السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سمات المثقَّف

سمات المثقَّف
5 ابريل 2008 01:51
يشعرك المثقف العربي في انفصال تام عن الحياة وعن حراكها الذي يلج في التقدم! كما لا يد للمثقف العربي في عملية البناء نحو مجتمع متحضر ومثقف، بل فاقد ذلك المثقف للكثير من صفاته الأساسية، فاقد لأدواته ومعطياته، مختزل بألم الكثير من استنتاجاته العلمية والثقافية التي من شأنها أن ترقى بالمجتمع رقياً باهراً، كما لو يلتزم المثقف العربي الصمت، يتوارى خلف الزمن يقرأ الواقع المرير من مكان بعيد· فهو خلاف المثقف في بلدان متقدمة، يثور من أجل استخراج المخزون الفكري والثقافي ومن أجل آلية التغيير والتصحيح، فلا يقف عند حد! فانصهار المثقف العربي في همومه اليومية بعيداً عن الهم العام مراده طمس هويته الثقافية، وتشتيت أفكاره ورؤاه، لذا تشعرك هذه الحالة لقراءة واقع آخر من الثقافة العربية التي أصبحت مبهمة! أو حالة تعتريها من البهرجة السطحية الترفيهية لا أكثر، ثقافة تعبر بلا عمق معرفي وعلى طريقة الهيمنة السائدة، ثقافة قائمة بلا أسس ناضجة، فالرسالة الإصلاحية لا تستقيم مع مجتمعات بلا وعي، لذا نرى تردي القيم المجتمعية وتذبذب مكانة العقائد، وتخلخل المشروع الثقافي العربي، وفقده للتوازن ما بين الموروث الفكري والقادم من ثقافات عالمية مطلية بشكل من أشكال التقدم والرقي، مجتمعات تنبهر بالقادم وتسلم مورثها للعبث أو تقديمه بشكل خجول! فما يشعر به المثقف العربي الحق أنه في حالة إخفاق دائم، وهذه من أخطر الظواهر التي تعيشها الأمة وقد تشكل نظرة محبطة أمام التحديات القادمة، مما يفرز المثقف الواهي وليس النموذج الذي من شأنه أن يصنع الفارق، فالمثقف الواهي لا يملك العوامل الثقافية ولا الأدوات اللازمة التي من أجلها يستلزم التغيير، فالوهم لا يصنع الحقائق بل يكرس ثوب الظلام في حياة مطلية بالخوف وفقد الثقة، ومؤشر عقم الإرادة الثقافية ماثل إلى الخواء، فمن أجل ذلك تجد المثقف المنعزل وتجد الطموحات الجميلة تتبخر ورغبة التجديد تتحول إلى طنين ألم في وجدان الشعوب العربية التي أصبحت تعاني من مرض اللا وعي· وعلى خلفية هذه الحقائق المريرة المهيمنة على الأمة وشعوبها، يسأل المرء: أين المثقف الحر؟ وأين الثقافة الحرة والنبيلة التي من شأنها أن تصبح سمة من سمات الشعوب العربية؟· ألا تحتاج تلك الشعوب إلى نخبة مثقفة تتأصل في كيان الأمة، بل تنبثق منها بحروف نيرة كما لو تصبح بريق نهارها في البحث والتجلي نحو القيم الحياتية الأصيلة!! ولكي تجتمع شعوبها على أرضية ثقافية ناضجة تستدل من خلالها وترى من منظورها وتقرر من مفهومها بعد أن تنكشف لها الحقائق الحياتية النابعة من الايمان الفكري الرصين·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©