الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«النقد الدولي» وأزمات أفريقيا المالية

16 ابريل 2016 22:28
قبل أقل من عامين، وبعد أن هنأت مديرة صندوق النقد الدولي «كريستين لاجارد» أفريقيا على «المرونة المثيرة للإعجاب» في تعاملها مع الأوضاع الاقتصادية التي تسود العالم، أصبحت بعض كبريات دول القارة بحاجة إلى إنقاذ مالي. وكانت غانا وأنجولا سباقتين لطلب العون من الصندوق العام الماضي، وما لبثت موزمبيق أن لحقت بهما على الرغم من أن «لاجارد» قد وصفتها بأنها الدولة التي تتجسد فيها «الروح الإيجابية» للقارة الأفريقية. وقريباً جداً، ستضطرّ زامبيا إلى اللحاق بالركب. وتسعى كينيا للحصول على قرض من الصندوق بقيمة 1.5 مليار دولار، فيما بدأت نيجيريا التي تعد الاقتصاد الأضخم في أفريقيا، مفاوضات لاقتراض 1 مليار دولار من البنك الدولي. وتسعى زيمبابوي أيضاً للحصول على قروض من كبريات شركات الإقراض في واشنطن. وجاء في بيان صدر عن صندوق النقد الثلاثاء الماضي أن الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار المواد الأولية على المستوى العالمي، والتي هبطت في شهر يناير 2016 إلى أدنى مستوى لها خلال 17 عاماً، بات من المرجح أن يؤدي إلى تراجع معدل النمو الاقتصادي في دول جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى إلى نحو 3 بالمئة خلال العام الجاري (2016)، وهو المعدل الأدنى خلال 10 سنوات، والأخفض من معدل النمو العالمي الذي يبلغ 3.2 بالمئة. ويذكر أن اقتصادات تلك الدول كانت قد سجلت قبل أربعة أعوام نمواً سنوياً تجاوز معدل 5 بالمئة. ويشرح «نيكولا سبيرو»، المستشار في شركة «لوريسا أدفايسوري» للاستشارات المالية التي يوجد مقرها في لندن الوضع في أفريقيا من خلال ما قاله لنا في حديث هاتفي الأربعاء الماضي: «بات من المحتوم على تلك الدول أن تخوض في مفاوضات متعددة الأطراف بعد أن انسحب البساط من تحت اقتصاداتها، ولقد كشفت تلك الاقتصادات عن قصور مؤسساتي تركيبي خطير». وكانت الحكومات الأفريقية التي سبق لها أن ذاقت طعم الانتعاش والنمو الاقتصادي وحظيت بالثقة في أوساط المستثمرين قبل بضعة أعوام، تميل إلى وضع حد لاعتمادها على صندوق النقد والبنك الدولي خلال العقد الماضي، والاعتماد بدلاً من ذلك على دخول الأسواق المالية العالمية لأول مرة في تاريخها، ومنذ عام 2012، باشرت دول مثل زامبيا وأنجولا والكاميرون وموزمبيق وإثيوبيا لأول مرة، ببيع سندات مالية بالدولار الأميركي شهدت رواجاً كبيراً في الأسواق العالمية على الرغم من فوائدها المنخفضة. ويُذكر أن تكاليف الاقتراض شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة بسبب خوف المستثمرين من ارتفاع المبالغ المقترضة وانخفاض قدرة الاقتصادات الأفريقية على التسديد بسبب انخفاض أسعار المواد الأولية. وبلغ متوسط العوائد على السندات الدولارية السيادية في دول جنوب الصحراء الكبرى 7.61 بالمئة في نهاية شهر مارس الماضي، وهي أعلى بنحو 300 نقطة أساس، مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات وفقاً لبيانات «بلومبيرج». وللمقارنة يُشار إلى أن متوسط عوائد القروض الدولارية في الاقتصادات الصاعدة ارتفعت بمقدار 45 نقطة أساس إلى 4.67 في المئة خلال الفترة ذاتها. وقال «رزيم خان» رئيس قسم البحوث الأفريقية في بنك «ستاندارد تشارترد» الذي يوجد مقره في لندن جواباً على سؤال وجهناه إليه عبر البريد الإلكتروني: «يرتبط العامل الخاطئ المهم الذي سجل خلال السنوات الأخيرة في سهولة الحصول على القروض بسبب انخفاض معدلات الفائدة وبحث المستثمرين عن عوائد أعلى من دون الاهتمام بنوعية السياسات الاقتصادية المتبعة، ونحن نرى الآن أن صناعة القرار الاقتصادي في أفريقيا لم تعد تحظى بالاهتمام». وقالت «لاجارد» خلال اجتماع الربيع لصندوق النقد الدولي الذي نظم في واشنطن الخميس الماضي إن الصندوق أصبح جاهزاً لتقديم الدعم المالي لنيجيريا لو طلبت منه ذلك، ويوم الجمعة الماضي، قررت وزيرة المالية النيجيرية «كيمي آديوسن» ونظيرها الرواندي «كلافير جاتيت» فتح نقاش للتأكد مما إذا كانت دول جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى قد دخلت بالفعل في حالة تباطؤ اقتصادي، وفيما باشرت عض تلك الدول مثل نيجيريا وأنجولا، وهما أكبر منتجتين للنفط في أفريقيا، التفاوض للحصول على قروض من الصين، عبرت بكين عن اهتمامها بإقراض تلك الدول من أجل تطوير مشاريع محددة للبنى التحتية بدلاً من منحها حزماً مالية إنقاذية. وقال خبير مالي إن الصين ليست معنية بمساعدة الدول الأفريقية للتخلص من مشاكلها الاقتصادية المعقدة. وعندما تسوء الأمور، ويصبح الاقتراض أمراً ضرورياً فإن المنظمة الوحيدة في العالم التي يمكنها أن تقدم مليارات الدولارات هي صندوق النقد الدولي. * محلل اقتصادي بريطاني ** محلل اقتصادي كيني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©