الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشاعرة سعدية مفرح: أرفض مصطلح الجمهور

الشاعرة سعدية مفرح: أرفض مصطلح الجمهور
12 ديسمبر 2007 23:22
خمسة دواوين أصدرتها الشاعرة سعدية مفرح كتبت من خلالها سيرة الزمان والمكان، وخطت بقريحتها سفراً من رؤى سياسية واجتماعية وأخرى كتبتها الشاعرة برهافة عاطفية نادرة الوقع والإيقاع· في حوارنا معها تفتح سعدية مفرح فضاءات الكلام على جوانب كثيرة من البوح الشعري والنقدي والواقع الذي نعيشه، فيما نحن نوغل في مستقبل الأيام، الا أن العودة للبدايات تظل هي الأبهى، فماذا تقول؟ ؟ بعد خمسة دواوين من الشعر، أي أسلوبية وجدتها أكثر قرباً لنفسك ومن ثم لقارئ الشعر، وهل تضعين في اعتبارك أثناء كتابة القصيدة مسألة فهم الجمهور ووصول النص إليه من عدمه أم أنك ترضين ذائقتك أولا ؟ ؟؟ انا فرد من أفراد الجمهور، أتذوق ما اكتبه كما أود أن يتذوقه أو يتلقاه الجمهور· بصراحة، لا أضع أعتباراً حتى لذاتي أثناء لحظة الكتابة، أحاول أن استجمع ذاتي في خضم اللحظة حتى تكتمل القصيدة هذا إن اكتملت أصلا، الكثير من القصائد ماتت قبل أن تولد لأنها لم تستطع الاكتمال، لا أدعي أنني شاعرة دائمة، فقط أحاول أن أكون مخلصة لذات الشعر والتي تندمج أحيانا بذاتي فنصير ذاتاً واحدة متشظية بين الكلمات، يهمنى الجمهور بالتأكيد، ولكنني لا أحب أن اسميه جمهوراً، أشعر أن هذه اللفظة لا تليق بالشعر، أفضل عليها القارئ أو المتلقي مثلا، أشعر أن الجمهور ينضوي غالباً تحت رأي جماعي، في حين أن متذوق الشعر له خصوصيته التي تحضر مع كل قصيدة· الانشغال بأشياء أخرى ؟ في لحظة ما يتوهج الحرف في ذهن الشاعر كحالة يسمونها وحي الشعر هل يحصل ذلك معك؟ وكيف تكون خطوات بزوغ القصيدة من أفق خيالك؟ ـ لا أشعر بهذه الحالة كوحي مثلا، ولكنها حالة خاصة، وعلى الرغم من أنها سهلة جداً وبسيطة، الا أنها مؤلمة في نفس الوقت، كلما ألمت بي احاول تحاشيها أبتعد عنها قدر الامكان، أنشغل باشياء أخرى قبل أن أشرع في كتابة القصيدة عندما لا أجد مفراً من الانصياع لالحاحها المرير، ليس سهلا أن تغرق تحت الماء حتى لو كان هذا الماء عذباً زلالا ومنعشا، أشعر بالاختناق حتى أنتهي من القصيدة، عندما أنتهي أشعر أنها القصيدة الأخيرة في حياتي، خاصة وأنني لا أعرف متى تبدأ ومتى تنتهي· ؟ تشغلك الأمكنة، فمرة تلونينها ومرة تصنعين منها غرفاً صغيرة، ومرة أخرى ترتبين شوارعها من جديد ما سبب هذا الشغف؟ ؟؟ ربما لقلة الأمكنة التي اتحرك فيها، لضيق المساحات المتوفرة لدي أحاول أن اخلق مساحاتي الخاصة عبر الشعر، اشعر بالاختناق دائماً، وأن الهواء المحيط بي لا يكفيني، أبحث عن مساحة جديدة، وعن هواء جديد، فأجد نفسي متوحدة في أمكنتى المعتادة نفسها· أحب غرفتي الخاصة ولكنني في نفس الوقت أكره كونها صغيرة جداً، الأمر الذي يجعلني أحاول التغلب على ذلك الضيق بخلق اتساعات افتراضية عبر الشعر، كل مساحاتي ضيقة على ما يضج داخل جدران الجسد، ربما هذا هو السبب الذي جعلك تلاحظ شغفي بالأمكنة شعراً، أقول ربما، لأنني لا أملك تفسيراً واضحاً· أمكنة للتنفس ؟ لنظل في الأمكنة، هل للمثقفين أمكنة تليق بهم في عالمنا العربي؟ ؟؟ لا أريد أن أتحدث عن المثقفين باعتبارهم طبقة خاصة، أو وحدة واحدة، الأفضل أن نتحدث عن البشر في العالم العربي والبشر ككل، من مثقفين وغير مثقفين، لا يملكون ما يكفي من الأمكنة للتنفس فيها كما يليق بكائنات بشرية· ؟ المدن من حولنا تتحول إلى رماد أين صوت الشاعر القادر على إيقاظ الجمر من تحت هذا الرماد؟ ألم يكن هذا هو دور الشاعر في عصور سابقة؟ ؟؟ لم أعد مؤمنة بهذا الدور للشاعر، لم يعد الشاعر موظفاً في أية وظيفة، مهما كان شرفها أو دورها، على الشاعر أن يكون نفسه، ومن خلال ذلك لا بد للجمر أن يتأجج، وللنائم أن يستيقظ ، ولكنني أكره افتعال كتابة القصيدة حتى لو كان ذلك في سبيل بلوغ هدف سام· حرية الكلام ؟ لو أردت كشاعرة توجيه قصيدة أو كلمة لصانعي رماد مدننا، ماذا تقولين؟ ؟؟ أخاطب نفسي في هذه الحالة فنحن جزء من الحالة ككل وعلينا تقع المسؤولية، لكنني بالمناسبة لا أرى أن مدننا تحولت رماداً، فأنا متفائلة، وأحب أن أعيش التفاؤل وأشيّعه أيضا، صحيح اننا لم نعد نملك ما يكفي من الهواء للتنفس، ومن الحرية للكلام، ومن الأمكنة للتحرك فيها بحرية، ومن الشمس كي نرى في ضوئها ما خَفي علينا وهو الأعظم دائماً، الا أن هذا كله لا يمنعنا من التفاؤل، والعمل بجد على تفكيك كل ما حولنا من أسوار، مدننا جميلة وباهية، ليس بتاريخها وحسب، خاصة وأنني لست من هواة الموت تحت ركام التاريخ، ولكنها باهية بمستقبلها المضيء إن شاء الله، فأنا متورطة بالتفاؤل تورطي بالشعر، وهي على أي حال ورطة جميلة· ؟ كيف ترين الواقع الشعري الآن في الخليج هل حقق التطور المراد منه؟ ؟؟ مشهد الشعر في الخليج يسير بشكل متواز مع المشاهد الشعرية في كل البلاد العربية الأخرى، لم أعد أؤمن بهذه الخصوصية بعد أن انفتحت الآفاق، وصار فضاء الإنترنت على سبيل المثال ساحة مشتركة للجميع، الواقع الخليجي على هذا الصعيد اذن هو جزء من الواقع العربي العام، وأنت ترى أن دور النشر العربية المرموقة والمجلات الأدبية المعروفة لم تعد تفرِّق بين أديب وآخر على حساب جنسه أو جنسيته مثلا، وهذا ساهم في توحيد المشهد دون أن يؤثر على الخصوصية البيئية لكل منطقة، أو الخصوصية الإبداعية والنفسية لكل مبدع على حده· أقوى عدة من الرجل ؟ ماذا عن واقع المرأة الشاعرة في الخليج، هل استطاعت ـ شعراً ـ أن تقول كل شيء أم أن هناك ضوابط تقيدها؟ ؟؟ دعنا نقول إنها استطاعت أن تقول الكثير، وأنا ما زلت اردد أن المرأة المبدعة، وليست الشاعرة فقط، في الخليج، بل في الكويت تحديداً أكثر عدداً وأعلى صوتاً وأوسع انتشاراً، وربما أقوى عدة من الرجل المبدع، ولعلك تستطيع رصد الكثير من الاسماء النسائية المبدعة في الخليج ومقارنتها بأسماء الرجال لتكتشف صحة ما أقول· طبعا هذا لا يعني أنها قالت كل شيء، ولا يعني أيضا أن الرجل المبدع قال كل شيء، فهناك الكثير مما ينبغي أن يقال دون أن يجرؤ أحد منهما على قوله، ولكنني متأكدة أنه سيقال يوما ما ذات قصيدة أو قصة أو رواية أو مسرحية أو لوحة تشكيلية أو حتى أغنية، فالأفق ما زال يتسع أمامنا يوما بعد يوم، وعلى المتفائلين أن يحتلوا بقية المشهد· ؟ ما هي آخر مشاريعك؟ وماذا في جعبة شعرك للمرحلة المقبلة؟ ؟؟ المشاريع كثيرة جدا، أكثر من قدرتي على تنفيذها وتحويلها الى واقع رغم أنني مصممة على ذلك، وأعمل فعلا من أجل الإنجاز، إنحاز للكسل أحيانا، ويرهقني العمل الصحفي أحيانا، ولكن هذا كله لن يمنعني من الاستمرار في انتاج الأحلام بانتظار تنفيذها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©