الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

استفحال ظاهرة هروب الطلاب من المدارس إلى «مقاهي الإنترنت» في العين

استفحال ظاهرة هروب الطلاب من المدارس إلى «مقاهي الإنترنت» في العين
20 مارس 2010 00:24
يتسلل طلبة في مدينة العين هاربين من مدارسهم، ليلجأوا إلى مقاهي الإنترنت المنتشرة في المدينة، في ظاهرة استوقفت كثيراً من أولياء الأمور والمسؤولين، وسط مطالبات بفرض مزيد من الرقابة على مقاهي الإنترنت، دون إغفال مسؤولية الأهالي عن متابعة أبنائهم. وبحسب مراقبين، فإن الإنترنت والحاسوب باتا يشكلان “شرا لا بد منه” بالنسبة لكثير من الطلبة، في ضوء عصر العولمة والتحول الإلكتروني في العديد من صور الحياة اليومية، إلا أن هناك دعوات لـ”تقنين” الترفيه والترف، للحؤول دون ظهور أنماط سلوكية سلبية، مثل تسرب الطلبة من المدارس وإهمال الدراسة والعلاقات الاجتماعية. ويقول أولياء أمور إن مقاهي الإنترنت أصبحت هي الملاذ الرئيس للطلاب المتسربين من اليوم الدراسي والوجهة التي يجتمعون فيها ويقضون نفس ساعات الدوام الرسمي لليوم الدراسي. ويقول المقدم مبارك عوض بن محيروم مدير إدارة الشرطة المجتمعية إن هناك إجراءات تتخذها الشرطة المجتمعية لحماية المراهقين مثل الحد من تواجدهم في المقاهي، حيث أثارت شرطة أبوظبي من خلال الشرطة المجتمعية هذا الموضوع في شهر مايو من العام الماضي خلال لقاءاتها مع الشركاء، حيث تم بحث موضوع تدخين الشيشة وآثارها على الصحة العامة، والتسبب في إزعاج السكان داخل الأحياء السكنية، كما كان للشرطة المجتمعية دور كبير إلى أن تم إصدار القانون الاتحادي رقم 15 لعام 2009 بشأن مكافحة التبغ والقاضي بحظر إدخال التبغ ومنتجاته إلى الدولة. وفيما يتعلق بمشكلة تسرب الطلاب من المدارس في الفترة الصباحية للتواجد بهذه المقاهي، يوضح ابن محيروم أن الشرطة المجتمعية بالتنسيق مع الشركاء تقوم بجهود كبيرة، عن طريق التواصل مع المسؤولين في المدارس لمتابعة الطلاب في مدارسهم، وفرض نوع من الرقابة على مواعيد حضورهم وانصرافهم والتواصل مع الشركاء المعنيين لإيجاد الحلول الملائمة لمواجهة تسربهم أثناء اليوم الدراسي. ويشير في هذا الصدد إلى أن رواد شبكة الإنترنت وخاصة الأشخاص الذين أدمنوا غرف الدردشة هم اللقمة السائغة والصيد الثمين لقراصنة الإنترنت، في بث أفكار دخيلة على ثقافتنا وقيمنا، مستغلين فضول هؤلاء الأشخاص إما لصغر سنهم ونقص تجاربهم، أو حبهم لخوض غمار التجربة مهما كانت العواقب. لا وجود لإحصائيات يقول الدكتور جاسم المرزوقي استشاري ومعالج نفسي ورئيس جمعية الإمارات النفسية: “لا نستند في طرحنا إلى أرقام وإحصائيات دقيقة حتى ترتقي إلى أن نطلق عليها ظاهرة، إلا أنها مشكلة تستوجب وقفة من كل الأطراف المعنية سواء من الأسرة أو المدرسة”. ويلفت إلى أن المتغيرات الحديثة في نمط الحياة لها أيضاً دور كبير وملموس في مشكلة التسرب من المدارس باتجاه مقاهي الانترنت، فالبحث عن الرفاهية واللهث وراء تحقيق الطموح جعل الأسرة تلتهي عن دورها الرئيسي في تربية أبنائها، ولابد أن ينتج عن هذا تفكك أسري يكون ضرره الأكثر على الأبناء نظراً لتدني دور الرقابة والتوجيه. ويضيف أن المرأة أيضاً خاضت سوق العمل إلى جانب الرجل، واعتمدت الكثير من الأسر على المربيات في أن تحل محل الأب والأم، وبالتالي نتج عن ذلك جيل لديه هوية جديدة شكلها بنفسه، كما أن كثرة هذه الأماكن وتدني المقابل المادي لخدماتها، في ظل عدم إمكانية حجبها تماماً عن الواقع ووقف نشاطها، تستوجب أن تكثف الحملات الإعلامية والتوعوية لتوجيه النشء بالانتماء وإدارة الطموح. كما يجب أن يفعل دور المدرس والأخصائي الاجتماعي للحد من المشكلة قبل أن يستفحل الأمر. ويقول محمد الهاشمي رئيس قسم التعليم الخاص بمنطقة العين التعليمية إن هناك نوعين من التسرب الطلابي من التعليم، أحدهما وهو المعروف بانقطاع الطالب عن الدراسة في سنة معينة بشكل نهائي، والآخر وهو ما يعرف بالتسرب أثناء اليوم الدراسي وهو أيضاً له عدة صور منها أن يحضر الطالب عددا من الحصص ثم يهرب إلى خارج المدرسة، أو أن يغادر الفصل الدراسي عددا من الحصص ثم يعود مرة أخرى، إلا أنه يظل داخل حرم المدرسة، إلا أن التسرب الطلابي له عدة أسباب لعل من أهمها عدم متابعة أولياء الأمور للحالة الدراسية والسلوكية لأبنائهم، ومنها أيضاً رفقاء السوء من داخل وخارج المدرسة. ويضيف الهاشمي، لابد من إدارة المدرسة أن تتفقد الغياب والحضور كل حصة على حدة، وبالتالي إبلاغ أولياء الأمور أولاً بأول بحـالة أبنائهم ولو عن طريق رسالة على هاتفه المــحمول، كما لا بد أن تقوم المدارس بتحديث بيانات أولياء الأمور بصفة دورية ولو في بداية كل عام دراسي، وهنا يكمن دور المدرسة التي ليس لها سلطة على الطالب خارج أسوارها. مشكلة تجتاح المجتمعات ولا يختلف كثيراً رأي عبيد المهيري، أحد أولياء الأمور، حيث يقول إن هذه المشكلة تجتاح كل المجتمعات، إلا أن ما يجب مناقشته بالفعل هو أن الطالب لو لم يستقبل بترحاب في مثل هذه الأماكن فلن يعاود الكرة مرة أخرى، كما أنه لا بد من بحث الخلفية السلوكية للطالب فربما نجد أن تصرفه ناتج عن كونه يشعر بأنه مهمل من قبل الأهل بشكل كبير، وربما كان نقص عنصر الترفيه في حياته هو ما يدفعه نحو خيانة ثقة أهله ومن ثم الهروب من الدراسة إلى مقاهي الإنترنت. ويؤكد ناصر عبد الله سعيد، وهو موظف وأب لثلاثة أبناء في مراحل تعليمية مختلفة أن الأمر بات من وجهة نظره يشكل ظاهرة تستدعي الدراسة، وكأنها أصبحت عرفاً وإجراءً روتينياً يقوم به العديد من الطلاب، حيث توفر لهم مقاهي الإنترنت كل ما يحتاجون إليه من أطعمة ومشروبات وكأنهم في معسكر دراسي مغلق، بل لا يعترض القائمون عليه من قيام أحدهم بالتدخين مهما كانت فئته العمرية بحجة أن له الحرية فيما يقوم به، وأن العاملين في المكان ليسوا جهة رقابية على تصرفاتهم. ويقول أحد رواد مقاهي الإنترنت من الطلاب إنه غالباً ما يأتي إلى نفس المكان حيث تتوفر فيه مختلف ألعاب الفيديو، فضلاً عن الكافتيريا الملاصقة للمقهى والتي توفر عليهم الخروج من المكان وتجعله بمنأى عن لقاء أي أحد من ذويه الذين يعملون في أكثر من مكان بمدينة العين. ويقول زميله بشيء من الاستهتار إنهما ليسا الوحيدين اللذين يقومان بهذا الأمر، كما أن القائمين على مقاهي الإنترنت يسمحون للكثيرين من الطلاب أحياناً باستخدام الإنترنت والألعاب دون أن يلزموهم بدفع قيمتها مسبقاً مراعاة منهم لكونهم طلابا، الأمر الذي يجعل نفس المكان وجهتهم الأولى حين يقررون الهرب من اليوم الدراسي. مخالفات بالجملة ويؤكد سعود وخالد النعيمي وعبد الله خلفان ووليد خالد وهم مجموعة من الطلاب، أن الهروب من اليوم المدرسي سمة ملازمة للعديد من زملائهم بالمدرسة والعديد من المدارس الأخرى، كما يؤكدون أيضاً على أن هناك من الزملاء من يذهبون إلى مدارسهم بسيارات ذويهم وبعلمهم، وهم لم يحصلوا على رخصة قيادة، ووجود السيارات معهم يشجعهم على الخروج من المدرسة بين الحصص وبالفعل تكون وجهتهم الأولى إما مقاهي الإنترنت أو أحد المراكز التجارية القريبة، وهم مطمئنون إلى أن المشرفين والمدرسين لا يتفقدون الغياب بشكل دوري كل حصة، ما يجعلهم في منأى عن المساءلة من أولياء أمورهم.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©