السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان··· والدوّامة النووية بين أميركا والهند

اليابان··· والدوّامة النووية بين أميركا والهند
1 نوفمبر 2007 00:15
تواجه اليابان اليوم معضلة مستعصية، بحيث يتوجّب عليها أن تختار بين بديلين، كلاهما في غير مصلحتها: إما أن تدعم الاتفاقية النووية التي تمّت بين الولايات المتحدة والهند في العشرين من يوليو الماضي، وإما أن تفعل العكس· علماً أن القرار الياباني النهائي قد يضعف الثقة بقراراتها المعتمدة لجهة خفض السلاح النووي قدر الإمكان والتي حاربت طويلاً من أجل إرسائها· إلى الآن، لم تنضم الهند إلى اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي (NPT) كما أنها لم توقّع على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وهما اتفاقيتان تعتبرهما اليابان حجر الزاوية في نظامها ومسارها، وهو ما يقلقها، خصوصاً وانّ بنود الاتفاقية الأميركية ـ الهندية لا تشتمل على إجراءات مضادّة في حال أقدمت الهند على اختبار أسلحتها النووية· بغض النظر عن كونها الدولة الأولى التي اختبرت قدرات الدمار النووي اثر كارثتي هيروشيما وناجازاكي، لطالما كانت اليابان حذرة جداً في التعاطي مع الصفقات النووية، وقد كانت حكيمة كفاية لتتجنّب أي خلافات حول اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي، ولكنها لم تكن قوية كفاية لتحافظ على موقعها كرائدة في مجال خفض انتشار السلاح النووي، ومعارضة استخدامه لأنها على ما يبدو ستجد نفسها مرغمة على الإذعان للاتفاقية الأميركية ـ الهندية· بالرغم من التغييرات الحكومية التي شهدتها طوكيو في الآونة الأخيرة، إلا أن زيارة رئيس الحكومة السابق ''شينزو آبي'' إلى الهند ألمحت إلى أن طوكيو على استعداد للموافقة على الاتفاقية النووية، علماً بأنّ ''آبي'' حاذَر إعلان الموافقة بوضوح واكتفى بالتلميح إليها من خلال القول إن طوكيو ونيودلهي تعتبران ان الطاقة النووية آمنة ومهمّة لتعزيز التطوّر· بعد هزيمة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في اليابان في الانتخابات الأخيرة لمجلس النواب وما تلاها من استقالة رئيس الوزراء ''شينزو آبي''، أتضح للخبراء أن موقف الحكومة الجديدة برئاسة ''ياسو فوكودا'' الإيجابي من الاتفاقية النووية، لم يتغيّر رغم أنه لم تتم إثارة هذه المسألة بين الحزب الحاكم والأحزاب والمعارضة· وبالعودة إلى تعقب مسار الاتفاقية، يبدو جلياً الضغط الذي مارسته الهند على اليابان لإعلان موافقتها على الاتفاقية، فهي لم تتوقف عن إرسال كبار المسؤولين إلى اليابان لهذه الغاية وعلى رأسهم رئيس الوزراء ''مانموهان سينج'' ووزير خارجيته· من جهتها، تبدو الولايات المتحدة متحمّسة جداً لأن تحظى بالموافقة اليابانية على الاتفاقية، لكن وبغض النظر عن هذه الضغوطات، فإن اليابان بل ومعظم دول العالم تتعاطى مع هذه الاتفاقية بشيء من الشك والترقب· فمنذ أن أجرت الهند تجاربها النووية في العام 1998 قوبلت بانتقادات شديدة من اليابان التي لم تكتفِ بمعارضتها فقط، بل اتخذت مجموعة عقوبات اقتصادية بحقها· كما دعمت اليابان منتدى طوكيو لعدم التسلح النووي وانتشاره، وأصدرت تقريراً يشير إلى أن التجارب النووية في جنوب آسيا هي مجرّد اعتداء على اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي .(NPT) وفي لقاءات الدول الأعضاء في الاتفاقية (NPT)، لطالما كرّرت اليابان مدى أهمية شيوع هذا النظام عالميـــاً، وبالتالي فهي في حال وافقـــت على الاتفاقية النووية الهندية - الاميركية فإنها ستكــون قد سدّدت الضربة الأولى لهذا النظام، ومن المؤكد انه سيتلوها ضربات عدّة تضعفه· ولكن من جهة أخرى، فإن الهند تنمو كقوة اقتصادية مهمّة في المنطقة، ومن الطبيعي لطوكيو أن تعزز روابطها مع نيودلهي، خصوصاً وأن عام 2007 هو ''عـــام الصداقة الهندية - اليابانية''؛ حتى أن ''شينزو آبي''، وفي كتابــه ''توارد أي بيوتيفال نايشن'' (أي نحو أمّة جميلة)، قال: ''ليس من المستغرب أن تكتسح العلاقات اليابانية مع الهنــد خلال السنوات العشر المقبلة علاقات اليابان مع الولايات المتحدة أو حتى مع الصين''· ولكن، ما تواجهه اليابان اليوم هو أعمق من الصداقـــة، فهي تُعتبَر من أبرز محامي الدفاع عن منع انتشار الســــلاح النووي، وبالتــالي فـــإذا ما وافقت في اجتماع مجموعة مورّدي المواد النووية - (NSE) الذي يضم 45 دولة- على الاتفاقية، فإنّ الدول الأعضاء الأخرى ستحذو حذوهــا بسهولــة· عاجلاً أم آجلاً، سيكون على اليابان أن تأخذ قراراً حاسماً في هذا الشأن؛ وبحسب بعض المراقبين للوضع فعلى طوكيو أن تحافظ على مواقفها السابقة الرافضة للاتفاقيات النووية، لأن ذلك أصبح جزءاً من هويتها الوطنية ومن دورها في المنطقة، وإن أدى ذلك إلى وقوع علاقاتها مع الهند في مطبّ قصير المدى· ويشير المراقبون إلى أنــه في حال دخلت الهند إلى سوق الطاقة النووية السلمية العالمي، وبقيت في الوقت عينه خارج اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي (NPT)، فهذا من شأنه أن يخفف الدافع لدى الدول الموقعة على الاتفاقية للبقاء خارج اللعبة النووية، وهنا على اليابان أن تتدخل بطاقاتها الاقتصادية لتجبر الهند على الموافقة على اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي والتوقيع عليها· وتقتضي الإشارة إلى أن اليابان ومنذ عقد تقريباً مررت مسودة قرار حول منع التسلح النووي وخفضه إلى الأمم المتحدة، وطالبت بأن تجعله فاعلاً ولكن ثلاث دول صوّتت ضد القرار وهي الولايات المتحدة، الهند، وكوريا الشمالية· حالياً، تستطيع اليابان أن تستخدم جزرة الاتفاقية النووية وعصا التهديد بخفض تعاونها الاقتصـــادي مـــع الهند لتدفــع بهذه الأخيرة إلى التصويت لصالح القرار·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©