الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستيعاب·· أم العزلة؟!

14 ديسمبر 2007 23:25
يشعر مسلمو العالم بشكل عام، بغض النظر عن التنوع في ثقافاتهم الوطنية، والفروقات الدقيقة في إيمانهم وهويتهم الشخصية، أنهم جزء من المجتمع العالمي نفسه في الإيمان؛ إلا أن المسلمين الذين يعيشون في أوروبا يكافحون أحياناً مع إيمانهم وهويتهم بأسلوب لا يفعله هؤلاء الذين يعيشون في الشرق الأوسط أو يشعرون به· فأوروبا تمارس بشكل عام التسامح الديني والاشتمال، ولكن هذا التقبل العام يتعرض أحياناً لتهديد من مجموعات يمينية متطرفة· نتيجة لذلك وبينما يتمتع العديد من المسلمين في الدول ذات الغالبية المسلمة بشعور من الأمن الديني النسبي، فإن نظراءهم في أوروبا يبدون أحياناً وكأنهم في موقف دفاعي· ويمكن إظهار ذلك بصورة أفضل على شكل مثال من فرنسا؛ إذ يُعتبر الإسلام، حسب تقرير للبي بي سي أكبر تحدٍ للنموذج العلماني للدولة، وخاصة هذه السنة التي تحتفل فرنسا فيها بالذكرى المئوية لفصل الكنيسة عن الدولة؛ وينبع هذا الخوف من العدد المتزايد لأحياء الجاليات والمجموعات العرقية في ضواحي مدن باريس، وليل وليون ومرسيليا وغيرها، حيث يوجد في بعضها مجموعات كبيرة من الجيل الثالث من المهاجرين من الجزائر والمغرب وتونس· وحتى فترة وجيزة تبلغ سنوات قليلة، كان يشار إليهم بالفرنسيين العـرب وأصبح يطلق عليهم المسلمون بعد الحادي عشر من سبتمبر· وعلى الرغم من أن الإسلام بشكل واسع أسرع الديانات نمواً في أوروبا، بحيث تؤدي الهجرة ومعدلات ولادة أعلى من المعدل العام إلى زيادة سريعة في أعداد المسلمين من السكان، إلا انه يصعب تقدير العدد الدقيق للمسلمين، حيث إن أرقام الإحصاء عرضة للتساؤل أحياناً، وتختار العديد من الدول عدم تصنيف هذه المعلومات· إلا أنه من المعتقد أن حوالي 11 مليون مسلم من أصول متنوعة يعيشون اليوم في أوروبا، إضافة إلى المسلمين الأوروبيين الأصليين· وقد حصل البعض منهم على الجنسية في الدول التي يقيمون فيها، كما تواجد البعض في دول مثل البوسنة وألبانيا وكوسوفو أو اليونان منذ قرون عديدة، بعضهم ولد لأبوين أجنبيين بينما تحول البعض منهم إلى الإسلام· ولدى فرنسا أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، يشكلون 7 بالمائة من سكانها، ومن الدول الأخرى التي يشكل فيها المسلمون ما يزيد على 3 بالمائة من السكان هولندا والدنمرك والنمسا وسويسرا والسويد وألمانيا وبلجيكا؛ ويعتقد أن الهجرة الدولية التي بدأت في ستينيات القرن الماضي وسقوط الشيوعية تشكل بعض أسباب صعود الإسلام في أوروبا· وقد نتج عن ذلك أن وجد العديد من الناس أنفسهم في بيئات تفصلهم فيها طريقة لباسهم وطعامهم وشرابهم ولغتهم وأساليب تفكيرهم ومعتقداتهم عن السكان المحليين· يبحث المسلمون المقيمون في الغرب وفي العالم الإسلامي عن أرضية مشتركة، تدمج نواحي العولمة مع التقاليد المسلمة· وجدت النساء اللواتي يلبسن الحجاب إعراباً عن تديّنهن أحياناً منطقة رمادية بين الحداثة والتقليدية، بينما يناضلن من أجل المزيد من الحقوق للمشاركة في السياسة والمزيد من المساواة، ولكنهن يخترن الإسلام أيضاً كبوصلة أخلاقية· الأمر الذي يعني أن الآمال الغربية باستيعاب كامل وانخراط في المجتمع للمسلمين في الغرب أمر بعيد الاحتمال من حيث التحقيق؛ إلا أنه يترك مجالاً لبديل ثالث بين تبني ثقافات وقيم وطنهم الجديد بشكل كامل ورفضها بشكل صارخ كبديل عن تقاليد وقيم أوطانهم وأديانهم الأصلية! سليمان الأنبار كتب هذا المقال كجزء من برنامج ''سوليا'' للحوار عبر الثقافات خدمة ''كومن جراوند'' الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©