الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سِقْط اللِّوَى···شعر نبطي مغاربي

سِقْط اللِّوَى···شعر نبطي مغاربي
6 ديسمبر 2007 04:19
ونحن نشاهد حلقات شاعر المليون، في موسمها الثاني، وهو البرنامج الثقافيّ الكبير الذي تُنجزه هيئةُ أبوظبي للثقافة والتراث، وتبثّه قناة أبوظبي، وقنواتٌ أخرى، نودّ أن نَبُوح للقارئ الكريم أنّ النّاس كثيراً ما يتوهّمون أنّ الشعر النبطيّ في بلاد الخليج هو خصوصيّة شعريّة لا يشاركه فيها بلد عربيّ آخر، أو لا يشاركه فيها إلاّ قلّة من البلدان العربيّة مشرقيِّها ومغربِيِّها، وفي هذا الرأي ما يحصر الوجود العربيّ في منطقة معيّنة دون سواها، ونحن لا نعتقد فقط، ولكنّنا نؤكّد أنّ معظم البلدان العربيّة يمارس شعراؤها كتابةَ هذا النوعِ من الشعر وإن اختلفت إطلاقاته، أثناء ذلك، بين بلد عربيّ وآخر، أو بين باحث أكاديميّ وآخر: أي بين الشعر الشعبيّ (الجزائر)، والشعر العامّيّ (وهو إطلاق مُسيء لجماليّة هذا الشعر، ومن ثَمَّ فهو إطلاق غير موضوعيّ)، والشعر الملحون (المغرب الأقصى) والشعر النبطيّ (بلاد الخليج العربيّ)· إنّ الشعر النبطيّ في بلاد المغرب العربيّ هو امتداد شرعيّ وأمين، وطبيعيّ، لصنوه الشعر النبطيّ في بلاد الخليج واليمن حيث إنّ قبائل بني هلال وبني رياح وبني سليم حين هاجرت إلى تونس والجزائر واستقرت في جنوبيّها حملتْ معها كلّ العادات والتقاليد والقيم الثقافيّة والأدبيّة والشعريّة، فاستمرّ قرْض هذا الشعر كما كان في المعاقل الأصليّة، ولذلك نجد اليوم أكبر الشعراء بالفصحى، في تونس والجزائر، ينتمون غالباً إلى جنوبيّ المغرب العربيّ الواسع الشاسع، وكأنّ ذلك موروث عن الأجداد الذين نزحوا من الخليج واليمن إلى أفريقيا الشماليّة التي تعرّبتْ بفضل تلك الهجرة الجماعيّة المبارَكة· وقد كاد هذا الرأي يجرفنا، نحن أيضاً، أوّلَ عهدِنا بالشعر النبطيّ في بلاد الخليج، وذلك انطلاقاً من النصوص الشعريّة النبطيّة التي قُدِّمت في برنامج شاعر المليون من وجهة، ومن بعض النصوص الشعريّة القليلة التي نُشرت في مجلّة شاعر المليون من وجهة أخرى· في حين أنّ الحقيقة هي غيرُ ذلك، فهذا الشعر نفسُه، أو قريب منه جدّاً، هو الذي يوجد في بلاد المغرب كلّها: ليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، وموريتانيا· ولعلّ الذي يعود إلى كتاب الكنز المكنون في الشعر الملحون الذي جمع قصائده السّتّينَ محمد قاضي، وطُبع بالمطبعة الثعالبيّة بالجزائر سنة ،1928 وقد كانت حروف مطبعته بالخط الأندلسيّ الذي كان شائعاً استعمالُه في الكتاتيب (الْمَسَايِد باللهجة المغاربيّة) القرآنيّة والزوايا يقتنع بأنّ الشعرَ الشعبيّ في الجزائر، والشعر الملحون في المغرب، مثلاً، هما أنْفَسُهُما ما يطلق عليه الشعر النبطيّ· ولا يوجد مثيل لهذه المدوّنة الشعريّة النبطيّة، التي يشتمل عليها هذا الكتاب النفيس، في بلاد المغرب كلّها، وقيمتها التاريخيّة والفنّيّة والثقافيّة عظيمة جدّاً، والمحزن أنّ هذا الكتاب الذي يشتمل على ستّين قصيدة ومقطّعةً هي لزهاءِ ستّةٍ وعشرين شاعراً نبطيّاً مفقودٌ، ولم يعُد متداوَلاً في المكتبات التجاريّة بعد أن مضى على ظهوره زهاء ثمانين سنةً·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©