السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المتنمرون النفطيون في بورما··· وخفض واردات الطاقة

المتنمرون النفطيون في بورما··· وخفض واردات الطاقة
3 نوفمبر 2007 00:38
في السادس والعشرين من أكتوبر الماضي، أعلن الرئيس الأميركي ''جورج بوش'' عن عقوبات جديدة ضد الحكومة العسكرية في ''ميانمار''، إلا أن أسعار النفط العالمية -التي بلغت مستويات قياسية الأسبوع الماضي- قد تضعف تأثيرها· وإضافة إلى ذلك، فقد انضمت ''ميانمار'' مؤخرا إلى ناد نخبوي يضم الدول التي تستعمل حكوماتُها نفطَها وغازها الطبيعي قصد التخلص من المتاعب، ولنسمه نادي المتنمرين النفطيين· تعد ''ميانمار'' أسرع مُصدر للنفط نموا في آسيا في حين تعد الصين أسرع مستورد للذهب الأسود نموا، وفي هذا السياق، أبرمت ''ميانمار'' مع الصين في مايو المنصرم عقودا طويلة الأمد لاستغلال اثنين من أكبر حقول غازها الطبيعي -وذلك بعد أن رفضت عروضا منافِسة تقدمت بها الهند وكوريا الجنوبية- فكان أن ردت الصين على هذا الجميل بأن عرقلت قرارا للأمم المتحدة يسعى لفرض حظر على ''ميانمار''· بالنسبة لشعب ''ميانمار''، تنطوي صادراته من الغاز الطبيعي إلى الصين على قدر كبير من السخرية، فـ''ميانمار'' ليست منتجا كبيرا للغاز، إذ أن تايلاند وبنغلاديش المجاورتين، على سبيل المثال، تنتجان من الغاز أكثر مما تنتجه ''ميانمار''، غير أنها فقيرة جدا، إلى درجة أنها لا تستطيع استهلاك الغاز الطبيعي الذي تنتجه، وهو ما يترك لها فائضا كبيرا للتصدير· ونتيجة لذلك، يمكن القول إن في فقر ''ميانمار'' خلاص للمجلس العسكري الحاكم· فمثلما هو الحال في دول أخرى مبتلية بـ''لعنة الموارد''، فإن ثروة ''ميانمار'' الطبيعية تساعد على بقاء الحكومة المستبدة في السلطة وتكريس الفساد والصراع الأهلي· ولكن ما يجعل المتنمرين النفطيين فريدين هو قدرتهم على شراء الحماية السياسية من حلفاء أقوياء· فالرئيس السوداني عمر البشير استعمل مبيعات النفط إلى الصين من أجل تأخير الضغوط الدبلوماسية لوقف المذابح في دارفور، ثم التخفيف منها، وحكومة غينيا الاستوائية تتوفر على واحد من أسوأ السجلات في مجال حقوق الإنسان في العالم، ولكنها بفضل ثرواتها النفطية لقيت ترحيبا في واشنطن العام الماضي من قبل وزيرة الخارجية ''كونداليزا رايس'' التي وصفتها بأنها ''صديقة جيدة'' للولايات المتحدة· علاوة على ذلك، فإن بعض المتنمرين النفطيين يخرقون الاتفاقيات أو يشكلون تهديدا لجيرانهم؛ فبرنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني مثلا يخرق اتفاقية حظر الانتشار النووي، ولكن الحكومة الإيرانية تراهن على نفطها قصد التخلص من المتاعب· أما حين يواجه هؤلاء المتنمرون النفطيون العقوبات بالفعل -مثلما حدث مع الزعيم الليبي معمر القذافي، أو الزعيم العراقي صدام حسين بعد حرب الخليج- فإن صادراتهم النفطية تسمح لهم بتفادي الضغوط الاقتصادية أو تخفيف تأثيرها على الأقل· لقد خلق تعطش العالم إلى المحروقات فئةً من الحكومات السيئة وذات التمويل الجيد التي لا تخشى العقوبات الاقتصادية كثيرا؛ فإذا رفضت الولايات المتحدة وحلفاؤها شراء نفطها، فإن ثمة آخرين مستعدون لشرائه· وقد تكون العقوبات التي تُفرض بشكل أحادي، وعلى غرار تلك التي أعلن عنها بوش، مفيدة ومساعدة؛ إلا أنه طالما أن لدى ''ميانمار'' والحكومات الأخرى نفطا لتبيعه، فسيكون لديها الكثير من العملة الصعبة التي تستطيع أن تشتري بها أصدقاء جددا· والواقع أن العلاقة بين الثروة النفطية والسلوك الدولي السيئ هو في الواقع أعمق مما يبدو في اللحظة الأولى· ومن بين الطرق التي يمكن من خلالها قياس ''المواطنة العالمية'' الصالحة لبلد ما حساب عدد الاتفاقيات الدولية المهمة التي تعد طرفا فيها، فيما تكمن طريقةٌ أخرى في حساب تبرعاتها ومساهماتها في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة· من خلال الطريقتين يتبين أن البلدان المصدِّرة للنفط تمثل مواطنين عالميين سيئين إلى حد بعيد، ذلك أنها تميل إلى المصادقة على عدد أقل من الاتفاقيات المهمة، وتقديم تبرعات شحيحة ومحــدودة إلى عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة مقارنة مع بلدان غير مصدرة للنفط ولها مستويات مماثلة من الغنى، فروسيا وفنزويلا والسعودية، على سبيل المثال، تستعمل صادراتها من النفط والغاز الطبيعي كبديـل للتعـاون الدولي· يشير الخبراء إلى أن لا أحد من المتنمرين سيَنفد نفطُه قريبا، غير أن تأثيرهم السياسي يميل إلى الارتفاع والانخفاض وفق أسعار الطاقة العالمية، فكلما كان السعر مرتفعا، كلما كانوا أقل تأثرا بالضغوط الدبلوماسية، أما حينما تنخفض الأسعار، فإن قدرتهم على شراء أصدقاء أقوياء تتقلص أيضا· وعليه، ففي حال تبنى الكونجرس مشروع قانون جديد حول الطاقة يقضي بخفض كبير في واردات الولايات المتحدة من النفط والغاز، فإن الأسعار العالمية ستنخفض؛ وكلما كان سعر النفض منخفضا، كلما ازداد احتمال أن تضطر ''ميانمار'' والسودان وإيران وغيرها في النهاية إلى مواجهة عواقب أعمالها· مدير مركز دراسات جنوب شرق آسيا بجامعة كاليفورينا-لوس أنجلوس وأستاذ العلوم السياسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©