السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات.. حضارة ضاربة في عمق التاريخ

الإمارات.. حضارة ضاربة في عمق التاريخ
18 ابريل 2016 00:32
أبوظبي (وام) تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم، دول العالم في الاحتفال باليوم العالمي للتراث الذي يوافق 18 أبريل من كل عام، والذي تحتفل به المنظمة الدولية للثقافة والعلم والتربية «اليونسكو» مع دول العالم منذ عام 1983، بهدف زيادة الوعي بتنوع التراث الدولي والجهود المطلوبة لحمايته والحفاظ عليه. وتتابعت الاتفاقيات والاجتماعات التي تهدف إلى حماية آثار وتراث العالم من التهديدات الطبيعية والبشرية، وصولاً إلى العام 1978، حيث تم إدراج أول/‏‏‏ 12/‏‏‏ موقعاً في العالم في قائمة «اليونسكو» للتراث العالمي. تلك القائمة أخذت تنمو يوماً بعد يوم لتسلط الضوء والمسؤولية العالمية على مواقع تمثل تاريخ وتراث الحضارة البشرية على الأرض، وتضم قائمة «اليونسكو» للتراث العالمي/‏‏‏ 1011/‏‏‏ موقعاً مقسمة ما بين/‏‏‏ 782/‏‏‏ موقعاً ثقافياً و/‏‏‏229/‏‏‏ موقعاً طبيعياً أو مختلطاً، وضمن هذه القائمة يقع/‏‏‏ 70/‏‏‏ موقعاً في العالم العربي. ودولة الإمارات، وهي تشارك العالم بهذا الاحتفال، تقوم على أساسين، الأول طبيعتها وموقعها ومناخها، والثاني أهلها الذين كانوا منذ وجودهم على هذه الأرض منفتحين على كل الحضارات والثقافات محبين للحياة والسلام، وكلاهما ينطبقان على تعريف المنظمة الدولية للثقافة والعلم والتربية «يونسكو» للتراثين الطبيعي والثقافي. و«التراث الطبيعي» تعرفه الاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي والطبيعي الموقعة في العام 1972، بأنه «المعالم الطبيعية المتألفة من التشكيلات الفيزيائية أو البيولوجية والمناطق المحددة بدقة، والتي تؤلف موطناً للأجناس الحيوانية والنباتات المهددة». وفي هذا المجال، فإن الإمارات تتمتع بالأفضلية، حيث تمتلك أكثر من/‏‏‏ 200/‏‏‏ جزيرة بحرية ذات قيمة تاريخية وتراثية، ولديها العديد من المحميات الطبيعية، وسلاسلها الجبلية لا تقل أهمية عن المناطق الجبلية المنتشرة في أنحاء العالم، وهي أماكن تستحق بدورها أن تكون على لائحة التراث العالمي. وتحتفل دولة الإمارات هذا العام بعرس التراث العالمي، ولديها أكثر من/‏‏‏ 3100/‏‏‏ مبنى تاريخي من بينها/‏‏‏ 600/‏‏‏ في أبوظبي و/‏‏‏ 550/‏‏‏ في دبي و/‏‏‏600/‏‏‏ في الشارقة و/‏‏‏50/‏‏‏ في عجمان و/‏‏‏ 150/‏‏‏ في أم القيوين و/‏‏‏550/‏‏‏ في الفجيرة و/‏‏‏600/‏‏‏ مبنى تاريخي في رأس الخيمة. وتعتبر مواقع التراث العالمي معالم تقوم لجنة التراث العالمي في «اليونسكو» بترشيحها، ليتم إدراجها ضمن برنامج مواقع التراث الدولية، وهذه المعالم قد تكون طبيعية كالمحميات والمقابر وسلاسل الجبال والغابات، وقد تكون من صنع الإنسان، كالمباني والقلاع والحصون والمدن. وتعتبر القلاع والحصون والأبراج والأسوار والمقابر والبيوت والمساجد الأثرية التي تقف شامخة في كل إمارات ومناطق الدولة من أبرز شواهد التاريخ الإماراتي، فهي تجسد جانباً من عظمة الشعب الإماراتي وإسهامه الكبير في الحضارة الإنسانية، وذلك في ضوء أهميتها التاريخية والثقافية والهندسية والمعمارية والدفاعية والحياتية أيضاً، وتمثل براعة فن وهندسة البناء الإماراتية وتفاعلها التام مع احتياجات الإنسان الإماراتي الاجتماعية والدفاعية وخبرته بالفنون المعمارية، منذ مراحل تاريخية مبكرة. ولأن التراث سفير الأصالة ومرآتها الجميلة أمام العالم، حرصت الإمارات على أن تكون من أول دول مجلس التعاون في تسجيل مواقعها الثقافية والطبيعية على قائمة التراث العالمي، وفي هذا الإطار أدرجت منظمة «اليونسكو» مدينة العين الإماراتية على قائمة التراث الإنساني العالمي، لتصبح هذه المدينة الخضراء في قلب الكثبان الرملية والجبال الصخرية أول موقع إماراتي على هذه القائمة. واتخذ القرار خلال الاجتماع الـ 35 للجنة التراث العالمي بـ «اليونسكو»، الذي عقد في مقر المنظمة في باريس خلال صيف عام 2011. وضمت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» المدينة إلى هذه القائمة المهمة بعد ست سنوات من الجهود المتواصلة من الجانب الإماراتي، واستندت المنظمة إلى الأهمية الجيولوجية والأثرية والتاريخية لجبل حفيت الذي يقع عند أطراف المدينة ويشرف عليها، وكذلك إلى حضارة هيلي التي كانت تزدهر في العين، فضلاً عن المنشآت ذات الأهمية التاريخية مثل «بدع بنت سعود»، ومناطق الواحات، ونظام الأفلاج الذي كان يستخدم لإدارة المياه والحفاظ عليها. واعتبرت «اليونسكو» أن نظام الفلج، وهو عبارة عن قنوات مائية طويلة تمتد من فجوة في مكان مرتفع في طبقة صخرية إلى أرض قابلة للزراعة، شكل وسيلة أتاحت تطور المحاضر والقرى المأهولة، إضافة إلى كونه عملاً هندسياً بارعاً.. كما أن حضارة الهيلي التي ازدهرت في العين عرفت بنظامها المتطور لإدارة المياه ومبانيها السكنية المحصنة وعادات الدفن فيها، فيما يحتضن جبل حفيت مواقع دفن تعود إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد. ولاشك أن الاعتراف الدولي بالقيم الاستثنائية العالمية التي تتميز بها مدينة العين يجعل الإمارات محط أنظار واهتمام أسرة التراث العالمي، ويضع، بالتالي، القائمين على شؤونها أمام تحديات كبيرة في سبيل العناية والاهتمام بجميع مكونات التراث الأثري الإماراتي، وتأهيل ما هو متاح ليكون إضافة أخرى للرصيد المحلي الذي ينال الاعتراف الدولي، ويجعلنا محطة يحرص الجميع على التعرف على تجاربنا وخبراتنا في تأهيل مفردات تراثنا الوطني، ليكون ضمن هذه المنظومة العالمية. وتؤكد التنقيبات والشواهد والبحوث أن دولة الإمارات منبع الحضارة وقلب الشرق النابض بالثقافة وشريك أصيل في التراث العالمي، وأن لها تاريخاً عريقاً وموروثاً حضارياً غنياً يزخر بالكنوز الأثرية والتراثية التي تعود إلى حضارات مختلفة نمت وازدهرت على تراب الإمارات منذ ما يزيد على سبعة آلاف عام، واستمرت حتى وقتنا الحاضر، حيث تتمتع بعض هذه المواقع بقيمة استثنائية عالمية تساعد على ترشيحها وإدراجها على قائمة التراث العالمي. وتحظى المواقع الأثرية باهتمام القائمين على تأهيلها وترميمها وحمايتها من الاندثار، ومن أهم المواقع الأثرية في الدولة موقع أم النار في جنوب شرق أبوظبي، والقطارة، والهيلي، وحفيت، وبدع بنت سعود في مدينة العين، وموقع القصيص في دبي، وموقع مليحة في الشارقة، وقصر الزباء في رأس الخيمة، وموقع الدور في أم القيوين، وموقع الزورا وقبور المنامة في عجمان، ومقبرة الجيوش وموقع البدية وقدفع في الفجيرة. ومن أهم المتاحف في الدولة متاحف أبوظبي والعين ودبي وعجمان والفجيرة ورأس الخيمة وأم القيوين، وفي الشارقة يوجد متحف الحصن والآثار والمتحف الإسلامي ومتحف الشارقة للفنون والمتحف العلمي. وتتبنى دولة الإمارات وضع استراتيجيات تضمن التعاون التام والمستمر بين الهيئات المحلية المسؤولة عن الآثار والمتاحف والمحميات الطبيعية في مختلف إمارات الدولة، إضافة إلى التعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة في هذا المجال، ومنها لجنة التراث العالمي، ومركز التراث العالمي، والمركز الدولي لصون الممتلكات الثقافية«الآيكروم»، خاصة بعد أن تم فتح فرع له في إمارة الشارقة، وبرعاية كريمة ودعم مباشر من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة. وأدى هذا التعاون والجهد المتواصل إلى ترشيح سبعة مواقع إماراتية في القائمة الأولية لمواقع التراث العالمي، وتوجد ثلاثة من هذه المواقع في إمارة الشارقة هي: صير بونعير والمشهد الثقافي في المنطقة الوسطى«مليحة» وقلب الشارقة، إضافة إلى جزيرة أم النار في إمارة أبوظبي، وخور دبي، وموقع الدور في أم القيوين، ومسجد البدية في الفجيرة، وتسهم إضافة هذه المواقع المرشحة إلى القائمة العالمية في تسليط الضوء على التراث الغني للإمارات. المجالس والقهوة العربية تنضم «المجالس والقهوة العربية والرزفة» إلى الصقارة والتغرودة والعيالة التي أدرجتها اليونسكو ضمن قائمتها التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي، بينما تم تسجيل السدو في القائمة التمثيلية للتراث الذي يحتاج إلى صون عاجل، ويساهم تسجيل هذه العناصر في تشجيع التنوع الثقافي والحوار الحضاري، من خلال إتاحة المجال للتعرف على أصولها التراثية والاجتماعية. وبفضل جهود الإمارات تحولت القهوة العربية إلى تراث عالمي، بعد أن انضمت لقائمة التراث العالمي باعتبارها رمزاً للكرم والضيافة في المجتمعات العربية وخاصة دولة الإمارات والتي تحرص على إعدادها وتقديمها للزوار وإطلاعهم على أسلوب تجهيز وتقديم وتناول القهوة العربية ومعنى كل خطوة منها وأهميتها في المجتمع المحلي. والإمارات هي كنز للفنون التقليدية والشعبية، ومن خلال الفنون المختلفة يعبر الإنسان الإماراتي عن ذاته ومورثاته وأنماط حياة الآباء والأجداد وتعبر الفنون الشعبية في كل مناطق الدولة عن خصوصية المكان والإنسان كما أنها تقوي روح الجماعة والتماسك الوجداني والفني للمجتمع الإماراتي. ويشاهد الزوار «العيالة»، وهي أحد فنون الأداء الشعبية، ويؤديها صفان متقابلان من الرجال يحملون العصي وينشدون الشعر في حركات إيقاعية مشتركة وترمز إلى قيم الولاء للدولة والقوة والفروسية ويجري تقديمها في الاحتفالات الوطنية والأعراس. الصقارة تراث إنساني بدأت دولة الإمارات اهتمامها بصون الصقارة كتراث إنساني منذ عام 1976 بشكل خاص، عندما نظمت أبوظبي أول مؤتمر دولي للحفاظ على الصقارة وصونها بتوجيهات من المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في إطار اهتمامه المعروف والمشهود له عالمياً بتراثنا العربي الأصيل الذي يمثل قيمنا وعاداتنا وهويتنا الوطنية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©