى هذه العملية «التخريس»، إذ يترك لمدة يوم أو يومين في بعض الأحيان، حتى يصبح الخوص أكثر مرونة ولا يعود يتعرض للكسر أثناء عملية «الزفانة»، وكذلك الحال مع الحبال التي يتم نقعها في الماء حتى تصبح أكثر قوة، ولا تتعرض للقطع أثناء شدها على الخوص. وتواصل زهرة: يبدأ المزارع فرز سعف النخيل حسب أشكالها، حيث يقوم أولاً بتقسيمها إلى مجموعتين، إحداهما على اليمين والأخرى على اليسار، ويتطلب ذلك خبرة ودراية، خاصة أن بعض السعف غير مستقيم، وإن لم يصنف السعف بهذه الطريقة سينتج عن ذلك خلل وضعف في تماسكه. وتشير إلى أن هذه العملية تتطلب وجود مجموعة من الأشخاص، بين أربعة إلى ستة، حسب حجم الدعن المراد تصنيعه، ويمسك كل منهم أحد الحبال، ويتم صف «الزور» وربطه بالحبال بطريقة عكسية، أي يتم صف خوصة من جهة اليسار وأخرى من اليمين، وبعد الانتهاء من الدعن الأول، يشرعون في تنفيذ الذي يليه فوق الدعن الأول. وتستخدم الدعون في مجالات عدة، وتتنوع طريقة صناعتها حسب استخدامها. ويمكن وضعها على قواعد وسط المنزل، مرتفعة قليلاً عن الأرض يطلق عليها «المنامة» التي كانت تستخدم للنوم، في الأيام التي تشتد فيها الحرارة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©