السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطبقة الوسطى الباكستانية··· بين معوقات حجمها وقناعات دورها

الطبقة الوسطى الباكستانية··· بين معوقات حجمها وقناعات دورها
25 نوفمبر 2007 23:08
خلال السنوات الثماني الماضية حقق ''تنوير أحمد'' -40 عاما ويعمل مديرا لإحدى الشركات الدوائية- ازدهارا متواصلا في عمله، بفضل الإصلاحات الاقتصادية التي أدخلها الرئيس الباكستاني ''برويز مشرف''، ففي تلك السنوات التي شهدت نموا للاقتصاد الباكستاني بنسبة 6 في المائة سنويا، انتقل السيد'' أحمد'' من موظف مبتدئ إلى مدير إقليمي، وبات قادرا على إرسال أولاده الخمسة إلى مدارس خاصة، وشراء سيارة جديدة، واستئجار منزل في ''إسلام أباد'' التي تعتبر من أغلى المدن الباكستانية· غير أن ''أحمد'' يشعر بالسخط الآن تجاه الرجل الذي حقق الازدهار للطبقة المتوسطة في المدن، والذي يعتبر هو نفسه جزءا منها، ويفسر ذلك الشعور بقوله: إن القرار الذي اتخذه مشرف في الثالث من نوفمبر الحالي، بإعلان حالة الطوارئ قرار غير شرعي، علاوة على أنه أدى إلى شل حركة الاقتصاد الذي غير حياته''· ويضيف إلى ما سبق قوله: ''إنه قرار غير ديمقراطي، وكـــل مــــا يفعلــه مشرف في الوقـــت الراهن يهدف من خلاله إلى تحقيق منفعتـــه الشخصيــة في الأساس''· وفقدان ''مشرف'' للثقة في أوساط أناس يعـــد في الحقيقـــة من أكبر الانتكاسات التي يتعرض لها حكمـــه، الذي غير شكل باكستان إلى حد كبير وجعلها مختلفة عما كانت عليه عندمـــا تولى زمام السلطة عقب انقلاب 1999 العسكري· ففي محاولته للتمسك بالحكم، يجد ''مشرف'' نفسه أمام معارضة من قبل الطبقة الوسطى التي زاد حجمها في عهده، والتي كان تُحسن أوضاعها من أبرز إنجازاته، كما يجد نفسه كذلك، مضطرا إلى اللجوء للسلطات الاستثنائية للأحكام العرفية للتضييق على وسيلــة كـان قــــد ساهـــم في إطلاقهـــا، وهي وسائل الإعلام الخبري المستقلة والنشطة· وعلى الرغم من تزايد أعداد الساخطين على حكم ''مشرف''، إلا أن هذا العدد لا يزال ضئيلا بدرجة لا تمكنه من ممارسة ضغط على السياسات الباكستانية -كما يقول أساتذة السياسة- بيد أن هذا السخط ذاته يمكن أن يكون عاملا حاسما، خصوصا إذا ما تُرجم في شكل زيادة في الفعالية والنشاط السياسي، وإقامة تحالفات أوسع نطاقا؛ حول هذه النقطة تقول ''تيريسيتا شافر'' -مديرة برنامج جنوب آسيا في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن-: ''إن الطبقة المتوسطة البازغة مهمة جدا لمستقبل باكستان، بيد أن المشكلة تكمن في أن حجمها بالقياس إلى التعداد الكلي للسكان لا يمكنه من التأثير على نتائج الانتخابات، أو تَصَدُر حركة اجتماعية رئيسية''· وعلى الرغم من عدم وجود أرقام دقيقة عن حجم الطبقة الوسطى، فإن أساتذة علم السياسة الباكستانيين يقدرون أن الطبقة العليا والوسطى الباكستانية ربما تضم في الوقت الراهن ما بين 10 إلى 20 في المائة من السكان· ولكن هؤلاء الأساتذة يحذرون من أن النمو الاقتصادي الذي تم في البلاد خلال سنوات حكم مشرف لم يكن متوازنا، حيث تركز في الأساس على قطاع البنوك، وقطاع الهواتف النقالة، والقطاع العقاري، في حين ظلت الزراعة وصناعة النسيج على حالهما، كما ظل 65 في المائة من السكان الذين يعيشون في المناطق الزراعية -التي تعد الساحة الرئيسية التقليدية لممارسة السياسة- على حالهم أيضا· فلعقود طويلة كان يشار إلى النخبة الباكستانية المعتدلة باعتبارها طبقة ''ثرثارة'' تنأى بنفسها عن الساحة السياسية، ونادرا ما تشارك في التصويت· وكانت طبقة ملاك الأراضي والإقطاعيين، هي التي تسود الساحة السياسية، حيث كان بمقدور هذه الطبقة دائما حشد كتل هائلة من المزارعين الفقراء للتصويت لصالحها؛ وكان مفتاح هذه الطبقة للفوز في الانتخابات هو عقد التحالفات الصائبة، وتوزيع الرشاوى وتقديم المنافع والخدمات الاجتماعية للسكان· مع ذلك فإن البلاد ظلت على مدار السنوات الماضية تتغير ببطء، وبشكل دفع عددا متزايدا إلى الاعتقاد بأن باكستان قد غدت أكثر استعدادا من أي وقت سابق للحكم الديمقراطي، وإنه إذا ما عقدت اجتماعات حرة وعادلة فيها الآن، فإن هناك زعماء سياسيين جددا سوف يبرزون، وهو ما سيؤدي إلى تناقص نفور الطبقة الوسطى سواء من ''مشرف''، أو من الزعماء السياسيين مثل ''بنظير بوتو'' و''نواز شريف'' اللذين طالتهما الكثير من ادعاءات الفساد خلال سنوات حكمهما· يقول علماء السياسة إن السبب في عدم خروج هذه الطبقة الآن للشوارع، يرجع إلى أنه لا يوجد أمام أفرادها قادة يمكن لهم اتخاذهم كقدوة؛ وهو ما يوافق عليه ''رسول بخش ريس'' -أستاذ السياسة بجامعة لاهور للعلوم الإدارية، بقوله: ''اعتقد أن المزيد من أفراد هذه الطبقة سوف يصوتون هذه المرة، وخصوصا إذا ما أدركوا أن الساحة مفتوحة للجميع على قدم المساواة، وأن هناك عدالة في الانتخابات، وفي هذه الحالة يمكن الطبقة الوسطى التي نتحدث عنها أن تلعب دورا في تغيير شكل النظام''· ديفيد روهد محرر الشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©