الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البحر ينشر ألواحه فوق الرمال

البحر ينشر ألواحه فوق الرمال
14 فبراير 2015 05:10
ساسي جبيل (أبوظبي) اختار مهرجان قصر الحصن في دورته الثالثة أن يبحر في البيئات الإماراتية المختلفة، محتفلاً بالماء والزرع والصحراء والجبل، في سيمفونية متداخلة ومتكاملة، يتجلى من خلالها بوضوح مدى التنوع الطبيعي الذي طالما شكل عنصراً مهماً. والبحر في فضاء مهرجان الحصن كان فضاء مفتوحاً للحياة، ملماً بكل التفاصيل المرتبطة به، وهو الذي مثل المورد الأول لشعب الإمارات، من خلال الغوص وتجارة اللؤلؤ التي كانت مورد الرزق الأساسي قبل النفط. والبيئة البحرية في دولة الإمارات تمثل عالماً من الماء والخير والتواصل والانفتاح على أكثر من أفق، فلقد شكلت تاريخاً اقتصادياً واجتماعياً، عاشه 80%من أبناء الإمارات، فالبحر مفتاح المعرفة والرزق والمتعة، ينشط خيالات الإنسان، ويوسع علاقاته بالعالم، كمصدر للإلهام والتأمل في امتداده وعمقه الرحب الكبير، ما زال السفر التجاري وصيد السمك من أكثر روافد البنية الاقتصادية في الإمارات ودول الخليج العربي، إذ يشكل عصباً اقتصادياً حتى يوم الناس هذا. وقد أفرزت البيئة البحرية مجموعة من العلاقات والصناعات والآداب الشعبية والحرف والمهن المرتبطة بها، وقد أبرز مهرجان قصر الحصن العديد منها، في الأجنحة التي خصصها للبيئة البحرية، حيث عاين الجمهور عن كثب مختصين يعملون على نماذج من أدوات البحارة في الزمان القديم: القلافة (بناء السفن): وتتلخص في بناء السفينة وتجهيزها للماء من تصميم وقياس وقطع وتنظيف وثقب ثم تجميع وتثبيت ثم التركيب والكماليات من مسامير ومجاديف ومخازن وكلف وزيوت وشحوم، وهي عملية شائكة، ويعمل بها (لكل سفينة) أعداد كبيرة من العمال والفنيين والممولين. كما تمثل صناعة القراقير جزءاً مهماً من البيئة البحرية، فالقرقور هو القفص الذي يستعمل لصيد السمك، وكان يصنع قديماً من جريد النخيل، وكان صغير الحجم أو معتدلاً، حتى تطورت المهنة بعد الانفتاح على الخارج، وزيادة حركة الاستيراد، فأصبح القرقور (ويسمي الجرجور بقلب القاف إلى جيم كما هو متعارف عليه في اللهجة الشعبية)، ويصنع من أسلاك حديدية يتم تصنيع القفص منها بشكل هرمي أو نصف دائري، وله فتحة في طرفه تسمح بدخول السمك، ولا تسمح بخروجه (تشبه المصيدة في فكرتها، وهي أساس تكوينها)، وعادة ما تغطس القراقير في البحر لمدة يوم أو اثنين، ويوضع بداخلها بعض من أكل السمك لإغراء السمك بالدخول. وتتكون أدوات الصيد من مواد مختلفة، منها الخيوط، وهي عادة ما تكون مستوردة ومصنوعة من النايلون وبأحجام مختلفة مثل 10,20، 80، وهكذا حتى أكثر من 100، وكل حجم يناسب نوعاً معيناً من الأسماك، كذلك الميادير، وهي خطافات معقوفة لصيد السمك، وتصنع من الحديد ثم البلود، وهي أثقال رصاصية تصنع بصبها في قوالب بأشكال معينة وأثقال معينة، كما تشمل شباك الصيد (ليخ) بأحجام فتحاتها وطولها، والشباك تستخدم للصيد على الشاطئ القريب وداخل البحر في المناطق القريبة. أما أدوات الغوص، فهي كثيرة، وتكون أغلبها من الحبال والديين والفطام والمفلقة، ومجموعة من أدوات يشترك في صناعتها النجار والحداد، وغيرهم من الحرفيين. ويعتبر تمليح السمك وتصديره عملاً تجارياً لا يستهان بمستوي فاعليته، وقد اشتهر السمك المملح على طوال سواحل الخليج وإيران وأجزاء من آسيا، وكانت تمثل تجارة مهمة، لها تجارها ورجالها المعروفون، لكون المالح غذاء لا يستغني عنه لطيب مذاقة ومقاومته للتلف وسهولة تخزينه. في جولتنا في عالم البيئة البحرية، في مهرجان قصر الحصن، اكتشفنا كم هي البيئة البحرية عالم واسع من المعرفة والحركة، عالم يظهر بوضوح كثير من ماضي هذا الشعب الذي ركب البحر، ونشر عليه ألواحه حتى استوت اليوم ذكرى جميلة تطلع عليها الأجيال وتتناقل تفاصيلها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©