الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القوات البريطانية في البصرة··· وتطورات الوضع الأمني

القوات البريطانية في البصرة··· وتطورات الوضع الأمني
3 ابريل 2008 00:05
قبل ستة أشهر كان رئيس الوزراء البريطاني ''جوردون براون'' قد استعرض ملامح خطة عسكرية ترمي إلى خفض عدد الجنود البريطانيين المرابطين في جنوبي العراق، بمعدل كبير بحلول ربيع العام الحالي، إلا أن وزير الدفاع ''ديزموند براون'' أعلن يوم الثلاثاء الماضي عن تأجيل تنفيذ تلك الخطة، إلى حين مراجعة الوضع الأمني بمدينة البصرة، وفي الخطاب الذي قدمه أمام مجلس العموم، اعترف وزير الدفاع بأن مشاركة القوات البريطانية في العمليات الأخيرة التي جرت بمدينة البصرة، كانت أكبر وأشد مما سبق الكشف عنه سابقاً، وقد شملت تلك المشاركة الدبابات والسيارات المصفحة وسلاح المدفعية والقوات البرية، إلى جانب المساندة الجوية للقوات العراقية وتسجيل حضور جوي كثيف ومرعب فوق مناطق القتال، إلى ذلك كشف الوزير عن استخدام الطائرات العمودية في أغراض نقل المؤن الغذائية والذخائر والإمدادات الحربية للمقاتلين العراقيين، كما قدمت بريطانيا دعماً طبياً للجنود العراقيين في المستشفيات العسكرية التابعة لها خارج مدينة البصرة· وعلى رغم أن الوزير لم يقل شيئاً عن عدد القتلى البريطانيين في هذه المعارك، إلا أن وصفه لشدة العمليات القتالية، يعطي ثقلاً إضافياً للاعتقاد بفشل الجهود التي بذلتها الحكومة العراقية من أجل سحق المليشيات التابعة لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، وتنظيف مدينة البصرة من وجودها، كما أن قرار تأجيل الخطة التي أعلن عنها ''جوردون براون'' الرامية إلى خفض القوة البريطانية المرابطة في جنوبي العراق، من 4 آلاف جندي، إلى 2500 جندي فحسب، يعد أمراً غريباً نوعاً ما، خاصة وأن ''جوردون براون'' قد قصد وراءها، تمييز مواقفه عن سلفه ''توني بلير''، فضلاً عن حفظ مسافة كافية بينه والحرب العراقية التي لم تحظ بشعبية تذكر في بريطانيا منذ ما قبل شن الغزو في عام ·2003 وكان من رأي المعارضين داخل جلسة البرلمان التي عقدت يوم الثلاثاء الماضي، أن ما حدث في مدينة البصرة خلال الأسبوع الماضي، يعد أول اختبار جدي لمدى عزم بريطانيا على سحب قواتها من هناك، بحيث يتقلص دورها إلى مجرد قوة إشرافيةِ، تمارس دورها في حدود قاعدتها العسكرية في المدينة فحسب، غير أن نتيجة هذا الاختبار حددتها معارك الأسبوع الماضي، التي لا تعد باقتراب بريطانيا من إكمال انسحابها العسكري من العراق· بل إن إعلان لندن عن تأجيل تنفيذ خطة خفض عدد قواتها، كانت له أصداء في ''واشنطن'' أيضاً، فكما هو معلوم فقد كانت ''البنتاجون'' بصدد النظر في خطة ترمي إلى خفض القوات الأميركية المرابطة في العراق، بحيث تصل خلال موسم الصيف الحالي، إلى المعدل السابق لتنفيذ استراتيجية زيادة عدد القوات التي طبقها الرئيس ''بوش'' اعتباراً من العـــام الماضي، إلا أن هذا الخفض تأجل في الوقت الحالي، بينما تعيد وزارة الدفاع النظر في مدى قدرتها على الاعتمـــاد على خطــة مخفضة إلى 140 ألف جندي فحسب، هذا وتقترب الخطط الأميركية البعيدة الأمد من الخطة البريطانية، بحيث يتقلص الوجود العسكري الأميركي إلى دور إشرافي تؤديه قواتها من قواعدها المنصوبة خارج المدن العراقية· هذا ما يعطي أهمية كبيرة للاستمرار في مراقبة التجربة البريطانية الأخيرة في مدينة البصرة، لما لها من تأثير على ما ينتظر القوات الأميركية في العراق، لا سيما مراقبة مدى قدرة الجيش العراقي على خوض معاركه بنفسه، وفي هذا الجانب بالذات، أشارت تعليقات وزير الدفاع البريطاني الواردة أعلاه أمام مجلس العموم، إلى أن الثقة التي أبداها القادة العسكريون العراقيون لا تتناسب ومستوى أدائهم الفعلي في ساحات القتال ضد المليشيات وجماعات التمرد، على نحو ما كشفت عن ذلك بوضوح معارك البصرة الأخيرة وقد كان وزير الدفاع البريطاني في غاية الوضوح والصراحة، في حديثه عن ''هشاشة'' القدرات القتالية للجيش العراقي من جهة، وعن استمرار الحاجة لتدخل القوات البريطانية المرابطة عن قرب، متى ما دعت الضرورة من الجهة الأخرى· هذا وقد تحدث ''براون'' عن قرب الإعلان عن بيان جديد بشأن حجم القوات البريطانية في العراق بحلول نهاية شهر أبريل الجاري، عقب اجتماع أعلن عنه الأسبوع الماضي، بين رئيس الوزراء ''جوردون براون'' والرئيس الأميركي ''جورج بوش'' -هو الأول من نوعه بين القائدين حول العراق منذ صيف العام الماضي-، ويتوقع له أن يتم في السابع عشر من الشهر الحالي، وعلى رغم إشادة وزير الدفاع البريطاني بالدعم الذي قدمته ''واشنطن'' لقرار بريطانيا الخاص بخفض عدد قواتها في العراق، إلا أن هناك من كبار مسؤولي إدارة ''بوش'' من تحدث سراً في مجالسه الخاصة، عن هراء الخطط الرامية إلى خفض القوات البريطانية في البصرة، واصفاً إياها بما يصل إلى حد تسليم المدينة للمليشيات الشيعية المعادية للحكومة العراقية ولقوات التحالف الدولي في ذات الوقت· يذكر أن القادة العسكريين الأميركيين في بغداد، كانوا قد وضعوا خطة صيف العام الماضي، يتم بموجبها نشر قوة عسكرية أميركية قوامها لواء كامل، في جنوبي العراق، في حال انخفاض القوة البريطانية إلى معدل ضعيف للغاية بحيث لا يكفي للتدخل العسكري في حال تجدد القتال وتصاعد المواجهات هناك· ومهما يكن، فقد استبعد وزير الدفاع البريطاني أن على بلاده مواصلة التزامها بخوض العمليات العسكرية المكثفة في جنوبي العراق، وأكد في المقابل على أن الانسحاب العسكري يظل هو الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه بريطانيا· جون إف· بيرنز- لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©