الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النووي الباكستاني··· بين تمزق الولاءات وانخفاض الأمان

النووي الباكستاني··· بين تمزق الولاءات وانخفاض الأمان
12 نوفمبر 2007 01:43
عندما علمت الولايات المتحدة عام 2001 أن علماء باكستان قد تقاسموا بعضا من الأسرار النووية مع أعضاء القاعدة، فإن إدارتها التي انتابها الفزع استجابت لذلك من خلال إرسال معدات تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات تشمل معدات كشف أي عمليات تدخل أو اقتحام، ومنظومات للتدقيق على الهوية، من أجل حماية ترسانة باكستان النووية· وعلى الرغم من ذلك، ظلت باكستان متشككة في حقيقة الأهداف الأميركية من تقديم هذه المعدات، وامتنعت عن إعطاء الخبراء الأميركيين إذنا بالدخول المباشر لستة- أو نحو ذلك- من الملاجئ النووية، التي تخزن فيها مكونات ترسانتها النووية التي تضم 50 سلاحا نوويا تقريبا· بالنسبة للمسؤولين الأميركيين الذين يراقبون تطورات الأزمة السياسية المتصاعدة في باكستان، فإن تلك التجربة تقدم لهم تطمينا من جهة، وتوفر لهم أسبابا للقلق في ذات الوقت· وحماية أسلحة باكستان النووية، تعتبر في نظر الخبراء، أمرا مساويا في الأهمية لحماية أسلحة معظم القوى النووية الغربية، بيد أن ما يثير قلق المسؤولين الأميركيين، هو أن معرفتهم المحدودة بالمواقع والأحوال التي يتم فيها تخزين الأسلحة النووية الباكستانية، لا يتيح لهم سوى خيارات قليلة جديدة للتدخل المباشر من أجل الحيلولة دون وقوع تلك الأسلحة في أيدي جهات -أو أفراد- غير مرخص لها· يعلق مسؤول أميركي سابق -يقوم برصد آخر التطويرات النووية التي يتم إدخالها على الأسلحة النووية الباكستانية- على ذلك بقوله: ''لا نستطيع أن نقول بيقين مطلق إننا نعرف أين توجد بالضبط كافة مكونات الترسانة النووية الباكستانية، وإذا ما أقدمت الولايات المتحدة على محاولة للاستيلاء على تلك الأسلحة لمنع وقوعها في أيدي آخرين، فإن تلك المحاولة يمكن أن تتحول إلى مأزق كبير''· إن من بين ترسانات العالم النووية التسع المعلنة وغير المعلنة، ليس هناك ترسانة تثير قلقا شديدا في واشنطن مثل الترسانة الباكستانية، بحسب مسؤولين أميركيين عديدين؛ ويرجع السبب في ذلك كما يقول هؤلاء المسؤولون، إلى أن الحكومة القائمة في إسلام أباد هي الحكومة الأقل استقرارا مقارنة بباقي حكومات الدول النووية الثماني المتبقية· يضاف إلى ذلك، أن بعض المناطق الباكستانية خاضعة جزئيا في الوقت الراهن لسيطرة المتمردين المصممين على ارتكاب أعمال إرهاب معادية في الغرب، وأن بعض المسؤولين القريبين من السلطة مثل المهندس النووي عبد القدير خان، وبعض المتعاونين السابقين معه في المؤسسة العسكرية الباكستانية، لديهم سجل يدعو للقلق في نقل التصميمات والتقنيات النووية الحساسة إلى الآخرين· هذا السجل، مقرونا بمفهوم مكافحة الإرهاب المتحكم في صناعة السياسات في واشنطن منذ وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر، هو الذي جعل قلق إدارة بوش من احتمال استخدام الترسانة النووية الباكستانية في حرب مرعبة مع الهند، أقل من قلقها من احتمال تحول تلك الترسانة إلى تهديد أمني لأميركا ذاتها في حالة سرقة أجزاء منها، أو تحويلها إلى الجماعات الإرهابية· ونظرا للجدية البالغة لهذه المخاطر، فإن المسؤولين الاستخباراتيين الأميركيين، حرصوا منذ فترة طويلة على أن تكون لدى بلادهم خطط طوارئ للتدخل، للحيلولة دون احتمال وقوع مثل هذه السرقة في باكستان، كما يؤكد بعض المسؤولين الأميركيين المطلعين· وعلى الرغم من أن هؤلاء المسؤولين لم يناقشوا تفاصيل تلك الخطط بسبب سريتها، إلا أن العديد من المسؤولين السابقين كانوا قد أكدوا من قبل أن تلك الخطط تنطوي على جهود لنقل الأسلحة النووية من باكستان إذا ما تبين أن هناك خطرا وشيكا أو احتمالا لوقوعها في أيدي الإرهابيين· وعلى الرغم من أن تلك الخطط تتوقع -حسب أفضل السيناريوهات- أن يتعاون العسكريون الباكستانيون مع الولايات المتحدة في تقدير مدى أهمية وخطورة ذلك التهديد، إلا أن المسؤولين الأميركيين لم يغفلوا عن احتمال عدم حدوث ذلك التعاون من جانب الباكستانيين· ويقول ''مات بان'' -خبير الأسلحة والمسؤول العلمي السابق في إدارة ''بيل كلينتون''- في معرض تعليقه: ''على الرغم من أننا لا زلنا بعيدين عن أي سيناريو من تلك السيناريوهات، إلا أن الاضطرابات الحالية في باكستان تبرز مدى أهمية الحاجة لعمل كل ما يمكن لنا أن نقوم به في الوقت الراهن من أجل تحسين التعاون والتفكير جديا حول كل ما يمكن أن يحــدث في هـذا الشـــأن''· وعلى الرغم من أن المسؤولين السابقين والحاليين الأميركيين يقولون إنهم يعتقدون أن المخزون النووي لباكستان لا يزال آمنا حتى الآن، إلا أنهم يعبرون عن قلقهم أيضا من احتمال انخفاض مستوى هذا الأمان أو إضعافه، إذا ما استمرت الاضطرابات والقلاقل الحالية، أو تفاقمت· وأكثر ما يقلق هؤلاء المسؤولين في الوقت الراهن هو ما يبدو من تشتت لولاء العسكريين الباكستانيين وقادة الأجهزة الاستخباراتية الذين يضطلعون بمسؤولية حماية الترسانة النووية لبلادهم، وذلك بسبب الخلافات الإثنية والدينية في البلاد، والتي أصبحت تنعكس بشكل أو بآخر على أفراد المؤسسة العسكرية، وهو ما يجعل الوضع الحالي في البلاد مختلفا عما كان عليه منذ سنوات قلائل· ويعرب مسؤولون استخباراتيون أميركيون حاليون وسابقون عن اعتقادهم بأن الجيش الباكستاني قـــد لا يظـــل مواليا للجنرال مشـــرف، أو قد يفقد تماسكـــه، إذا ما اتســـع نطاق العنف السائد حاليا، أو طالت مدته· وقد أدلى ''الليفتنانت'' جنرال ( فريق) ''كارتر هام'' -مدير العمليات بهيئة الأركان المشتركة الأميركية- بتصريح في مؤتمر صحفي -عقد الأسبوع الماضي في مقر البنتاجون- قال فيه: ''في أي وقت تواجه فيه أمة مزودة بأسلحة نووية وضعا مثل الوضع الذي تمر به باكستان في الوقت الراهن، فإن ذلك يعتبر باعثا رئيسيا للقلق لدينا، ونحن نراقب الأوضـــاع هنـــاك عن كثــب في الوقت الراهن، وهذا هو كل ما يمكنني قولــــه حـــول هــذا الأمر في الوقت الراهن''· يعبر ''جون برينان'' -المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي·آي·إيه)، والمدير السابق للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب- عن رأي قريب من ذلك بقوله: إن واشنطن واثقة من أن الإجراءات الباكستانية المطبقة من أجل حماية ترسانتها النووية، مصمَمة كي تكون على درجة من المتانة التي تسمح لها بالتعامل مع ''درجة معقولة من الاضطراب السياسي''؛ بيد أن المشكلة في رأيه تتمثل في عدم قدرة أحد على التنبؤ بماذا يمكن أن يحدث إذا ما انزلقت البلاد نحو الحرب الأهلية أو الفوضى الشاملة· يعلق ''ديفيد أولبرايت'' مفتش الأسلحة الأميركية السابق ورئيس ''معهد العلوم والأمان الدولي'' على ذلك بقوله:'' إذا لم يعد الاستقرار للبلاد مجددا، فإن الخطورة هنا، خصوصــا إذا مــا تمزقـــت الولاءات وانهارت، أو إذا ظهــرت مراكز للقـوى داخـــل الجيش تكمن في احتمال نظر البعض إلى الترسانة النووية على أنها جائزة أو وسيلة لتحقيق أرباح طائلة من خلال بيع أجزاء من تلك الترسانــــة، وليـــس ضروريـــا أن يفكـــر مثل هؤلاء في الحصول على الترسانة النووية برمتهــا وإنمـــا يكفيهم أن يحصلوا على جوهرها فقط ''· محلل سياسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©