السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المشهد الثقافي السوري للنساء فقط!

6 ابريل 2008 02:18
بنظرة براجماتية لواقع الثقافة السورية ومنجزاتها في العقدين الأخيرين، نلمح جلياً أن المرأة هي الأكثر إنجازاً والألمع حضوراً، فبينما لم يقدم المشهد (الذكوري) الثقافي في سوريا اسماً لامعاً ومتجاوزاً منذ ما يقارب الثلاثين عاماً، امتاز التوجه الإبداعي للمثقفة السورية بالأكاديمية والحرفية الرفيعة؛ والدليل فوزها في أكثر من محفل وجائزة على مستوى العالم· في حوار لي مع المخرج المسرحي الإيطالي العالمي روبرتو تشيللو قال: ( لقد ''انفلشت'' الثقافة في أشد مفاهيمها خصوصيةً وصارت ملكاً للجميع، وعلى حد سواء، فأنت تعرف أن السوبرانو لبانة قنطار قد فازت مؤخراً بجائزة كبرى على مستوى العالم في الغناء الأوبرالي ( ولم أكن أعرف) وهي سورية!)· من هنا قدحت شرارة البحث في مشروع المرأة الإبداعي في سوريا، وما هذه البانوراما اليوم سوى إضاءة ـ ولو خافتة ـ لمشروع المثقفة السورية وعرض لأسماءٍ تمثل طرحاً جدياً في عالم الفكر والإبداع، والتي من الوارد جداً في عصر الزيف الإعلامي وفوز الغث على الثمين، أن تكون غير معروفة· وأشير إلى أن النماذج المطروحة هي من الجيل الأخير إن جاز التعبير· ولأن المسرح هو أبو الفنون نبدأ به؛ دوماً يتعامل النخبةُ مع المسرح النبيل كأبٍ خَرِف!، يتكلمون عنه بعينين دامعتين ويهبونه شفقة تكفي كوكباً، لكنهم سرّاً يمرون على عجل من أمام خشبته ويعبرونه نحو منابرٍ أبلغ وصولاً وأشد تأثيراً وثراءً!· حال المسرح السوري لا يختلف عن حاله في معظم أمصار العالم؛ إلا أن ما أفرزه من أسماء وقامات ( أبو خليل القباني، سعد الله ونوس، فواز الساجر، غسان مسعود···) يجعل له هيبةً وكلاماً، هذا غير أنه البديل المشروع ـ على نحو ما ـ للتحزّبات والممارسات السياسية التي تجري مجرى الدماء من عروق السوريين؛ وتُلمح وسط عاصفة الدراما السورية التي تحمل أوراقا ما تلبث أن تصفّر عبر المسلسلات التلفزيونية، أشجارٌ عارمةٌ شجاعةٌ تقف سادنة لخشبة المسرح النبيلة· وأمل عمران دون شك من أهم هذه الأسماء، ولقد تذكرت اللمعة في عيني المخرج العراقي جواد الأسدي وهو يتكلم عن موهبة أمل عمران المسرحية وأنا أشاهد بروفة أحد عروضها المذهلة التي سحرتني بها أداءً ونصاً· وهنالك نورا مراد مؤسسة ومديرة فرقة ليش المسرحية، وهي فنانةٌ نموذجيةٌ نشأةً وكياناً، بدايةً من بيئتها الفنية، وانتهاءً بموهبتها الفذة، فهي ابنة الكاتب والناقد السينمائي الكبير سعيد مراد، والمخرجة الروائية هند ميداني، وهي بالإضافة إلى كونها مخرجة، فهي ممثلة وراقصة وإذاعية أثرت الراديو السوري بعددٍ عديد من البرامج الإذاعية المهمة· وللفنانة والمخرجة رولا فتـّال تجربة لافتة بتأسيس فرقة الرصيف، إذ أعلن هذا المشروع ـ ولو بعفوية ـ على خطاب أكثر شموليةً وطرحٍ يعيد ـ ولو نظرياً ـ مفهوم الشارع العربي الذي ما عاد عريضاً!!، وقدم عروضاً لافتة منها: مسرحية ''عيشة ''من تمثيل مها الصالح ومسرحية ''إسماعيل هاملت'' التي فازت بجائزة الإخراج في أحد مهرجانات قرطاج· ويقف التشكيل السوري بكثير من الأسماء الذكورية المهيبة، عملاقاً قدّم أسماء مهمة للعالم مثل عمر حمدي وفاتح المدرس ولؤي كيالي ومروان قصاب باشي وغيرهم الكثير، وضمت الحركة أسماء هامة نسائية كهالة مهايني وليلى نصير وغريتا علواني وغيرهن· ولكن فعلياً لم تحقق التشكيلية السورية شيئاً حتى جاءت سارة شما التي حصلت على المركز الرابع على مستوى العالم في البورتريه؛ تخرّجت الفنانة الدمشقية من معهد أدهم إسماعيل للفنون العام 1995 لتتابع في كلية الفنون الجميلة وتتخرج مع مرتبة الشرف الأولى بعد ثلاث سنوات، برزت موهبتها منذ بداية أعمالها ولفتت إليها الأنظار وتتالت عليها الجوائز· أما المشهد الأكثر ثراء في سوريا بالنسبة للمبدعات، فهو مشهد الموسيقى والغناء الكلاسيكي، فلقد اتضح ومنذ افتتاح المعهد العالي للموسيقى بدمشق، أن سوريا آشور وكلدة وربات الغناء الأفّـامي، هي حقيقةً أرض خصبة للأصوات والتكهنات الموسيقية· فقد حازت الفنانة لبانة قنطار على المركز الخامس من أصل مئة وخمسين مغنية أوبرالية شاركن في المسابقة العالمية للغناء الأوبرالي المقامة في بروكسيل ضمن مسابقة الملكة اليزابيث ملكة بلجيكا، وهي اليوم مدرّسة مادة الصوت في المعهد العالي للموسيقى، كما أنها أول مغنية أوبرا عربية تشارك في مسابقة بلغراد للأوبرا العالمية وتنال أيضاً المرتبة الرابعة عالمياً· أيضاً أفرزت سوريا صوتاً عالمياً آخر هو تالار دكرمنجيان: مغنية الأوبرا التي فازت بالجائزة الأولى في مسابقة بيلليني العالمية التي تقام سنويا في مدينة راغوزا الإيطالية· والتي استقبلتها ملكة بلجيكا بعد النجاح الذي حققته في مسابقة ( الملكة إليزابيث ) العالمية للغناء في بروكسل· وديمة أورشو المغنية وأحد مؤسسي فرقة حوار التي تمزج بين الموسيقى العربية والموسيقى الغربية ضمن رؤى متجاوزة ومضامين خلاّقة، ونعمى عمران الأوبرالية الباحثة في الغناء القديم· وهنالك ايضاً سوزان حداد المغنية الأوبرالية التي تعيش ببلجيكا ورشا رزق المتمكنة وشمس اسماعيل الفيروزية الأداء· واختتم بلينا شاماميان مغنية الكلاسيك التي وظفت إمكانياتها الصوتية وأكاديميتها المعرفية، لتقود مشروعاً مذهلاً يقضي بإعادة التراث تارة والغناء الصوفي بموسيقى الجاز الشرقي· لم أقترب من المبدعة السورية الأديبة، وذلك لأن هذا الشق يشكل وحده دراسة ثرية· هاني نديم haninadeem@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©