الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتصار عباس: شخصياتي لا تهادن

انتصار عباس: شخصياتي لا تهادن
16 فبراير 2011 19:13
انتصار عباس قاصة أردنية متحررة من نون النسوة لا تكتب لتجزئة الوقت أو استعراض قدراتها على الغوص في دهاليز اللغة بل تضع المرايا أمام قرائها ليحدقوا ويراجعوا أنفسهم قبل إقدامهم على الخطوة اللاحقة واشتباكهم مجددا مع الحياة الواقعية. من يقرأ مجموعاتها القصصية تثور في داخله الأسئلة ويبدأ رحلة البحث عن إجابات قد تقصر وقد تطول فثمة حبل لا ينتهي بمجرد استكمال القراءة بل تستفز القارئ ليكون جزءا من النص ويخلق له نصا خاصا. صدر لها حتى الآن أربع مجموعات قصصية: “شمس جنون آخر” و”حلوى الماء” و”ذات نهار” و”عسعسة نهار” ونصان مسرحيان مستمدان من المجموعة الأخيرة هما “عودة الحارث” و”عرش النار” ومؤلف “تنمية الإبداع الشبابي”. في هذا الحوار قالت إنها تكتب بلغة رمزية لدفع القارئ لامتحان قدراته والصعود بمواقفه وأن شخصياتها ليست خيالية تسكن في البرج العالي بل مستمدة من الواقع المعاش وفي الوقت نفسه لا تهادن. ? البعض يرى أننا في الأردن لا نعاني من أزمة قصة بل نعاني من أزمة قاصين.. ما رأيك؟ ? أوافقك الرأي لكنني سأضيف أزمة أخرى وهي أزمة الشعر فهناك قلة في عدد القاصين مقارنة بالقاصات وقلة في عدد الشاعرات مقارنة بالشعراء ليس على مستوى الأردن أو الوطن العربي فحسب بل على المستوى العالمي. ولعل ذلك يرجع إلى طبيعة المرأة الحكائية الميالة للسرد وقدرتها على الشرح وسرد التفاصيل بينما يميل الرجل للإيجاز وعدم الإطالة إلى جانب ان الرجل يتحدث عن نفسه ومشاعره وأحاسيسه دون خوف أو اللجوء إلى خلق شخصيات ليختبئ خلفها في بوحه الداخلي فيما المرأة تلجأ للسرد بالمكنون الداخلي فهناك كائن موجود في قاموس المرأة أسمه الخوف ولا ندري من المسؤول عنه هل هو المجتمع أم المرأة نفسها إذ تفرض عليها القيود خوفا من سطوة الأهل والجيران وما حولها. ? القارئ لمجموعاتك القصصية او الروائية ماذا يلمس بالضبط؟ ? يلمس الحس الروحي الإنساني الذي يفور في الشخصيات ويصور مشاعرها وأحاسيسها فهناك كائنين هما أساس المجتمع ودونهما لا يكتمل الوجود “المرأة والرجل” وكلاهما له معاناته الخاصة والمشتركة ورؤاه وألوانه الخاصة كذلك أصور حس الأشياء وما يشعر به الآخرون تجاهها مسقطة حسي عليها فكل ما حولنا من كائنات لها طقسها ولغتها ولا أراها جامدة كما يراها البعض .. أراها متحركة تتنفس وتتحرك ضمن بوتقتها الخاصة ونواميسها التي وجدت عليها. ? هذا يقود لسؤال مرادف.. ما القضية الأبرز التي تدافعين عنها وهل تحاكين الواقع أم تتجاوزينه؟ ? القضية الأبرز هي الإنسانية والواقع المعاش والحلم فالإنسان دون حلم يتحول لمجرد كائن متحرك “الحلم هو الحياة” فقصصي تحاكي واقع المرأة المقموعة والرجل المقموع.. المحب والمضحي.. المرأة الوطن والرجل الوطن.. المرأة المستلهمة من التراب والمطر.. المعطاءة والمستلبة أيضا.. الرجل المظلوم والمستبد.. الجوع والحرمان.. الروح والخواء. ? بصراحة هل أنت قاصة متمردة على الثوابت والطقوس أم مهادنة لها؟ ? نصوصي لا تهادن وشخصيتي ليست نمطية وأكره هذا النوع من الشخصيات فكيف بنصوصي وثوابت الأشياء تخضع لرؤيتي وحسي الروحي والآخرين وإيقاعهم يطغى على نصوصي.. أصور الواقع وأبعد بما يتوافق والحس الإنساني دون التجريح أو التكفير المطلق بهذا الواقع. ? ماذا أردت القول في مجموعتك القصصية الأخيرة “للشمس جنون آخر”؟ ? صورت الإنسان المهزوم المتشظي والمكسور الذي هزمه المجتمع وما حوله فهو بالتالي مهزوم من الداخل والشخصيات المستلبة.. شخصية الأب الظالم والمستبد.. الحنون والمحب.. المرأة المخادعة والرجل المخادع.. صورت الواقع والحلم ورغبات إنسانية. ? لك محاولة مسرحية “عسعسة نهار” ما مضمونها وهل ستعيدين التجربة؟ ? “عسعسة نهار” هو كتابي الذي حمل مسرحيتين هما “عودة الحارث” و”عرش النار” وشخصية الحارث مستلهمة من شخصيات حقيقية عاشت في عصر الأنباط “الحارث الرابع” فزوجته شيقلت سعادات التي حملت لقب “بترا” الإله ذو الشرى والمحارب بنو الحبيب الغائب. فقد استقيت أسماء الشخصيات من التاريخ النبطي لكنني أسقطت واقعا آخر ضمن رؤاي وحسي المكاني الذي ولّد لدي عشقا للبتراء والأحداث التي نهجتها المسرحية كانت بمثابة حالة عشق وانتظار. أما “عسعسة نهار” فقد أخذتني المقولة أن وادي رم “أرض القمر” في جنوب الأردن هو “إرم ذات العباد” فقد تجسدت ليّ الحجارة في صورة وجوه وأنها تجمدت بفعل لعنة فكما طلب قوم صالح منه ان تلد الصخرة ناقة ألبستهم تلك اللعنة لتتحجر أجسادهم وتتجمد أرواحهم فيها إلا أن الأصوات الصادقة الحية تستدعيهم للخروج من الحجارة لتتلبس أرواحهم أجساد زوار الوادي ضمن حس الأرواح المشرئبة نحو الحياة” الشخصيات مستلهمة من قصة سيدنا صالح”عليه السلام. أما عرس النار فهو نص يجسد الواقع العربي والانقسامات وما وصل إليه واقعنا من انكسارات وهزائم. سأكرر التجربة فلدي مسرحية جديدة بعنوان “المضجع” تجري ترتيبات لتقديمها قريبا. ? كيف تقدمين الرجل في مجموعاتك القصصية؟ ? لست منحازة للرجل أو المرأة ولست مسكونة بنون النسوة فهما وجهان لعملة واحدة يلتقيان بالسلبية والايجابية لكنني أصور كل الشخصيات الخائفة والمحبة .. الدكتاتورية والضعيفة والمخادعة فصور الحياة متعددة بألوانها دون تحامل أو تحيز لجنس على آخر وهمي ينصب على تقديم شخصية واقعية بسلبياتها وايجابياتها كما هي الحياة ليست أبيض أو أسود فقط وسر جمالها يكمن في تعدد الألوان والأطياف. ? يطلقون عليك “القاصة المظلومة” ماذا هناك؟ ? الواقع الثقافي في الأردن واقع شللي يضع المبدع في ميزان المادة والمصلحة المتبادلة وأنا لا أنتمي لشلة معينة ولا أحب الواقع الشللي فكفة المصداقية والحس الإنساني هي الراجحة عندي. أما النقد الحقيقي القائم على المصداقية والشفافية فهو معدوم فعلى سبيل المثال كتب ناقد عن مجموعتي القصصية “حلوى الماء” ولمرتين متتاليتين الكلام نفسه مدعيا أنني اكتب بلغة مباشرة دون أن يقرأ المجموعة رغم أنني أكتب بلغة الرمز ولغتي شاعرية فرد عليه الناقد عمر عتيق من جامعة القدس المفتوحة بمقال قاس عنوانه دعوة لنتقاسم مائدة حلوى الماء” أنصفني فيه. ولا أبالغ إذا قلت أنني مظلومة على المستوى الإبداعي حتى الأصدقاء قصروا في الكتابة رغم أنهم يقولون في مجالسهم أنني أحفر في اللغة وأشتق ما هو جديد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©