الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

درس أمبيرتو إيكو

درس أمبيرتو إيكو
15 نوفمبر 2007 04:37
رواية '' اسم الوردة '' هي إحدى روائع المنجز الإبداعي البشري الكتابي في القرن العشرين، ذلك لما تحتويه هذه الرواية من سرد وأحداث وتفاصيل وحبك ولغة وحوار عالية الإتقان· '' اسم الوردة'' درس عظيم في فن الكتابة الروائية قدمه البارع الإيطالي أمبيرتو إيكو ، وبما أن المبدعين الحقيقيين لا يبخلون مطلقا في أن يقدموا أسرار الجمال للبشرية، يفتح إيكو قلبه وعقله للقارئ من خلال كتيب كحاشية على ''اسم الوردة'' يشرح من خلاله آليات الكتابة؛ ففي هذا الكتيب الذي ترجمه وقدم له المغربي سعيد بنكراد في العام الجاري نقلا عن الترجمة الفرنسية للأصل الإيطالي الصادر بعد ثلاث سنوات من صدور رواية إيكو '' إسم الوردة '' في العام 1980 ، يبوح إيكو بالمعلومات الخاصة عند زمن الكتابة، كيف بدأ عملية تأثيث الرواية، أمكنتها وأزمانها والبحث المضني طوال عام كامل قبل وضع الحروف على الورق ·· يبحث في الكتب وتاريخ القرون الوسطى في العمارة حتى وأنه في هذه الأخيرة أتقن تصميم الدير من خلال وضعه بكل تفاصيل البناء الدقيقة كمعماري عايش تلك الحقبة من الزمن، وتطرق إلى بناء القارىء والقناع والنفس· يتحدث عن عنوان الرواية وكيف اختار اسم الوردة بدلا من عناوين أخرى مثل ''دير الجريمة '' وهو العنوان الذي بالتأكيد وكما يقول ايكو سوف يجعل عشاق كتب الجرائم والذين هم بالملايين في العالم أن يتهافتوا على الكتاب بمجرد عنوان الكتاب، إلا انه تخلى عن هذا العنوان، حيث يقول إن السارد ( الروائي) ليس ملزما بتقديم تأويلات لعمله وذلك بدءاً من العنوان الذي يرى إيكو بأنه يجب ألا يحيل إلى أي شيء وإلى كل شيء في الآن نفسه، وكان '' اسم الوردة'' لأن اسم الوردة كما يقول ايكو صورة رمزية مليئة بالدلالات لدرجة أنها تكاد تفقد في نهاية الأمر كل الدلالات· من خلال هذا الكتيب نفهم جيدا مدى الإخلاص الذي قدمه ايكو للرواية بكل تفاصيلها، وليعمق ويؤكد على أن فعل الكتابة الروائية ليس استسهالاً أمام الورق وكوم الحروف والكلمات، إنها عمل وعمل مضنٍ أيضا، إنها الإيغال العميق في الفكرة وفي الحرف وفي الدلالة، وكيفية القبض على الزمن وإدارته؛ كيف تلامس واقع الحدث وتحيل إتقان نقل الواقع إلى إبداع ينساب سطورا لامعة مدهشة مغيرة ومحرضة· ومن أجمل ما يذكره إيكو في هذا الكتيب استشهاده بالمثل الهندي الذي يقول: اجلس على ضفة النهر وانتظر فستطفو لا محالة جثة عدوك فوق الماء· وكيف ساهم التأويل لهذا المثل في التأثيث الأولي في الكتابة والتحديق في المشهد من خلال طرح الاحتمالات العديدة في كيفية تعامل أمزجة متعددة امام مشهد جثة العدو التي تطفو فجأة، وعلى ذلك يمكن قياس التفاعلات النفسية المتمثلة في ردة الفعل وتوظيف الحوار والحركة والسيناريو والسرد· ولكما عزيزتي وعزيزي القارئ ان تقطفا ''الوردة'' وتنزويا مع الفرجة والمتعة والبهجة والدهشة· saadjumah@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©