الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أميركا تقود اقتصاد العالم إلى دوامة الركود

أميركا تقود اقتصاد العالم إلى دوامة الركود
27 ديسمبر 2007 23:03
في الوقت الذي تشير فيه الدلائل والمؤشرات إلى دخول اقتصاد الولايات المتحدة دائرة التباطؤ الحاد وربما الركود العام المقبل فإن السؤال الكبير هو من يستطيع الخروج من هذه الدائرة، فالخبراء الذين روجوا في البداية لمقولة إن اقتصادات أوروبا واليابان والدول الناشئة يمكن أن تأخذ بيد الاقتصاد العالمي بعيداً عن دوائر الركود والتباطؤ بدأوا الآن يتراجعون عن هذا الرأى مع انهيار سوق العقارات في الولايات المتحدة ويتحدثون عن احتمالات تحوله إلى أزمة اقتصادية عالمية· والحقيقة أن الأزمة الاقتصادية الراهنة في الولايات المتحدة تتجاوز دوائر المال والأعمال في وول ستريت حيث تدخل الولايات المتحدة العام المقبل سنة الانتخابات الرئاسية في ظل شكوك تحيط بأداء الاقتصاد وصعوبات بالغة تواجه أصحاب المنازل الأميركيين في سداد أقساط منازلهم في الوقت الذي يسعى فيه الحزب الديمقراطي الأميركي إلى استعادة البيت الأبيض بعد ثماني سنوات من سيطرة الحزب الجمهوري عليه من خلال الرئيس جورج بوش· ويقول كينيث روجوف الخبير الاقتصادي في جامعة هافارد الأميركية إن أداء الاقتصاد الكلي ليس هو الأمر المهم بمعنى أن تباطؤ أو تسارع وتيرة نمو الاقتصاد الأميركي خلال ثلاثة أو ستة أشهر مثلاً لن يكون العامل المؤثر على أداء الاقتصاد بشكل عام والأهم هو ثقة المستهلكين الأميركيين في الاقتصاد ورؤيتهم لمستقبله لأن الاقتصاد الأميركي يعتمد على الإنفاق الاستهلاكي بشكل أساسي لتحقيق نمو حقيقي· وأضاف روجوف أن ما يحدث الآن هو ''شعور عام بالركود·· واعتقد أننا الآن في مواجهة عامين من تباطؤ النمو بالولايات المتحدة''، وعندما تفجرت أزمة خسائر القروض عالية المخاطر في قطاع التمويل العقاري بالولايات المتحدة في أغسطس الماضي كان تباطؤ الاقتصاد الأميركي فى عام 2007 قد أصبح أشد مما كان عليه منذ عام، ثم ازدادت حدة الأزمة في ظل دخول عوامل أخرى ذات تأثير أكبر على الاقتصاد الأميركي ككل مثل ارتفاع أسعار النفط العالمية إلى مستويات قياسية وظهور بوادر أزمة سيولة نقدية عالمية في ظل تردد الكثير من البنوك في تقديم قروض جديدة بسبب خسائرها الناجمة عن القروض العقارية عالية المخاطر· وفي أكتوبر الماضي عدل صندوق النقد الدولي توقعاته بشأن نمو الاقتصادين الأميركي والعالمي لعام 2008 حيث خفض توقعات نموه الاقتصادية، ومنذ ذلك الوقت فإن أغلب ''الأنباء الاقتصادية أصبحت سيئة'' على حد قول سيمون جونسون كبير خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي· وقد شهدت الشهور الماضية جهوداً حثيثة من جانب البنوك المركزية الكبرى في العالم لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية، فقد خفض مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأميركي سعر الفائدة ثم قام بضخ كميات كبيرة من الأموال السائلة إلى أسواق المال وهي الخطوة التي أقدمت عليها بنوك مركزية كبرى أخرى في العالم بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان المركزي وبنك إنجلترا المركزي بهدف احتواء أزمة السيولة النقدية في النظام المصرفي العالمي· ويقول جونسون إن كل ذلك يشير إلى حجم الصعوبات التي تنتظر الاقتصادين الأميركي والعالمي العام المقبل، وعلى مدار عام 2007 تردد الحديث عن قدرة الاقتصادات الناشئة وبخاصة الكبرى منها مثل الاقتصادين الهندي والصيني على الابتعاد عن دائرة التأثير السلبي لتباطؤ الاقتصادات الغنية· وبدا الأمر مقبولاً بصورة ما في ظل نجاح تلك الاقتصادات الناشئة في الظهور كقوى شرائية قادرة على الإبقاء على دوران عجلة الاقتصاد العالمي، ولكن الخبراء يعتقدون أنه من غير المحتمل نجاح عملية ''فك الارتباط'' بين الاقتصادات الناشئة والاقتصادات الغنية خلال العام المقبل· ويقول صندوق النقد الدولي إن ارتفاع أسعار الطاقة وتراجع توقعات نمو الاقتصادات في الدول الغنية يمكن أن يقلصا احتمالات نمو الاقتصادات الناشئة، فرغم كل شيء مازال الاقتصاد الأميركي يشكل حوالي ربع اقتصاد العالم ومازال المستهلكون الأميركيون يشكلون السوق الرئيسية للكثير من الاقتصادات مثل اليابان والصين· ويقول روجوف إن احتمالات ''فك الارتباط ضعيفة ولذلك فإذا تعرض الاقتصاد الأميركي لتراجع كبير فإن الأمر سيكون مؤلماً لكل اقتصادات العالم''؛ أيضاً من الصعب على الاقتصادات الأوروبية الخروج من دائرة التباطؤ في ظل الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الأميركي وارتفاع سعر اليورو وارتفاع أسعار الطاقة، لذلك فقد خفضت مؤسسة مورجان ستانلي المصرفية الأميركية توقعاتها بشأن نمو اقتصادات منطقة اليورو التي تضم 13 دولة من دول الاتحاد الأوروبي خلال العام المقبل من 6ر1% إلى 2ر1% من إجمالي الناتج المحلي في ضوء توقعاتها بشأن دخول الاقتصاد الأميركي دائرة ''الركود البسيط'' خلال العام المقبل· ويشير الخبراء الى تراجع الانفاق الاستهلاكي للأميركيين خلال العام المقبل بعد أن تراجعت بشدة قيمة ممتلكاتهم من العقارات نتيجة تلاشي قيمة القطاع العقاري منذ الصيف الماضي وبالتالي تراجع قيمة ثروات هؤلاء المستهلكين، ورغم ذلك فإن بيانات الانفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة خلال نوفمبر الماضي تشير إلى زيادة هذا الانفاق بنسبة 1ر1% عن أكتوبر الماضي بفضل موسم التخفيضات الذي يسبق احتفالات عيد الميلاد، وتشير الأرقام إلى أن خسائر القطاع المصرفي نتيجة القروض عالية المخاطر في قطاع التمويل العقاري الأميركي تصل إلى 80 مليار دولار حتى الآن· غير أن جونسون يرى أن الخسائر قد تصل إلى ما يتراوح بين 150 و300 مليار دولار، ولكن حتى فى حالة حدوث ذلك يظل هناك ضوء في نهاية النفق وهو أن يتم توزيع تلك الخسائر على النظام المصرفي العالمي ككل دون أن تتركز على القطاع المصرفي الأميركي الأمر الذي يعني أن تكون تلك الخسائر تحت السيطرة تماماً، وهذا هو ما يراهن عليه الجميع لتفادي كارثة 2008 الاقتصادية·
المصدر: واشنطن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©