وجوه الأرز·· سيرة الحياة

أرز لبنان الخالد رغم شيخوخته يأبى السقوط، حتى تلك الأرزات التي غدر بها الزمن، واقتنص منها الحياة، ما زالت شامخة تتحدى· وها هي تطل على مدينة بشرّي مسقط رأس الفيلسوف اللبناني جبران خليل جبران في شمال لبنان بكبرباء، بعدما تحولت الى تحف فنية داخل أشجار ثلاث· الفنان اللبناني رودي رحمة، اختار هذه الأشجار وحولها الى تماثيل فنية رائعة، قل نظيرها، وأهَّلها للدخول إلى موسوعة جينيس للأرقام القياسية في العالم، حيث حوّل اليباس بإزميله الى حياة من نوع آخر· الحكاية بدأت صيف 1992 بعدما ضربت منطقة الأرز عاصفة هوجاء، أدت الى تضرر عشرات الأشجار الدهرية التي يفوق عمرها العشرة آلاف سنة (وفق تقديرات علماء الطبيعة) واختار الفنان رحمة الاشجار الثلاث لعمله بالاتفاق مع لجنة أصدقاء غابة الأرز، وهي أشجار غير مقتلعة، تتراوح في ارتفاعها ما بين 12 و 29 متراً، وتقف شامخة رغم هرمها، تتحدى الطبيعة وترفض الانحناء والسقوط على الأرض· وخلال 15 عاماً من العمل المضني تمكن الفنان رحمة من تحويل الأشجار بأغصانها وجذوعها الى أشكال ووجوه تتناول مسيرة الخلق، وتتماشى مع روحية الطبيعة، عبر الخلق الإلهي منذ آدم وحتى اليوم· وقال رحمة إنه ''أراد من خلال عمله أن يرى العالم لبنان بغير الصورة التي يراها عبر وسائل الاعلام لأن لبنان ليس صراعات وخلافات بين الأديان، إنما هو صورة فنية يجمع حوله كل فنون العالم''· ومن بين 1225 أرزة معمرة في غابة أرز بشرّي، تطل على ساحة لامارتين ثلاث أرزات كانت حتى الأمس القريب أشجاراً يابسة، فصارت اليوم منحوتات فنية رائعة· مع مطرقة الفنان رحمة الخشبية وأزميله، وحسه المرهف، تحوّل اليباس الى فن يشهد أن الانسان قادر إذا أراد أن يصنع المستحيل، ويحوّل اليباس الى لوحات فنية ليس لها شبيه في العالم، وهو يسعى الى دخول موسوعة جينيس للأرقام فهل يفوز في هذا الرهان؟