السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأميركيون في الشرق الأوسط··· بين منظورين

الأميركيون في الشرق الأوسط··· بين منظورين
7 ديسمبر 2007 23:28
رسم الرئيس ''جورج بوش''، دوراً أميركياً محدوداً في محادثات الشرق الأوسط القادمة يختلف عن الخبرات التي راكمها في هذا المجال وزيرا الخارجية السابقان ''هينري كيسنجر'' و''جيمس بيكر''، كما الرئيسان ''كارتر'' و''كلينتون''· لكن العديد من المراقبين والدبلوماسيين السابقين الذين انخرطوا في الصراع طيلة السنوات الماضية، يرون أن الالتزام بدور محدود للولايات المتحدة، كما يدعو إلى ذلك الرئيس ''بوش''، قد يكون أصعب مما تتوقع الإدارة الأميركية· فقد خرج بوش عن توافق دبلوماسي يرجع إلى عقود خلت عبر إصراره على تقليص المهام الأميركية في عملية المفاوضات القادمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين والاقتصار على طرح أفكار إذا ما احتاج الطرفان إلى ذلك· فهو شدد على أن أميركا لن تجلس إلى طاولة المفاوضات، كما أنها لن تسعى إلى فرض مواقف معينة على الطرفين· وتوضح هذا النهج الأميركي الجديد والمختلف عن العمل الدبلوماسي السابق وزيرة الخارجية ''كوندليزا رايس'' بتأكيدها أن الانخراط الأميركي التقليدي في عملية السلام من خلال الدفع المستمر للطرفين إلى الأمام ''لم يؤتِ أكله''! بيد أن إصرار الولايات المتحدة على الحد من دورها في المحادثات التي ستدور بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو ما يفسر الارتياب السائد على نطاق واسع الذي يستبعد إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام يُتوج بإقامة دولة فلسطينية مستقلة مع نهاية رئاسة ''بوش''· فحسب أغلب الدبلوماسيين العرب والأوروبيين لا بد من تواجد أميركي أكثر نشاطاً في قلب عملية السلام إذا ما أريد لها النجاح وتحقيق نتائج مرضية· ورغم إقرار بعض الدبلوماسيين للجانب الإيجابي من بقاء الولايات المتحدة على مسافة من الطرفين، لا سيما في المراحل الأولى للمفاوضات، إلا أن البقاء بعيداً لفترة طويلة، في ظل الصعوبات التي قد تعترض عملية التفاوض، سيأتي بنتائج عكسية· وبرأي الخبراء يقتصر الدور الأميركي المحدود على نقل العبء الأساسي في التفاوض إلى الطرفين المفاوضين ودفعهما إلى تحمل المسؤولية، بدلا من التفاوض مع الولايات المتحدة، ففي المرات السابقة عمد الممثلون الفلسطينيون والإسرائيليون إلى إرضاء الوسيط الأميركي أكثر من التوصل إلى اتفاق حقيقي بينهما· وفي هذا الإطار يقول ''صائب عريقات'' -كبير المفاوضين الفلسطينيين- إن الدور المركزي الأميركي في المحادثات أدى أحياناً إلى مناقشة المواضيع السهلة وتحاشي القضايا المؤلمة التي تحتاج إلى اتفاق· ويضيف ''عريقات''، الذي كان يتحدث في لقاء رعاه معهد ''بروكينجز'' الأميركي، أن الفلسطينيين والإسرائيليين يجيدون الانتظار وتفادي المواضيع الصعبة عندما يكون طرف ثالث منخرطا معهما في المفاوضات، مؤكداً أن ''الوقت قد حان لاتخاذ القرارات بأنفسنا دون الحاجة إلى الآخرين لاتخاذها نيابة عنا''· لكن الأهم من ذلك أن سياسة بوش إزاء المفاوضات والقائمة على رفع اليد والابتعاد عن الانخراط الكلي تمنح غطاء سياسياً لرئيس الوزراء ''إيهود أولمرت'' لمواجهة الانتقادات الداخلية· فقد عبر اليمين الإسرائيلي عن قلقه من أن محادثات السلام قد تعني ممارسة الولايات المتحدة ضغوطها على الدولة العبرية لصالح الفلسطينيين· لذا يرى المراقبون أن تصريحات ''بوش'' بعدم فرض حل على الطرفين إنما جاءت لطمأنة اليمين الإسرائيلي ومساعدة ''إيهود أولمرت'' على تجنب صراعات سياسية داخلية في الوقت الذي تجري فيه المفاوضات· ومع ذلك قد تتعرض المقاربة الأميركية الجديدة ورغبتها في البقاء على الهامش إلى اختبار حقيقي، حيث يمكن لهجوم تنفذه بعض الفصائل الفلسطينية داخل إسرائيل أن يؤدي إلى الضغط في اتجاه وقف المحادثات، كما سيتعرض الجانب الأميركي لضغوط دولية كبيرة للتدخل في حال وصول الطرفين إلى طريق مسدود وبروز عقبات كبرى تهدد مسيرة المفاوضات وتنذر بالرجوع إلى المربع الأول· ويعبر عن هذه الضغوط ''صامويل لويس'' -السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل لثماني سنوات خلال فترة الرئيسين ''كارتر'' و''ريجان'' بقوله ''لست متأكداً من أن الأميركيين يستطيعون الوقوف بعيداً بينما المفاوضات تجري، فلا بد أن تحين لحظة الحقيقة عند مناقشة القضايا الأساسية المعروفة''· ويعتقد الخبراء أن اشتراك الولايات المتحدة في المفاوضات والدخول بثقلها كاملا قد يساعد الطرفين على تغطيـــة بعض التنــازلات· فقــد دأب الفلسطينيـون والإسرائيليــون في السابق على تمرير بعض القرارات الصعبة مع شعوبهما بالاحتماء وراء الضغوط الأميركيـــة، وهو ما يجعل من الانخراط الأميركي المكثف أمراً مطلوبـاً· ومن شأن الحضور الأميركي الفاعـــل في مسار المفاوضات أن يمنع بروز خصومات سياسيـــة داخليــــة ســـواء لدى الفلسطينيين، أو الإسرائيليين التي قد تلقي بظلالها على مجمل المساعي الدبلوماسية المبذولة؛ ومهما يكن الأمر وحتى لو تعثرت المفاوضات بين الطرفين ستجني الولايات المتحدة مكسباً مهماً يتمثل في حشد تحالف يضم الدول العربية المتخوفة من التمدد الإيراني في الخليج العربي· فقد استغلت إيران حالة الاستياء والغضب التي تتملك الرأي العام العربي إزاء المحنة الفلسطينية لكسب الشعبية، لذا تعتقد الولايات المتحدة أن بذل جهود دبلوماسية لإحلال السلام قد يخفف من الاستياء العربي ويحرم طهران من ورقة الصراع العربي الفلسطيني· بول بيتشر كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©