الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بلير ومحاربة التطرف

7 مايو 2009 01:57
بلير جاء إلى تورنتو في زيارة قصيرة نُظمت له ليخاطب ويدعو عدد محدود من الصفوة الكندية داعياً الى مشروعه المسمى بـ(منظمة توني بلير الإيمانية). جاء السياسي الذي كان حتى زمن قريب ملأ السمع والبصر، وذهب ولم يسمع بمجيئه وذهابه من تورنتو إلا عدد محدود من أهل الاختصاص والاهتمام. فالمكان الذي اختاره منظمو دعوته ومحاضرته (نادي كندا)، هو مركز صفوة الصفوة الكنديين الاجتماعي - السياسي. ورواده هم أعضاؤه. والصحافة وأجهزة الإعلام لم تولي زيارة رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق اهتماماً يذكر. والمشروع الذي تحمس له ودعا إليه بلير ليس فكرة جديدة ولا دعوة جديدة. من وجهة نظر الزعيم «العمالي» والعلماني السابق أن أصحاب الديانات والعقائد الدينية المسيحية والإسلامية واليهودية وأضاف إليها الهندوسية والسيخية والبوذية يجب أن يجتمعوا ويتشاركوا في العمل من أجل عالمنا هذا الذي يهدده التطرف العقائدي والمتطرفون العقائديون. وفي بداية ونهاية رسالة "المبشر" توني الذي يراه هو ويحس به يتكرر الحديث عن الخوف من التطرف الديني، وكمساهمة من المشاركين الكنديين في النقاش بعد المحاضرة، أضاف إلى خطر التطرف الديني الأمراض والأوبئة التي تهدد البشرية وبخاصة في أفريقيا. وفي رأي بلير أن أماكن العبادة التي لا تخلو منها قرية صغيرة أو مدينة كبيرة في أفريقيا هي أصلح المراكز لنشر دعوته ورسالته ويمكن أيضاً أن تستخدم كمراكز طبية إذ هي وذلك حق - أفضل استعداداً من المراكز الطبية التي تبنيها الحكومات الأفريقية والجمهور الذي يتردد عليها أكثر عدد من تلك المراكز. فكرة بلير قائمة على جمع أصحاب الديانات والعقائد الدينية تحت سقف واحد من أجل عمل يستخرج من الرسالات الدينية كل ما فيها من خير في مواجهة "الشر" الذي يمثله التطرف الديني. هذا التطرف ليس داء قاصراً على الجماعات الإسلامية المتطرفة. التطرف والمتطرفون ظلوا دائماً موجودين وفاعلين في جميع المجتمعات والجماعات الدينية قديماً وحديثاً. وصحيح قول بلير وخوفه المتكرر من ارتفاع حدة التطرف والعمل الإرهابي باسم الدين والخلافات الدينية في عالمنا في أواخر القرن الماضي. وليس من العدل والإنصاف التاريخي تحميل الإسلام والمسلمين أدواء هذا التطرف. كذلك ليس من العدل تحميل الإسلام ما يسميه العالم المتحضر اليوم بانتهاك حقوق المرأة. وليس من العدل والإنصاف للإسلام أن يحسب عليه التطرف، فالمتطرفون الهندوس مثلاً نظموا ونفذوا برنامجاً لإبادة المسلمين في ولاية جوجرات في عام 2002. والمتطرفون الصهاينة قتلوا وطردوا وحطموا منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية، وما يزالون يعارضون حتى حكومتهم في خطتها المتواضعة لإخلاء المستوطنات غير الشرعية، والسيخ الانفصاليون في الهند والأغلبية البوذية تُصفي بشكل واسع الأقلية التاميلية... الخ. ومع ذلك، ليس أمام العالم من طريق إلا أن يتوحد في بحث واجتثاث أسباب ارتفاع حدة التطرف الديني، فما دام كثير من الناس يشعرون بأن حقوقهم الإنسانية في العدل والمساواة والعيش الكريم مهددة، وما دام الأغنياء يزدادون غنا والفقراء يزدادون فقراً والأقوياء يسلبون حقوق الضعفاء، فإن مخاوف بلير من سيطرة التطرف العقائدي على حياتنا ستزداد حدة. الأمل ليس في "منظمة خيرية" جديدة يدعو ويعمل لها رئيس الوزراء البريطاني السابق (وهو نفسه كما يعرف أنه محسوب على الأقل في العالم الإسلامي والعربي من صناع هذه الأسباب). الأمل في دعوة حق شجاعة وعادلة تدعو العالم أن يعيد النظر في أوضاعه كلها، المالية والأخلاقية والطبيعية. دعوة يخطئ من يدعو لها ويعمل لها من خلال الأمم المتحدة ويكون قادر بقدراته الشخصية وقدرات دولته الكبيرة الوصول بهذه الرسالة المهمة العامة البشرية التي تهددها الأخطار، ولن يقتصر في الدعوة على صفوة الصفوة. عبدلله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©