الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لي ميونج والتخلي عن سياسة الشمس المشرقة

لي ميونج والتخلي عن سياسة الشمس المشرقة
26 ديسمبر 2007 23:43
تفتح الانتخابات الرئاسية التي أجريت الأسبوع الماضي في كوريا الجنوبية، منفذاً لإجراء تغييرات واسعة على سياسات هذه الدولة الحليفة لواشنطن، إزاء جارتها الشمالية في شبه الجزيرة الكورية· ذلك أن الهزيمة الساحقة التي لحقت بالمرشحين الرئاسيين، الذين يفضلون سياسات حفز كوريا الشمالية وتقديم كل الجَزَر إلى طاغيتها ''كيم جونج إيل''، دون تهديده بأي من العصي، إنما تعطي واشنطن فرصة غير مسبوقة للجم هذا الدكتاتور الأكثر إثارة للقلاقل والاضطرابات في القارة الآسيوية· غير أن السؤال المثار الآن، هو ما إذا كان الطاقم الدبلوماسي لإدارة بوش من الحذق والحصافة، بحيث يمسك بهذه الفرصة الثمينة قبل أن تتسرب من بين أصابعه أم لا؟ وإلى حد كبير، فقد كان الاقتراع الرئاسي الأخير، الذي فاز فيه مرشح المعارضة ''لي ميونج- باك'' تعبيراً عن رفض شعبي واسع لإدارة الرئيس ''رو مو هيان'' غير الحكيمة لاقتصاد البلاد، ولسياسات الاستقطاب الداخلي الحاد التي انتهجتها حكومته· يذكر أن مجموع الأصوات التي حصل عليها المرشحون المناوئون لسياسات ''السلام والازدهار''- وهي في الأصل سياسات ''الشمس المشرقة'' التي انتهجها الرئيس الكوري الجنوبي الأسبق ''كيم داي يونج'' إزاء كوريا الشمالية، في الانتخابات التي أجريت يوم الأربعاء قبل الماضي- بلغت نسبتها 63 في المئة من جملة أصوات الناخبين، في مقابل نسبة 35 في المئة حصل عليها المرشحون المؤيدون لتلك السياسات· والسؤال هنا: لماذا كل هذا السخط الشعبي الواسع على سياسات ''الشمس المشرقة''؟ والإجابة هي أن ما بدا في أول الأمر سياسة للتصالح وحسن الجوار مع الجارة الشمالية، قد انتهى على صعيد الفعل والممارسة، إلى ممالأة واسترضاء لـ''القائد العزيز'' كيم جونج إيل، لا أكثر· وعليه فليست ثمة غرابة في أن تجد غالبية الكوريين الجنوبيين في سياسات ''الشمس المشرقة'' طعماً غير مستساغ، وأن فيها ما يثير الحرج، وينطوي على خطر مستطير على بلادها· فلكم استشعر الكوريون الجنوبيون الحرج، وهم يرون حكومة بلادهم تكرر امتناعها عن التصويت، في كل مرة تجري فيها مؤسسات الأمم المتحدة اقتراعاً على انتهاكات جارتها بيونج يانج الصارخة لحقوق الإنسان· كما يستشيط الكوريون الجنوبيون غضباً كلما رأوا مشروعات ''التعاون الاقتصادي مع بيونج يانج'' الممولة من الضرائب التي يدفعونها من جيوبهم للدولة، وقد تحولت في واقع الأمر إلى شريان حياة اقتصادي لحكومة بيونج يانج، التي لا تزال تناصب بلادهم العداء· واستشعر الكوريون الجنوبيون قلقاً كلما رأوا اتساع الصدع الدبلوماسي بين بلادهم وواشنطن، بسبب سياسات سيول إزاء جارتها بيونج يانج، مع إدراكهم لمدى أهمية استمرار التحالف بين بلادهم والولايات المتحدة الأميركية· وخلاصة الأمر أن سيول باتت على استعداد اليوم أكثر من ذي قبل، لاتخاذ خطوات أكثر جدية نحو التصدي لجارتها الشمالية، وهذا هو ما وعد به الرئيس الكوري الجنوبي المنتخب ''لي ميونج- باك''، الذي انتخب للتو· فمما يعرف عن ''لي'' أنه ليس محارباً بارداً، إنما يرى نفسه باعتباره براجماتياً يحكم على الأشياء بما تتمخض عنه من نتائج عملية· فمنذ انتخابه، قطع ''لي'' على نفسه عهداً بأن يضع في مقدمة أولويات سياساته الخارجية، استعادة عافية تحالف بلاده مع واشنطن، إلى جانب التعاون في تفكيك السلاح النووي لجارته بيونج يانج· وضمن ذلك، فقد بعث برسالة مبكرة إلى جاره الشمالي، تفيد أنه لا مجال بعد اليوم، للاعتماد على سيول في مواصلة بيونج يانج لشرورها وانتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان، أو لغض الطرف عن تجاوزاتها في مؤسسات المجتمع الدولي· وفي هذه الأنباء ما يحمل الكثير من العناصر الإيجابية السارة، سواء ما تعلق منها باستعداد سيول للتصدي لجارتها الشمالية، أم ما اتصل باسترداد عافية التحالف التاريخي بين واشنطن وسيول، وتعاونهما معاً في مختلف القضايا ذات الصلة بمعضلة بيونج يانج· فمع هذا الاستعداد الجديد الذي أبدته سيول لانتقاد ''الفردوس العقابي'' الذي يرعاه الزعيم ''كيم جونج إيل''، فقد أصبح ممكناً إدارة حملة حقوق إنسان دولية ناجعة ضد الانتهاكات التي ترتكبها ''بيونج يانج'' في هذا المجال· ومع ما نرى من إصرار جديد من قبل سيول على ألا تواصل سياسة الفرجة والوقوف جانباً إزاء ما يجري في جارتها بيونج يانج، أصبح ممكناً كذلك إنجاح تلك المبادرة الأمنية المسماة بـ''سياسة الانتشار الأمني'' -الرامية إلى ملاحقة وتجفيف موارد العائدات السرية لبيونج يانج من تجارة المخدرات والتزوير وتجارة الأسلحة وما إليها-· والأكثر خسارة لكيم جونج إيل، ألا تعود جارته سيول حليفاً له، بعد أن عقدت هذه الأخيرة العزم على تعزيز تحالفها مع الولايات المتحدة الأميركية، والوقوف إلى جانب كل من واشنطن واليابان في ممارسة المزيد من الضغط على بيونج يانج، ودفعها إلى تفكيك ترسانتها النووية· ويتضمن هذا العزم، فرض عقوبات جدية على بيونج يانج، في حال عدم تعاونها أو انصياعها لهذه الضغوط· يجدر بالذكر أنه أصبح لزاماً على الصين اليوم، أن تتخذ عدداً من الخيارات الصعبة إزاء نظام الزعيم الشمالي كيم جونج إيل، سواء كان ذلك في إطار الحوار السداسي الجاري معه، أم فيما وراء ذلك الحوار· ولكن علينا إعادة السؤال السابق أعلاه مجدداً: هل استعد فريق إدارة بوش حقاً لاغتنام هذه الفرصة الدبلوماسية التي لاحت له من سيول؟ كما نعلم ولعدة أسباب، منها خسارة الجمهوريين للكونجرس في عام ،2006 وتردي الأوضاع في العراق، فقد تجاهلت إدارة بوش مواقفها السابقة من نظام بيونج يانج، بحلول نهاية العام الماضي· واليوم فلا تبدر من هذه الإدارة سوى رغبة في سماع الأخبار الحسنة والمطمئنة فحسب من بيونج يانج· ولكن هل يعني مجرد إبرام صفقة نووية بين واشنطن وبيونج يانج، أن كل معضلة كوريا الشمالية قد حلت؟! نيكولاس إيبرستاد أستاذ كرسي هنري ويندت بمعهد أميركان إنتربرايز وعضو اللجنة الأميركية لحقوق الإنسان بكوريا الشمالية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©