الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإمـــــارات وقضــايا العــــــرب... الحكمة والتوازن ومناصرة الحق

الإمـــــارات وقضــايا العــــــرب... الحكمة والتوازن ومناصرة الحق
2 ديسمبر 2007 00:48
عملت دولة الإمارات العربية المتحدة مع أشقائها سواء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية أو جامعة الدول العربية، أو المجموعات الدولية الأخرى على مساندة كل المساعي والجهود الدبلوماسية الممكنة من أجل احتواء بؤر التوتر والصراعات في منطقة الشرق الأوسط بما فيها الخليج العربي وسط مبدأ التأكيد على ضرورة حل الخلافات بالطرق السلمية والعمل على تعزيز تدابير بناء الثقة القائمة على أساس احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وذلك انطلاقاً من إدراكها لمسؤوليتها في العمل من أجل الحفاظ على متطلبات الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي· وتبوأت الإمارات على الصعيد الخارجي مكانة مرموقة بين الأمم لنهج سياستها الخارجية المتوازنة ومصداقيتها في التعامل مع مختلف القضايا الإقليمية والدولية وتنطلق سياستها الخارجية من التزامها بالانتماء الخليجي والعربي والإسلامي، وحرصها على تعزيز وتوسيع دائرة صداقاتها مع جميع دول العالم· وانتهجت منذ تأسيسها عام 1971 سياسة خارجية سمتها الحكمة والاعتدال والتوازن ومناصرة الحق والعدالة واعتماد أسلوب الحوار والتفاهم بين الأشقاء والأصدقاء واحترام المواثيق الدولية والالتزام بميثاق الأمم المتحدة واحترام قواعد حسن الجوار وسيادة الدول ووحدة أراضيها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل النزاعات بالطرق السلمية· وأثبتت السنوات الست والثلاثون الماضية سلامة هذا النهج مما جعل الدولة تحتل مكانة مرموقة في المجتمع الدولي· وقد عبر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله'' عن ذلك أصدق تعبير بقوله ''إن سياستنا الخارجية في دوائر اهتمامها الأربع الخليجية والعربية والإسلامية والعالمية ترتكز على قواعد ثابتة ومبادئ وأسس واضحة أساسها الاحترام المتبادل وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين وإقامة العلاقات على أساس المصالح المتبادلة وتنمية روح التعاون وحل المشكلات والنزاعات بالطرق السلمية والالتزام بالمواثيق العربية والإسلامية والدولية والوقوف إلى جانب الحق والعدل والمشاركة في تحقيق الأمن والسلم الدوليين''· وأرسى دستور الإمارات المبادئ والمرتكزات التي تستند اليها السياسة الخارجية للدولة حيث نص على ان اتحاد دولة الإمارات هو جزء من الوطن العربي الكبير الذي تربطه به روابط الدين واللغة والتاريخ والمصير المشترك· وأوضح الدستور ان احد أهم أهداف الاتحاد هو ''إنشاء روابط أوثق بين دولة الإمارات في صورة دولة مستقلة ذات سيادة قادرة على الحفاظ على كيانها وكيان أعضائها متعاونة مع الدول العربية ومع كافة الدول الأخرى الصديقة في منظمة الأمم المتحدة والأسرة الدولية على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المصالح والمنافع''· القضية الفلسطينية·· أولوية تمثل القضية الفلسطينية بالنسبة للدولة حجر الزاوية في العمل العربي المشترك، وتضعها على رأس أولوياتها في علاقاتها بمختلف دول العالم، وقد دعمت الدولة نضال الشعب الفلسطيني في جميع مراحله في مواجهة ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي حتى يتمكن من استعادة حقوقه الوطنية وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف· وقد بذل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله'' جهوداً مشهودة في هذا المجال، وصدرت عنه تصريحات رافقت مختلف أبعاد هذه القضية ومراحلها باعتبارها قضية كل العرب، وقال سموه ''إن دولة الإمارات العربية هي جزء من الوطن العربي، وقضية الشعب الفلسطيني المناضل هي قضيتنا والأرض هي أرضنا والعدو هو عدونا، ونحن ندرك موقفنا في المواجهة مع العدو، والذي لا تقف أطماعه عند حد أو قيد، وسيستمر دعمنا لنضال الشعب الفلسطيني بلا حدود تكريماً لوحدة الهدف ووحدة المصير، ونحن نرفض دائماً الإعلان عن أشكال هذا الدعم؛ لأن قناعتنا هي أن ما نقوم به هو ما يفرضه علينا الواجب والنخوة العربية الأصيلة، وتعاليم الدين الحنيف، والمصلحة العليا لأمتنا من أجل استرداد وتحرير الأرض واستعادة الحقوق المشروعة''· وفي مناسبة أخرى أكد صاحب السمو رئيس الدولة دعم الإمارات للمقاومة الفلسطينية وقال: ''بالنسبة لقضية فلسطين، قضيتنا وقضية العرب الكبرى، فإن دولة الإمارات وقفت بكل ثقلها إلى جانب المقاومة الفلسطينية، وقدمت كل أشكال الدعم لها وسنواصل هذا الواجب القومي حتى يسترد الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة في أرضه ودياره''، وأضاف ''تفصلنا مئات الأميال عن الأرض العربية المحتلة إلا أننا نقف في الواقع على خط المواجهة، لأن الأرض هي أرضنا وكل شبر فيها عزيز علينا، وعدو العرب في كل مكان هو عدونا''· وأقامت دولة الإمارات مشاريعها الداخلية بناء على أن عدو العرب هو عدو لها، وقال سموه: ''إن دولة الإمارات العربية المتحدة كما قال سمو الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان''رحمه الله'' لا تتسلح لمباشرة العدوان وإنما تفعل ذلك لأنها تؤمن بأن الضعف يغري بالعدوان كما أن القوة شرط لتدعيم السلام·· إن الأمة العربية في صراعها ضد إسرائيل تخوض معركة شرسة ضد عدو غادر ينتهج ضدنا كافة الممارسات البربرية والأساليب اللاأخلاقية''· وحين حاول البعض، مناصرة لإسرائيل ربط المقاومة المشروعة بالإرهاب كان لصاحب السمو رئيس الدولة موقف صريح، حيث أكد ''أن دول مجلس التعاون بحكم ميراثها الإسلامي والحضاري الذي تمتد جذوره في تاريخنا إلى مئات السنين الماضية ترفض وتدين أعمال الإرهاب في مختلف أشكاله وصوره لأن الأعمال اللامسؤولة تتنافى والأعراف والمواثيق الدولية، وكذلك الأخلاق والقيم ومفاهيم الحضارة الإسلامية، على أنه ينبغي أن يفرق العالم تفرقة واضحة بين تلك الأعمال اللامسؤولة وأعمال النضال المشروع ضد المغتصب لحقوق المناضلين، كأن تحاول بعض الدول التي تتعاطف مع إسرائيل إلصاق تهم الإرهاب المرفوضة بالإنسان العربي''· أكدت دولة الإمارات دائما أنها لن تدخر جهداً في سبيل استرجاع الحقوق العربية المغتصبة، انطلاقاً من واقع أن الدولة جزء لا يتجزأ من الأمة العربية وبالتالي فإنها لن نبخل بالمال أو النفس في سبيل أية خطوة من شأنها تعزيز الصمود العربي واستكمال عوامل النصر وتحرير الأراضي المحتلة· وشددت على ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل بالسلام وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وإذا كانت القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي من القضايا الأساسية التي استأثرت بتفكير صاحب السمو رئيس الدولة، وشكلت منطلقات بارزة في سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن ذلك يعود إلى ارتباطهما بموضوع أساسي وحيوي يتعلق بالوجود العربي بأسره، ألا وهو الأمن العربي الذي أولاه صاحب السمو رئيس الدولة عناية كبيرة· وفي إطار الدعم المتواصل الذي تقدمه الإمارات للشعب الفلسطيني دعت إلى استمرار تضافر الجهود العربية والعمل المستمر وحشد الطاقات في كافة المجالات، وعبرت عن هذا الدعم من خلال العديد من المساعدات المالية التي قدمتها خلال الأعوام الماضية، فضلاً عن المساعدات الإنسانية الأخرى· كما أمر صاحب السمو رئيس الدولة ببناء مدينة كاملة باسم مدينة خليفة بن زايد على أنقاض المستوطنات الاسرائيلية في قطاع غزة وذلك هدية من سموه للشعب الفلسطيني الشقيق لتخفيف معاناته وتوفير السكن الملائم للمستحقين من أبنائه· وأمر باعتماد مائة مليون دولار لتمويل هذا المشروع الإنساني الذي يتوقع ان يستوعب مابين 30 الى 40 ألف فلسطيني· ويعتبر هذا المشروع الرابع من نوعه الذي تقدمه الإمارات للشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع بعد مدينة الشيخ زايد في غزة، والذي بلغت تكاليفه 62 مليون دولار ويتكون من 736 وحدة سكنية تستوعب حوالي ثمانية آلاف نسمة وتم افتتاحه، إضافة الى وضع حجر الأساس لمشروع ''حي الإمارات'' في مدينة رفح الذي يتكلف 20 مليون دولار ويتكون من 637 وحدة سكنية، ومشروع إعادة بناء مخيم جنين· وفي المحفل الدولي، عبرت الإمارات دائماً عن قلقها الشديد جراء استمرار عجز المجتمع الدولي عن حل قضية فلسطين وإحلال السلام في الشرق الأوسط الأمر الذي شجع إسرائيل على التمادي في احتلالها للأراضي العربية وكذلك تكرار أعمالها العدائية على أكثر من صعيد· وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية في كلمة الإمارات أمام الأمم المتحدة: ''إننا ندعو الأمم المتحدة اليوم للاستجابة لمبادرة جامعة الدول العربية الأخيرة الداعية إلى قيام المنظمة الدولية بدور فعال يساهم في إحياء مسيرة السلام في الشرق الأوسط والاستئناف المباشر للمفاوضات على جميع المسارات وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية''، واضاف ''إننا نؤكد على أن إرساء الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط لن يتم من خلال استخدام القوة العسكرية والتدمير المتعمد والمتواصل للبنية التحتية في كل من الأراضي الفلسطينية ولبنان وإنما من خلال امتثال إسرائيل للقرارات الدولية بما في ذلك العودة الى المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ورفع الحصار عن أموالها والإفراج عن آلاف المعتقلين والمحتجزين الفلسطينيين وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية العاجلة المقدمة للشعب الفلسطيني وإزالة المستعمرات والجدار العازل والانسحاب الكامل من جميع الأراضي الفلسطينية التي تحتلها منذ عام 1967 بما فيها مدينة القدس الشرقية وذلك تمهيدا لإعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف''· العراق·· دعم المصالحة والبناء تضامنت دولة الإمارات مع شعب العراق وساندته في المحن التي مر بها قبل الحرب وأثنائها وبعدها ودعمت جهود قادته وأبنائه في إعادة بناء دولتهم واسترداد سيطرتهم على وطنهم ومقدراته وشؤونه كافة· فأمام التداعيات السلبية للحصار الذي فرض على العراق، بلغت قيمة المساعدات الإنسانية التي أرسلتها جمعية الهلال الأحمر لدولة الإمارات إلى الشعب العراقي في أواخر سنة ،1996 ما يناهز 10 ملايين درهم· بقيت سياسة الدولة هادئة، حكيمة، ومتزنة تسعى الى تثبيت معادلات الاستقرار والأمن في المنطقة أثناء بروز أزمة العراق، وليس أكثر دلالة على هذا، ما عرف بـ ''مبادرة زايد'' قبيل الحرب على العراق عام ،2003 وذلك لتجنيب الشعب العراقي أولا والمنطقة برمتها ويلات العدوان، والتي لا زلنا نعايش فصولها المريرة فصولا قاسية كان أخطرها تهديد اندلاع حرب أهلية وتقسيم العراق، مما يهدد أمن المنطقة برمتها· وكانت الإمارات في طليعة الدول التي دعمت العراق ووقفت الى جانب شعبه حتى يستعيد عافيته ويتجاوز المحنة التي مر بها، وما زالت تدعم العملية السياسية في العراق وكذلك جهود إعادة إعماره، وتنظر بعين من الأمل إلى الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية من أجل تحقيق الوحدة الوطنية وإرساء الأمن والاستقرار في ربوع العراق وإلى ما تم اتخاذه من توصيات في إعلان أبوظبي ومؤتمر نيويورك حول العقد الدولي لإعادة بناء العراق· وأبدت في أكثر من مناسبة، حرصها الأكيد على الوقوف مع الشعب العراقي من خلال دعم الدور المحوري للأمم المتحدة في العملية السياسية في العراق، كما هو موضح في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1546 الصادر بتاريخ 8 يونيو ·2004 كما ساندت الانتخابات التشريعية وإقرار الدستور، والإجراءات اللاحقة لاستكمال البناء السياسي للدولة العراقية، مع دعوة كافة القوى العراقية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كافة أطياف العراق الإثنية والدينية، دون تمييز، كما سعت من خلال المشاركة في مؤتمرات الدول المانحة، ونادي باريس، واجتماعات دول الجوار، والاتصالات الثنائية، لتسريع عملية إعادة البناء الاقتصادي في العراق· وعبر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة عن دعمه المستمر للعراق ولقضيته مؤكدا دائما وقوف الدولة الى جانب الشعب العراقي بكل امكاناتها لما فيه خيره وعزته وقال: ''إننا ندعو إخواننا في العراق الى توحيد صفوفهم والعمل بيد واحدة في إطار من الوفاق الوطني لإعادة الاستقرار والأمن والرخاء الى العراق الشقيق''· واضاف سموه ''نشعر بعميق الألم والقلق من استمرار تدهور الأوضاع الأمنية واستمرار التفجيرات وأعمال العنف والإرهاب والخطف والقتل التي تستهدف الأبرياء ونأمل ألا يطول غياب العراق عن الساحتين العربية والدولية فالعراق الآمن والمستقر هو إضافة للأمن القومي العربي ودعم للاستقرار والسلام العالميين''· وأشار سموه الى مواقف الدولة التي تعاملت بشفافية من أجل تجنب الحرب في العراق وقال: ''لقد كان موقفنا واضحا وصريحا في رفض الحرب وبذلنا كل ما في وسعنا للحيلولة دون وقوعها وخاطبنا القيادة العراقية السابقة وقدمنا لها النصح لكنها لم تستبن سبيل الرشد وأخذتها العزة بالإثم فأستبيح العراق وسقط عشرات الآلاف من أبنائه قتلى وجرحى ودبت الفوضى وأعمال السلب والنهب في مدنه وقراه''· وأضاف ''أما وقد وقعت الكارثة وبات العراق على أبواب نفق مظلم فان مسؤولية قادة الدول العربية تجاه العراق وشعبه باتت مضاعفة وكذلك مسؤولية الأمم المتحدة باعتبارها عنوان الشرعية الدولية والمكلفة بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين''· واستمراراً لهذه المسيرة استضافت الإمارات الاجتماع التحضيري للعقد الدولي مع العراق في 10 سبتمبر 2006 بإصدار إعلان أبوظبي الذي يحدد الرؤية الوطنية المستقبلية للحكومة العراقية في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتزامات المجتمع الدولي نحو إعادة إعمار وبناء العراق· وأعربت الإمارات عن تطلعها نحو نجاح الشراكة الدولية الرامية الى مساعدة العراق على إعادة بناء اقتصاده الوطني وإرساء الأمن والاستقرار· وجددت دعمها للتعهدات السياسية والاقتصادية والأمنية التي قدمتها الحكومة العراقية في اجتماع العقد الدولي الذي عقد في أبوظبي· كما شارك سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية في مؤتمر العقد الدولي الذي عقدته الأمم المتحدة في 18 سبتمبر في مقرها في نيويورك بالاشتراك مع الحكومة العراقية لدعم خطة بناء العراق للسنوات الخمس المقبلة· كما ساندت مع دول مجلس التعاون وثيقة العهد الدولي مع العراق التي صدرت عن المؤتمر الذي عقد في شرم الشيخ بتاريخ 4 و 5 مايو ،2007 والتي تضمنت خطة خمسية تقدم دعماً مالياً وسياسياً وفنياً للعراق مقابل أن تطبق الحكومة العراقية إصلاحات سياسية وأمنية واقتصادية· لبنان·· دعم دائم أكدت دولة الإمارات دعمها لبنان في كل المحن التي ألمت به منذ اندلاع الحرب عام 1975 والى الآن حيث كانت تشدد دائما على سلامته ووحدة أراضيه وسيادته وعروبته، وحددت موقفها وفق الأسس التالية اولا دعم لبنان مادياً ومعنوياً للمحافظة على طابعة العربي الأصيل، وثانيا المساهمة في بسط سيطرة السلطة اللبنانية على كافة أراضي لبنان وثالثا التأكيد على وحدة لبنان أرضاً وشعباً ورابعا الاستعداد للمساهمة في اعادة اعمار لبنان· ففي عام ،1977 شاركت الامارات في قوات الردع العربية لحفظ الأمن في لبنان· ولم تترك سانحة إلا ودعت فيها المجتمعين العربي والدولي إلى العمل على إنقاذ لبنان من محنته، خصوصا وإنها كانت تعتبر الحرب في لبنان كما قال الشيخ زايد بن سلطان ''رحمه الله'' ضد مصلحة الأمة العربية يضيع فيها المال والرجال بلا مبرر أو سبب وتضعف القوة العربية بلا طائل، ونحن نسأل الله أن يمكن لبنان الشقيق من اجتياز المحنة حتى يعم السلام والاستقرار ربوعه وحتى ينطلق في مسيرة الأعمار والبناء''· وحين وصلت الأزمة اللبنانية إلى ذروتها في سبتمبر عام ،1988 حين لم يتمكن مجلس النواب اللبناني من الانعقاد لانتخاب رئيس جديد للبلاد، أطلق سمو الشيخ زايد ''رحمه الله'' مبادرته الشهيرة التي دعا فيها إلى تحرك عربي فوري لإنقاذ لبنان ومساعدته على الخروج من محنته، وأعرب طيب الله ثراه في أعقاب بدء سيطرة السلطة على لبنان عام 1990 عن ثقته بأن لبنان على أبواب السلام والنجاة بعد محنته الأليمة التي دامت 15 عاماً، داعيا الحكومة والمسؤولين اللبنانيين إلى التركيز على دعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية وتقويتها وتعزيزها وخلق المزيد من أجواء التهدئة بين المواطنين مما يؤدي إلى استتباب الأمن وعودة الأمور إلى طبيعتها وبسط سيادة الدولة ومواجهة المعرقلين للسلام وتوحيد لبنان بقوة سيادة رادعة· وقدمت الإمارات دائماً دعمها للبنان في مسيرة البناء وإعادة تعمير ما تم تخريبه من قبل العدوان الإسرائيلي على الجنوب اللبناني، وأوفدت عددا من كبار المسؤولين ومدراء الدوائر إلى الجنوب اللبناني يوم 30 مايو 2000 للإطلاع على احتياجات الشعب اللبناني وتقديم ''ما يمليه علينا الواجب الوطني والقومي تجاه أشقاء عانوا طويلا من جراء الاحتلال الإسرائيلي المدمر''· ووقعت مع الجمهورية اللبنانية في 25 أكتوبر 2001 في بيروت على الاتفاقية الخاصة بتنفيذ مشروع التضامن الإماراتي لإزالة الألغام في جنوب لبنان بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية، بتكلفة قدرها 50 مليون دولار أميركي، لإزالة نحو 130 ألف لغم موزعة في عشرات القرى في الجنوب اللبناني كما أزالت القوات المسلحة 62 ألفا من الألغام والذخائر غير المتفجرة في نحو 92 بلدة· وقد اعتبر لبنان حكومة وشعباً أن دولة الإمارات عبر هذه الخطوة التاريخية باتت شريكا في تحرير الجنوب اللبناني، كما هي شريكة في التنمية وإعادة أعمار ما هدمه الاحتلال الإسرائيلي· ووجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة في 13 أغسطس 2006 باستئناف عملية إزالة الألغام في جنوب لبنان، بعد اصدار مجلس الأمن قراره 1701 الذي دعا فيه الى تسليم الأمم المتحدة خرائط الألغام البرية التي زرعت في لبنان والتي لا تزال بحوزة إسرائيل· وكانت الإمارات قد أنجزت في نهاية مايو 2004 المراحل الثلاث الاولى من مشروع التضامن الإماراتي لنزع الألغام وعند اندلاع الحرب الاسرائيلية الأخيرة في لبنان في يوليو ،2006 سارعت دولة الإمارات إلى التنديد بالاعتداءات الاسرائيلية والواسعة النطاق والتي شكلت انتهاكا سافرا لسيادة لبنان وسلامة أراضيه وما تسفر عنه من خسائر بشرية ومادية جسيمة، وأكدت تضامنها التام معه ووقوفها الى جانبه انطلاقا من موقفها المبدئي والدائم في دعمه والتزاما منها بقرارات القمم العربية بما فيها قرار قمة الخرطوم· ودعت مجلس الأمن والمجتمع الدولي وخاصة الدول الكبرى الى التحرك السريع والفعال من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على الفور كما دعت الى تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالوضع اللبناني وخاصة القرارين 1559 و1680لضمان حماية لبنان واستقلاله وأمنه· وترأس سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي عقد في بيروت في 7 أغسطس 2006 للتضامن مع لبنان والشعب اللبناني· وقرر الاجتماع دعم مقترحات الحكومة اللبنانية بنقاطها السبع التي قدمها رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة لوقف إطلاق النار وحل الأزمة وإرسال وفد من جامعة الدول العربية الى نيويورك للاجتماع مع أعضاء مجلس الأمن الدولي لعرض وجهة النظر العربية بشأن الموقف الخطير في لبنان وتبني خطة الحكومة اللبنانية· وفي 25 يوليو 2006 تبرعت الإمارات بمبلغ 20 مليون دولار لبرنامج الأمم المتحدة المعني بإغاثة لبنان من جراء العدوان الإسرائيلي· وأقامت جسرا جويا لنقل مئات الأطنان من المواد الاغاثية والمستلزمات الطبية والأدوية بالإضافة الى خط ملاحي حملت من خلاله البواخر مئات الأطنان من المواد لتلبية احتياجات المناطق المنكوبة· وأرسلت 24 سيارة إسعاف مجهزة بأحدث المعدات وأقامت عيادات متحركة في عدد من المناطق وأسهمت بإعادة تأهيل المستشفيات وتبنت علاج عدد من المصابين والجرحى في مستشفيات الدولة· وتكفلت بإعادة إعمار وصيانة اكثر من 115 مدرسة حكومية وخاصة وبتسديد نفقات الكتب واللوازم المدرسية لنحو 400 ألف طالب وتوزيع 35 مولدا كهربائيا على القرى في جنوب لبنان و9 مولدات لمنظمة اليونيسيف لتشغيل محطات توزيع المياه· وأعادت تأهيل موانئ الصيادين وقدمت تعويضا لأكثر من 325 من مالكي القوارب بقيمة مليوني دولار أميركي ولنحو 91 صيادا وأعادت تجهيز عدد من المستشفيات في الجنوب اللبناني· وفي مايو العام الحالي أعلنت إدارة المشروع الإماراتي لدعم وإعمار لبنان بدء الأعمال الإنشائية لبناء مستشفى الشيخ خليفة بن زايد في منطقة العرقوب في بلدة شبعا، على مساحة 12590 مترا مربعا وسيتكون من 4 طوابق منها طابقان تحت الأرض وطابقان فوق الأرض، وقد تم الانتهاء من أعمال تشييد القواعد الأساسية له في أغسطس 19 الماضي· ويلبي المستشفى عند افتتاحه متطلبات سكان المنطقة من الرعاية الصحية الشاملة والخدمات الصحية وسيقدم خدماته لأكثر من 35 ألف نسمة، وسيكون المستشفى الأحدث والأكبر في جنوب لبنان· التوازن والحكمة وقفت الإمارات مع القضايا العربية بنفس النهج المتوازن الذي اتسمت به سياستها الحكيمة، فأكدت في الشأن السوداني على أهمية اتفاقية السلام، التي تم التوقيع عليها برعاية الاتحاد الأفريقي، بتاريخ 5 مايو 2006 في أبوجا بنيجريا، بين الحكومة السودانية والفصائل المعارضة، وأن تؤدي هذه الاتفاقية إلى حقن الدماء بين أفراد الشعب السوداني الشقيق، وتحقيق الأمن والاستقرار في كافة ربوع السودان، وعبرت عن الأمل في أن يتم التوصل إلى اتفاق بين الأمم المتحدة وحكومة السودان، بشأن الدعوة لنشر قوات دولية في إقليم دارفور، والتفرغ لجهود التنمية، والتقدم، والازدهار للشعب السوداني الشقيق· وفي إطار الدعم الإنساني أعلنت عن إقامة جسر جوي لمساعدة النازحين في إقليم دارفور وفقاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة للحد من معاناة النازحين من الإقليم وتحسين أوضاعهم المعيشية، وأعدت منظمة الهلال الأحمر الإماراتي خمسة آلاف خيمة وكميات كبيرة من المساعدات العينية ومواد الإيواء نقلت تباعاً على عدة حملات إلى مناطق دارفور المتضررة· وأكدت الإمارات دائما أن الأوضاع الإنسانية على الساحة السودانية ظلت على الدوام محل اهتمامها حكومة وشعباً، وكانت هيئة الهلال الأحمر إلى جانب المتضررين منذ بداية الأحداث ونفذت العديد من البرامج الإنسانية والعمليات الإغاثية وقدمت الكثير من المساعدات الغذائية والصحية والإيوائية من خلال جسورها الجوية السابقة التي بلغت آلاف الأطنان من الاحتياجات الأساسية للمتأثرين في جميع ولايات دارفور، كما قدمت الإغاثة لمنكوبي السيول والفيضانات· وفي الشأن اليمني اتصفت العلاقة بين البلدين بدرجات عالية من التواصل والتعاون والشراكة· فقد تأسست العلاقات الرسمية الحديثة بين اليمن والإمارات عقب قيام الاتحاد الإماراتي في ·1971 وبدأت هذه العلاقات بتبادل التمثيل الدبلوماسي· وخطت خطوات واسعة بعد ذلك، وفي بداية السبعينات من القرن المنصرم أسس البلدان مجلس تنسيق مشترك لتنظيم علاقات التعاون بينهما وتم عقد ثلاث دورات في الفترة من 1974 إلى ·1984 ثم تم تأسيس اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين التي عقدت أولى دورتها في فبراير من سنة ·2001 ويبلغ عدد وثائق التعاون الموقعة بين اليمن والإمارات نحو 40 اتفاقية وبرتوكولاً ومذكرة تفاهم، منها 10 وثائق تم توقيعها قبل تحقيق الوحدة اليمنية· إضافة إلى عدد آخر من الاتفاقيات المتعلقة بالأنشطة الاستثمارية بين البلدين· وفي أعقاب بروز أزمة اليمن سنة 1994 تحركت الآلة الدبلوماسية الإماراتية وطالبت بوقف الاقتتال بين الأطراف المتنازعة والاحتكام إلى لغة الحوار وحثتها على تحمل مسؤولياتها في الحفاظ على وحدة اليمن· وتعتبر الإمارات من أكبر الداعمين لمسيرة التنمية في اليمن· وضمن العديد من المساعدات التي قدمتها تكفلت بإعادة بناء سد مأرب على مرحلتين بكلفة إجمالية وصلت إلى 100 مليون دولار تقريباً· وكان الدعم الإماراتي لليمن قد بدأ بتمويل مشروع مياه صنعاء الذي اكتمل تنفيذه في ·1978 ثم شمل تمويل مشاريع تنمية المرتفعات الجنوبية، والمسح الجيولوجي، وقوارب الصيد، ودراسة مشروع وادي سهام لمسح مصادر المياه· والمساهمة في تنفيذ مشاريع مياه ومجاري تعز، وكهرباء ذمار وكهرباء عدن (المنصورة)، وإقامة ميناء نشطون في محافظة المهرة، وتوسيع وتطوير ميناء عدن· وتبرع الشيخ زايد ''رحمه الله'' بتمويل إنشاء طريق صنعاء- مأرب· كما أنشأت دولة الإمارات محطة تلفزيون صنعاء وقامت بتشغيلها لمدة عامين· وقامت في سنة 1984 ببناء 525 وحدة سكنية في المناطق المتضررة من الزلزال في محافظة ذمار، وكانت قبل ذلك قد تكفلت في 1981 ببناء 252 شقة سكنية في مدينة عدن· واستفادت مسيرة التعليم في اليمن كثيراً من المساعدات الإماراتية التي تضمنت تمويل منح دراسة لطلاب يمنيين بقيمة 22 مليون دولار· وتقديم 100 ألف جنيه إسترليني لشراء كتب وأدوات مدرسية· فضلاً عن 63 مليون ريال لبناء عدد من المدارس والمعاهد· كما قامت بإنشاء مركز الدراسات والبحوث بصنعاء، ومكتبة في الحديدة، إضافة إلى تقديم 58,6 مليون درهم إماراتي لوزارة التربية في عدن خلال فترة السبعينات· وامتدت المساعدات الإماراتية إلى مجالات أخرى فشملت إنشاء وتأثيث مبنى وزارة العدل في صنعاء، ومسجد مسيك· وقامت عدد من الجمعيات الخيرية الإماراتية بإنشاء العديد من المنشآت الخيرية في اليمن الجنوبي السابق· وتولى صندوق أبوظبي للتنمية تمويل معظم هذه المشاريع· حتى وصل حجم ما قدمه لليمن في الفترة من 1974- 1996 أكثر من 920 مليون درهم إماراتي معظمها منح· وفي السنوات الأخيرة أقيم في مدينة تعز متنزه الشيخ زايد بمنحة منه ''رحمه الله'' بلغت 16,44 مليون درهم· كما تعهدت في مؤتمر المانحين الذي انعقد بلندن في نوفمبر الماضي بتقديم مبلغ 500 مليون دولار كمنح ومساعدات· وحالياً تقوم الإمارات بتمويل بناء عدد من السدود في اليمن، إضافة إلى (1252) مشروعاً صغيراً تنفذه هيئة الهلال الأحمر الإماراتي بإشراف لجنة الإمارات الخيرية· وتساهم مؤسسة الشيخ زايد بن سلطان للأعمال الخيرية والإنسانية بدور كبير في دعم اليمن· ووقعت الحكومة اليمنية مع هذه المؤسسة في أكتوبر 2002 مذكرة لإنشاء (مستشفى زايد التخصصي للنساء والأطفال) في منطقة الروضة بصنعاء بكلفة 3,5 مليون دولار· كما وقعت في يونيو 2004 مذكرة تفاهم تقوم المؤسسة بموجبها بتنفيذ مشروع الأمومة والطفولة بصنعاء بكلفة 14,7 مليون درهم إماراتي، وتنفيذ برنامج حفر الآبار في محافظة حضرموت بكلفة 7,3 مليون درهم تقريباً· وتعتبر الإمارات من أهم الشركاء التجاريين لليمن، وشهدت السنوات الأخيرة انتعاشاً واضحاً لحركة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، خاصة الاستثمارات الإماراتية في اليمن في مجالات: الثروة السمكية، والاتصالات، والنفط، والزراعة، وصناعة الأسمنت· وتم في 2005اختيار شركة موانئ دبي لتشغيل وتطوير ميناء الحاويات في عدن· وكان البلدان قد وقعا في عام 2001 اتفاقية لتبادل وحماية الاستثمارات بينهما· أما في الشأن الصومالي فقد طالبت الإمارات بتدخل دولي عاجل من أجل وضع حد للاقتتال والصراع الطائفي الذي اندلع في الصومال وتدهور الأحوال الإنسانية والسياسية والاجتماعية بهذا البلد العربي، وفي السياق نفسه شاركت بقواتها ضمن قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصومال، كما قدمت العديد من أشكال المساعدة الإنسانية لشعبه·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©