الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطاب أوباما الاعتذاري... علامة قوة أم ضعف؟!

خطاب أوباما الاعتذاري... علامة قوة أم ضعف؟!
2 مايو 2009 00:50
في إحدى محطاته الاعتذارية حول العالم، سُئل أوباما من قبل أحد الصحفيين في فرنسا عما إذا كان يؤمن بـ''الاستثناء الأميركي''، وهي الفكرة التي تعتبر أن خصوصية تاريخ أميركا الديمقراطي وأسسها القائمة على المهاجرين وتعلقها بالحرية تؤهلها للعب دور خاص وفريد على الساحة الدولية• لكن بدلا من دعم هذه المقولة على غرار باقي الرؤساء الأميركيين الذين عززوا الفكرة ذاتها بطريقة أو بأخرى أعطى أوباما إجابة غريبة للغاية قائلا: ''إنني أؤمن بالاستثناء الأميركي بنفس الدرجة التي يؤمن بها البريطانيون بالاستثناء البريطاني، واليونانيون بالاستثناء اليوناني''• والحال أن ذلك مستحيل، فإذا كانت جميع الدول ''استثنائية'' فلا وجود للاستثناء أصلا وادعاء العكس يفرغ الكلمة من أي مضمون حقيقي، ولا سيما أن الاستثناء الأميركي واضح فعلا يؤكده تطلع المنشقين والصحفيين المعارضين سواء في كوبا، أو في الصين، أو في روسيا، إلى الولايات المتحدة للدفاع عن الحرية والذود عنها• لكن بالنظر إلى سياق المائة يوم الأولى من رئاسته تندرج تصريحات أوباما التي تخلو من المنطق في إطار نسق عام يثير الكثير من الإزعاج، فمنذ أدائه اليمين الدستورية وأوباما يوجه انتقادات لسلفه أينما حل وارتحل، معترفاً بأخطاء أميركا المزعومة ومنتقداً البلد الذي يقوده من على منبر الرأي العام الدولي• وكان أول خطاب للإدانة ألقاه أوباما بالنيابة عنا ذلك الذي قال فيه إنه يأمل في إعادة ''نفس الاحترام والشراكة اللذين جمعا أميركا بالعالم الإسلامي قبل عشرين أو ثلاثين عاماً'' (هل كان ذلك عندما احتجزت الثورة الإيرانية الرهائين الأميركيين في السفارة لـ444 يوماً؟)، وذلك دون أن يوضح أوباما الأسباب التي أدت إلى التوتر في العلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي مما أعطى الانطباع للجمهور بأن الراديكالية الإسلامية هي خطأ أميركي بقدر ما هي خطأ الراديكاليين أنفسهم• بيد أن تلك لم تكن سوى البداية، حيث انتظر أوباما لتصعيد خطابه الاعتذاري زيارته الأولى خارج أميركا ليقول في ستراسبورغ بفرنسا: ''إن الولايات المتحدة فشلت في تقدير الدور القيادي لأوروبا في العالم''، وإن هناك أوقاتاً أظهرت فيها الولايات المتحدة ''غطرسة وتهميشاً للأوروبيين وصلا أحياناً إلى حد الازدراء''، وبصرف النظر عن مدى صحة كلام أوباما حول دور أوروبا القيادي في العالم -الذي لم تلعبه في الحقيقة منذ 60 عاماً عندما أوشكت على تدمير نفسها بنفسها- لم يوضح الرئيس كيف ازدرت أميركا ذلك الدور الأوروبي المزعوم؟ والأكثر إثارة للقلق هو أن تلك الانتقادات التي وجهها أوباما لبوش أمام أنظار العالم كانت محاولة مكشوفة للتودد إلى الأوروبيين ونيل رضاهم• وكأن كل هذا لا يكفي، ألقى أوباما خطاباً آخر في براغ يعتذر فيه للجميع عن استخدام أميركا للسلاح النووي في الحرب العالمية الثانية قائلا ''باعتبار أميركا القوة النووية الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي، فإنها تتحمل مسؤولية أخلاقية'' لدعم جهود نزع السلاح• وما نسيه أوباما هنا هو أن استخدام القنبلة الذرية لإنهاء الحرب مع اليابان هو ما أنقذ مئات الآلاف من الأرواح، كما أن حيازة أميركا للسلاح النووي هي ما حال دون تطور الحرب الباردة إلى حرب ساخنة، لكن الأسوأ من ذلك كله تحميل أميركا مسؤولية الانتشار النووي وليس الأنظمة الأخرى التي تسعى إلى امتلاك التكنولوجيا النووية• وفي تركيا، واصل أوباما نبرته الاعتذارية هذه بقوله: ''أعرف أن الثقة التي تربطنا تعرضت للتوتر، وأعرف أن هذا التوتر موجود في أماكن عديدة، حيث يمارس الدين الإسلامي، لذا دعوني أقل بوضوح: الولايات المتحدة ليست في حرب مع الإسلام''، وهنا ربط أوباما رفض تركيا السماح للقوات الأميركية باستخدام أراضيها لدخول العراق بالادعاء الزائف بأن أميركا تخوض حرباً ضد الإسلام• وعندما لا يكون أوباما بصدد انتقاد الإدارة السابقة، أو الاعتذار نيابة عن أميركا، فهو ينشغل بالتودد الغريب إلى القادة المستبدين، فأثناء قمة الأميركتين جلس أوباما في مكانه هادئاً طيلة الخمسين دقيقة التي ظل فيها رئيس نيكاراجوا الشيوعي، دانيال أورتيجا، يهاجم أميركا، وكان منشرحاً للغاية، بل وبدا عليه الحبور وهو يصافح هوجو شافيز• ولا ضير في أن يشارك الرئيس الأميركي في لقاءات دولية ويسمع انتقادات لاذعة توجه إلى الولايات المتحدة، لكن إذا كان قادراً على سماع الإهانات اللفظية من قادة أميركا اللاتينية السلطويين، فلا أقل من أن يقول الحقيقة ويرد على بعض الأكاذيب والافتراءات• ومع أن التداعيات السلبية لتصرفات أوباما الودية أكثر من اللازم لن تظهر على الفور، بحيث لن تؤدي مثلا مصافحة شافيز إلى إغلاق المزيد من المحطات الإذاعية المعارضة في فنزويلا، ولن تقود لهجته الاعتذارية في أوروبا إلى المزيد من الاعتداءات الروسية غداً، إلا أن الضعف الذي أبداه أوباما سيقوي، دون شك، خصومنا، وسيحبط أنصارنا المدافعين عن الحرية حول العالم• جيمس كورتشيك مساعد رئيس تحرير مجلة نيو ريبابليك الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©