السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإمام البويطي ثبت على موقفه ومات في السجن

17 فبراير 2012
(القاهرة) - الإمام البويطي أحد الأعلام من أئمة الإسلام، ومن أبرز علماء الشافعية، وكان من كبار أصحاب الإمام الشافعي الذين أحاطوا بعلمه ونشروا مذهبه وأضافوا إليه، وحقق مكانة علمية فريدة، أثارت حقد الكثيرين، فحرضوا عليه وسجن ومات ببغداد في محبسه والقيد في رجليه والحديد في عنقه. ويقول الدكتور عثمان عبدالرحمن الأستاذ بجامعة الأزهر ولد الإمام يوسف بن يحيى البويطي، وكنيته، أبو يعقوب، والملقب بسيد الفقهاء، في سنة 231 هـ/846، بقرية بويط بمحافظة بنى سويف بمصر، وقيل انه ليس من بويط لكنه كان يدرس كتاب البويطي فنسب إليه، وانه ولد بإحدى قرى محافظة أسيوط بصعيد مصر، وبدأ طلب العلم صغيرا بحفظ القرآن الكريم، وتلقى دروسه الأولى في الفقه والحديث والكلام والتفسير وغيرها من علوم الشريعة والعربية، ودرس في الأصل على مذهب الإمام مالك ثم تحول إلى المذهب الشافعي، بعد قدوم الشافعي إلى مصر وإقامته بها، وكان من أخص تلاميذه الملازمين له مدة حياته بمصر، فحمل عنه المذهب، وفاق الأقران وظهرت نجابته، وكان الشافعي يعتمد عليه في الفتيا ويحيل اليه إذا جاءته مسألة، وذكرت المصادر التاريخية أن رسول صاحب الشرطة جاء الى الشافعي يستفتيه فوجهه إلى البويطي، وقال: هذا لساني. ولما أجابه البويطي رجع السائل إلى الشافعي ليخبره بما أجابه به، فقال الشافعي هو كما قال. ولما حضرته الوفاة قالوا له من يخلفك في مجلسك؟، فقال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي منه وليس أحد من أصحابي أعلم منه. غزارة العلم وقال الخطيب البغدادي في تاريخه: لما مرض الشافعي مرضه الذي مات فيه جاء محمد بن عبدالحكم ينازع البويطي في مجلس الشافعي، فقال البويطي: أنا أحق به منك، وقال ابن عبد الحكم: أنا أحق بمجلسه منك، فجاء أبوبكر الحميدي، وكان في تلك الأيام بمصر، فقال: قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من يوسف بن يحيى وليس أحد من أصحابي أعلم منه، فجلس البويطي في مجلس الشافعي في الطاق الذي كان يجلس فيه. ولما جلس للتدريس مكان شيخه اشتهر بغزارة العلم وقوة الاجتهاد واستقامة في الدين، والحرص على جمع كتب الشافعى، وتخرج على يده أئمة تفرقوا في البلاد، ونشروا علم الشافعي في الآفاق. كان إماما جليلا عابدا متهجدا زاهدا ربانيا، دائم الذكر كثير التلاوة والعكوف على الفقه، متنوعا في صنائع المعروف، واثنى على علمه وفقهه وورعه وعمله العلماء، قال عنه أبو عاصم العبادي: كان الشافعي يعتمد عليه في الفتيا، ويحيل اليه إذا جاءته مسألة، واستخلفه على أصحابه بعد موته. وترك الإمام البويطي مصنفات فريدة في علوم الشريعة والفقه والتفسير أهمها «المختصر الكبير»، و«المختصر الصغير» وكلاهما في الفقه، و«الفرائض»، و«النزهة الذهبية». وروى عنه الربيع المرادي، وإبراهيم الحربي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وأبو محمد الدارمي، وأبو حاتم، وأحمد بن إبراهيم وآخرون. مكانة مميزة وبلغ الإمام البويطي مكانة كبيرة وفاق أهل زمانه علما وخلقا، ولكن هذه المكانة جرت عليه الأحقاد والمكائد، فقد حسده ابن أبي الليث الحنفى، قاضي مصر، على مكانته عند الشافعي وصيته ومنزلته بين الناس، فسعى به إلى الواثق بالله هارون بن محمد المعتصم وفي أيامه حدثت فتنة خلق القرآن، فأمر والي مصر بامتحان البويطي في القول بخلق القرآن، فامتحنه ولم يجب إلى ما أرادوه وامتنع عن القول بأن القرآن مخلوق، فأمر الواثق بحمله لبغداد في أربعين رطلا من الحديد، وقال الربيع بن سليمان: كان البويطي أبداً يحرك شفتيه بذكر الله، وما أبصرت أحدا أنزع بحجة من كتاب الله من البويطي، ولقد رأيته على بغل، وفي عنقه غل، وفي رجليه قيد، وبين الغل والقيد سلسلة حديد، وهو يقول: «إنما خلق الله الخلق بكن، فإذا كانت «كن» مخلوقة فكأن مخلوقا خلق بمخلوق، ولئن أدخلت عليه لأصدقنه- يعني الواثق- ولأموتن في حديدي هذا، حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم». التلاوة والذكر ومكث في محبسه ببغداد يتعرض للتنكيل والتعذيب يمضى وقته في التلاوة والذكر والختم، وذكر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتاب «طبقات الفقهاء» انه كان في سجنه يغتسل كل يوم جمعة ويلبس ثيابه حتى إذا سمع النداء لصلاة الجمعة مشى إلى باب السجن فيقول له السجان: ارجع رحمك الله. فيقول: اللهم أني قد أجبت داعيك فمنعوني. وروى الربيع انه دخل على البويطي أيام المحنة فرآه مقيداً إلى أنصاف ساقيه مغلولة يداه إلى عنقه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©