السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الدولار يتحول من رمز القوة إلى لعنة

الدولار يتحول من رمز القوة إلى لعنة
27 نوفمبر 2007 23:02
يبدو أن الانهيار الذي يعاني منه الدولار قد جعل هذه العملة تتخندق في وضع دفاعي بحيث أصبح العديد من الخبراء يتخوفون من عدم قدرتها على الصعود مرة أخرى، وبعد ان كانت حيازة الدولار رمزاً للقوة والثقة أصبحت لعنةً على المستثمرين بسبب تراجعه شبه المستمر· فبعد أشهر من الاضطرابات المستمرة في أسواق المال الدولية أصبحت أعداد متزايدة من المتعاملين والمستثمرين الدوليين تشرع في تحويل ثرواتها إلى عملات أكثر قوة مثل اليورو الذي تمكن مؤخراً من اختراق أعلى سقف له مقابل الدولار· وكما ورد في صحيفة الاندبندنت اللندنية مؤخراً فإن العاصفة التي اجتاحت سوق الرهن الأميركي قد زادت من حدة سقوط الدولار وأدت كذلك إلى انهيار أحد أكبر البنوك البريطانية ''نورثرن روك'' قبل أن تبدأ العديد من البنوك الغربية الإعلان عن خسائر باهظة، وبالأمس القريب بدا أن الدولار قد بلغ مستوى القاع مع تواتر أنباء بأن أزمة الائتمان الأميركية أصبحت في طريقها للتفاقم والإمساك بخناق العديد من الاقتصاديات الأخرى في أنحاء عديدة في العالم· وكان هنري بولسون وزير الخزانة الأميركي قد حذر مؤتمر قمة الأعمال التجارية المنعقد مؤخراً في جنوب أفريقيا قائلاً: ''إن أجزاء من سوق الرهن الأميركي سوف تتفاقم أوضاعها إذ أن أعداداً كبيرة من أصحاب المنازل الأميركيين ما زالت لم تلحق بها الأضرار بسبب أسعار الفائدة المفروضة في السابق عندما اقترضت الأموال في عامي 2005 و،2006 ولكن وعندما ينتهي أجل هذه الأسعار، فإن مدفوعاتهم للفوائد سوف تزداد وبشكل يؤدي إلى موجة أخرى من الخسائر والكساد وبشكل يرجح أن يشهد الدولار المزيد من السقوط الصاروخي''· وحذر كينيث فروت الأستاذ في جامعة هارفارد والاستشاري الأسبق للاحتياطي الفيدرالي الأميركي في الأسبوع الماضي من أن ''جزءاً من التدهور الذي يشهده الدولار سوف يتسم بالديمومة إذ أصبح من المؤكد أن الدولار يجب أن يتراجع أمام العملات القوية حتى يعكس الزيادة التي تتميز بها هذه العملات فيما يتعلق بالتنافسية والانتاجية''· أما البروفسور ريوردان رويت في جامعة جونز هوبكينز في بالتيمور فقد قال ''أصبح هنالك فقدان في الثقة في الدولار وفي الولايات المتحدة الأميركية على حد سواء، وهو أمر ربما يعكس بصورة حزينة الغضب الواسع الانتشار من إدارة الرئيس بوش إلا أن من الواضح أن الإدارة القادمة بصرف النظر عن الحزب الذي سيأتي بها سوف يتعين عليها مكابدة المعاناة والشروع في النضال منذ البداية من أجل تدارك الموقف، فبالإضافة إلى بلوغه أدنى مستوى له أمام اليورو بسعر بلغ 1,49 دولار في الأسبوع الماضي فإن الدولار قد سقط أيضاً إلى أدنى مستوياته أمام الدولار الكندي منذ العام 1950 وأمام الاسترليني منذ العام 1981 وأمام الفرنك السويسري منذ العام ·1995 ولعل أكثر ما فاقم من هذه النكبة تلك الإشارات المتواترة من الصين بأنها ربما تصبح في طريقها للتحول إلى العملات الأخرى، فقد صرح سيوي نائب رئيس اللجنة الدائمة لمؤتمر الشعب الوطني أمام مؤتمر الحزب في بكين قائلاً ''سوف تفضل العملات القوية على العملات الأضعف ونعيد تعديل اقتصادنا تبعاً لذلك''· وعزز من هذه التحذيرات الحديث الذي أدلى به اكسو جيان نائب رئيس البنك المركزي الصيني قائلاً: ''من الواضح أن الدولار قد فقد مكانته كعملة عالمية''، وإلى ذلك فقد تمكنت الصين من تكديس عملات أجنبية بقيمة تصل إلى 700 مليار جنيه استرليني، لذا فإن أي قرار تتخذه بابطاء وتيرة تملكها للدولار من شأنه أن يجعل العملة الخضراء تعاني المزيد من الضعف والتدهور· فقد ظل الدولار يساوره الضعف في أحيان كثيرة من قبل أن يتعافى ويعود للازدهار مجدداً، وكذلك شهد اليورو فترات من الضعف عندما ارتفع الدولار قبل أربعة أعوام من الآن إلى أعلى مستوى له مقابل العملة الأوروبية، إلا أن من الواضح أن الأمور أصبحت شديدة الاختلاف في هذه الجولة وبات من الصعوبة بمكان أن يستعيد الدولار مكانته كعملة رئيسية في العالم· ولعل هذا الأمر يعود إلى ثلاثة أسباب تدعو للاعتقاد بأن ضعف الدولار سوف يستمر إلى حين في هذه المرة، وأول هذه الأسباب يكمن في أن اليورو العملة المنافسة أصبح يغطي منطقة اقتصادية بحجم لا يقل أبداً عن الولايات المتحدة الأميركية وباتت تشهد نمواً بوتيرة أسرع بكثير وبشكل يحفز الطلب على العملة بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يرغبون أكثر في الاستثمار في منطقة تؤدى أداء أفضل· وثانياً فإن العجز الذي يساور الحساب الجاري الأميركي أًصبح أكبر من ذي قبل وفي جميع فترات ضعف الدولار السابقة مقارنة باجمالي الناتج المحلي بعد أن بلغ حوالي 6 في المئة من هذا الاجمالي، وهي نسبة عالية بجميع المقاييس فجموع المستثمرين لم تعمد فقط إلى إخراج أموالها من الولايات المتحدة حتى تمارس المزيد من الضغوط على الدولار بل إنها توقفت أيضاً عن وضع أموالها هناك وبأحجام هائلة منذ الصيف الماضي· أما السبب الثالث فقد بات يمكن في أن الحجم النسبي للاقتصاد الأميركي أصبح يمضي إلى تضاؤل وانكماش في الوقت الذي تكتسب فيه الاقتصاديات الآسيوية - وبخاصة الهند والصين - المزيد من الازدهار والنمو عاماً بعد عام، وغني عن القول إن الصين أصبحت في طريقها لأن تتجاوز ألمانيا في العام المقبل لتصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة واليابان، بل إنها بنفس هذه الوتيرة سوف تتجاوز اليابان في خلال فترة عقد من الزمان، لذا فإنه وفي الوقت الذي ستتمكن فيه الولايات المتحدة من الاحتفاظ بمكانتها كأكبر اقتصاد في العالم لجيل قادم على الأكثر فإنها من المؤكد أنها لن تعود تهيمن على العالم بالطريقة التي اعتادت عليها· وفي ظل استمرار انعدام الثقة بالدولار فإن العملة الخضراء مرشحة لأن تشهد المزيد من السقوط، ولكن الانهيار في هذه المرة من المرجح أن يتسم باثار مدمرة ليس اقلها على الاقتصاد الأوروبي حيث يعاني المصدرون أصلاً من الارتفاع غير المسبوق في قيمة اليورو، وإذا ما استمرت الأموال في الخروج عن السيطرة فقد تعمد السلطات المالية إلى اجتراح نوع من المهام والخطط الإنقاذية، ولكن وحتى في حال نجاح المساعي الهادفة لانعاش الدولار فإن العالم سيصبح في وضعية كاملة الاختلاف آنذاك، وربما يستمر لتسعير النفط بالدولار إلا أن المزيد من الأشخاص في جميع أنحاء العالم سوف يكونون قد احتفظوا اصلاً بموجوداتهم وأصولهم بعملة اليورو·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©