الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميزانية عرجاء في بلد فقير

23 ديسمبر 2007 02:48
في بلد كالسودان يعاني أكثر من نصف سكانه من الفقر وتواجه نسبة عالية من هؤلاء مستوى الإملاق، فإن إعلان الميزانية العامة للسنة المقبلة 2008 يصبح كل اهتمام قطاعات الشعب· يتفق المراقبون على أن الميزانية العامة الجديدة جاءت تقليدية، ولم تضع في الاعتبار الحقائق التي أسلفنا الحديث عنها، بل إنها زادت الطين بلة في بعض جوانبها، إذ فرضت المزيد من الضرائب غير المباشرة التي يقع عبؤها على كاهل المواطن العادي· ومن أبرز تلك الزيادات الضريبية، رفع نسبة ما يسمى بضريبة القيمة المضافة من 12 إلى 15 بالمائة، مما يعني ارتفاع أسعار الحاجيات الضرورية، وارتفاع ما يدفعه المواطن مقابلاً للخدمات· ولما كانت هذه الزيادة الضريبية غير مبررة، فإن عدداً كبيراً من أعضاء المجلس الوطني (البرلمان المؤقت) بدؤوا يتشاورون بهدف إسقاط هذه الزيادة عند مناقشة الميزانية التي بدأت هذا الأسبوع· ولعلها المرة الأولى التي يتفق فيها على هذه الخطوة نواب معارضون، إضافة إلى عدد من النواب التابعين لحزب الحكومة (المؤتمر الوطني) والذين قدروا أنهم سيكونـون عاجزين عن الدفــاع عن هـذه الزيـادة في تلك الضريبة غير المباشرة عندما يعودون لمناطقهم الانتخابيــة والتي يسعون من الآن لكسب ثقتهــا في جولــة الانتخابــات العامــة المقبلة· وعندما نمعن النظر في بنود الاتفــاق العــام في الميزانية، نجد أنها بدورها مختلة ولا تلبي الاحتياجات الوطنية الملحة، مثل الإنفاق على التنمية على كل أوجهها، أو معالجة الخلل الواضح والتردي المعروف في القطاعين الزراعي والصناعي· وحتى مشروع الجزيرة الذي كان حتى وقت قريب هو البقرة الحلوب لجلب العملات الأجنبيـــة للبلاد، تعرض لتدهور لا يتوقف وأصبح يواجه مرحلة الانهيار التام· ورغم أن الحكومة أعلنت قبل نحو عام عن ما أسمته (النفرة الزراعية) فإن واقع الحال يؤكد أن جديداً لم يطرأ على القطاع الزراعي ولا على القطاع الرعوي· وفي ذات الوقت فإن الإنفاق على الأجهزة الأمنية والدفاع قد ارتفع كثيراً، ففي حين أن الإنفاق الذي قدر لهذا البند عام 2006 كان 440 مليون جنيه (الدولار الأميركي يعادل جنيهين من العملة الجديدة) ولكن عند التنفيذ ارتفع ذلك المبلغ إلى 750 مليون جنيه، أما في الموازنة الحالية فقد ارتفع الرقم إلى 855 مليون جنيه· وإن المبالغ التي رصدت للأمن والدفاع وللقصر الجمهوري بلغت في الميزانية الجديدة نحو 21 بالمائة من الإنفاق العام، وهي نسبة تعادل أضعاف ما رصد للعناية الصحية بكل أشكالها وللتعليم· إن وزير المالية في دفاعه عن ارتفاع نسبة المخصصات المالية لقطاع الأمن والدفاع، أشار إلى أن الوضع في أقليم دارفور حيث الحرب لا يزال ملتهبا، ولكن في الرد على ذلك يقول الرافضون لهذا الإغداق على أجهزة الأمن والدفاع، إن ذلك المبرر غير مقبول، لأن نهاية الحرب في الجنوب والتي كانت تكلفتها أضعاف ما ينفق على الأمن في دارفور، يعني أن الدخل القومي وفر الكثير مما يقتضي تقليل الإنفاق على قطاعي الأمن والدفاع· إن ميزانية 2008 تقول إن الدخل من إنتاج البترول ارتفع ذلك العام إلى أكثر من 11 مليون دولار، ولكن ذلك الدخل لم ينعكس على بنود الميزانية فيما يخص مصالح المواطن العادي· إن تلك الميزانية وضعت الآن أمام المجلس الوطني، ورغم تكاثر المعارضين لبعض بنودها الأساسية، فإن المتوقع أن يجيزها المجلس حيث يلجأ المؤتمر الوطني في العادة لأغلبيته الميكانيكية هناك؛ ولكن تبقى الآثار السالبة نقطة سوداء أخرى في سجل حكم الإسلاميين·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©