الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان... أزمة الحكم وتداعياتها

30 نوفمبر 2007 23:46
أوشك غياب وزراء الحركة الشعبية ووزراء الدولة عن مكاتبهم -تنفيذاً لقرار قياداتهم- أن يتم أسبوعه الثالث، وليس في الأفق ما يوحي بأن عودتهم إلى العمل وانتهاء الأزمة قريبة· يتبادل شريكا الحكم في السودان، الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، الاتهامات عبر وسائل الإعلام، تارة بعنف وتارة بهدوء، وما تزال الأزمة ترواح مكانها· ويمكن تلخيص مواقف الطرفين المتناقضة فيما يلي: أولاً: حزب المؤتمر الوطني (الإنقاذ) يتمسك بالعودة إلى الحوار مرة أخرى، رغم أنه يعلن مقدماً أنه لن يقبل الوضع الذي قبلته الحركة الشعبية، وهو المطابق لرأي الوسطاء، ويرى أن يعاد النظر فيما توصل إليه أولئك الوسطاء، ثم هو يقول إنه يرفض تدخل طرف ثالث في الأزمة يستوي في ذلك التدخل الإقليمي والدولي· ثانياً: الحركـــة الشعبيـــة التي ترى غير ماسبـــق، وتعتقـــد أن لا جدوى من العودة للحوار الذي جربته أكثر من مرة؛ ولم يعد سراً أن الحركة الشعبية تريد وتسعى لتدخل طرف ثالث للحكم بين الفريقين، يحدد من الذي لا ينفذ بنود اتفاقية السلام ومن الذي يفعل· ورغم أن ما جرى بين رئيس الحركة الشعبية ورئيس حكومتها في محادثاته مع الرئيس الأميركي، لم يفصح عنه بالكامل، إلا أن المراقبين يقدرون أن رئيس حكومة الجنوب استشار الرئيس الأميركي فيما يراه حيال الأزمة· ويبدو، استناداً إلى تلك المشورة، أن الحركة الشعبية تضع في حساباتها اللجوء لمجموعة دول (الايقاد) الأفريقية صاحبة المبادرة الأولى، التي أدت إلى اتفاقية السلام، لتطلب منها التحكيم بينها وبين المؤتمر الوطني؛ وهو ما صرح به الأمين العام للحركة الشعبية السيد ''باقان أموم''، وفي ذات الحين فمن الواضح أن الحركة الشعبية لفتت انتباه الأمين العام للأمم المتحدة لما يجري في السودان، وطلب سيادته مؤخراً أن يستمع إلى رأي الحكماء والوسطاء، الذين وضعوا حلاً لمشكلة ''أبيي'' قبلته الحركة ورفضه المؤتمر الوطني· وليس من اليسير التكهن بما يمكن أن تصل إليه مجموعة (الايقاد) الأفريقية، إذا أصبح تدخلها واقعاً، ذلك أن بعض أعضائها مثل حكومة إثيوبيا، يمكن أن تتعاطف مع المؤتمر الوطني، في حين هناك دول أخرى في المجموعة يمكن أن يكون موقفها أقرب إلى الحركة الشعبية· إن غياب وزراء الحركة الشعبية وتوقفهم عن أداء واجبهم، يشكل خللاً في أداء جهاز الدولة في الشمال، ورغم ذلك فإن بعض قادة المؤتمر الوطني يقولون إن ذلك الضباب لن يكون له أثر حتى لو استمر حتى عام ،2011 وهو العام المحدد لإجراء الاستفتاء في الجنوب للخيار بين البقاء في سودان موحد أو الاستقلال· وفي هذا يرى كثير من المراقبين أن استمرار هذه الأزمة، وعدم الوصول إلى حل لها، قد يحمل الجنوبيين إلى إعلان الانفصال عن الشمال، حتى قبل أن يحين موعد الاستفتاء المحدد في الاتفاقية؛ وهنا أكد قادة الحركة الشعبية في أكثر من مرة، أنهم لن يلجأوا لهذا الخيار مهما كان الأمر· أما السيناريو الآخر فهو أن تستمر مقاطعة وزراء الجنوب للحكومة المركزية، وهنا يقول الدكتور ''حسن الترابي'' وهو قانوني وصاحب خبرة، إن المؤتمر الوطني لا يستطيع الاستمرار في الحكم منفرداً، وإن عدم مشاركة الحركة الشعبية له في الحكم، تسقط شرعيته، لأن الحكم الحالي قائم على اتفاقية أساسها الشراكة· وبعد كل هذا فإن الخاسر الأول في هذا الصراع، وحده السودان بين شماله وجنوبه تلك الوحدة التي أصبحت بعيدة المنال بعد كل هذا الذي يدور· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©