السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لماذا تنزعج الأم من نزعة طفلها الاستقلالية؟

لماذا تنزعج الأم من نزعة طفلها الاستقلالية؟
27 ابريل 2009 03:34
ينتاب كثير من الأمهات إحساس بأنهن لا يفهمن أطفالهن البالغين ست سنوات تقريباً على وجه الدقة، فأحياناً تلاحظ الأم ميل طفلها نحو الاستقلالية والانفراد بالرأي، بل والإصرار على المخالفة في أحيان كثيرة، أو ميل الطفل إلى التمرد، أو التخلي عن عاداته فيما يخص نشاطاته اليومية، أو نظافته الشخصية، أو أي جانب من عاداته السلوكية التي تربى عليها، وتتساءل الأم:»ماذا حدث لولدي؟ وما أسباب هذا التغير في طبائعه؟ هل أترك له الحبل على الغارب ليتصرف بحريته؟ إن ما تشكو منه الأم لا يستحق كل هذا القلق وإذا تفهمت جيداً طبيعة هذه المرحلة من عمر طفلك ستجد الاجابات عن كل تساؤل، فالطفل في هذه المرحلة يبحث عن أهداف كثيرة يحققها لنفسه من خلال صلاته الجديدة بعالم الرفاق من هم في مثل سنه، ومحاولته المستمرة إبراز استقلاليته عن أفراد أسرته ومحاولاته إثبات ذاته وإنه قادر على الحياة دون الاعتماد على أحد، وأحياناً نجد بعض الأطفال يبالغون في تأكيد هذه الاستقلالية، وكثيراً ما يقع الآباء والأمهات في مشاكل ترتبط بهذه الفترة من التحول ، لا سيما إذا لم يتفهموا طبيعة هذا العمر. إن الطفل في هذه المرحلة من العمر بلا شك مهموم بمحاولاته أن ينال إعجاب الجميع وكسب أكبر عدد من الأصدقاء الذين يختارهم بنفسه، وحيث يبذل مجهوداً كبيراً في فهم نفسه، لا سيما أنها فترة تمثل مرحلة تكون الضمير لديه، وكثيراً ما يدخل في نقاشات حول النظام وإتمام واجباته المدرسية والمحافظة على مواعيده والتزاماته، ويحاول أن يوفق بين دوره الاجتماعي الجديد وبين رغبات الأب والأم في الوقت الذي يحاول أن يعتمد على نفسه، وإذا ما أعرب عن ذلك فإنه يثير غضب الأم وقلقها، وتخطئ الأم أحياناً في اعتمادها على لغة القسوة أو الزجر والتصلب دون أن تبذل مزيداً من الجهد في إقناعه وكسب وده، فالأم في هذا السن من عمر وليدها لا تنزعج من ميله لأن يقضي معظم وقته مع أصدقائه والانخراط في ألعاب جماعية وإهماله نظافته ومواعيد والتزاماته، ولا تنزعج كثيراً من فوضويته أو إعرابه عن غضبه ورفضه لتعليمات الأبوين، فهو في حاجة شديدة للمناقشة مهما كان الأمر تافهاً، وقد يحاول الابن دون قصد منه إثارة أعصاب والديه، فهو يرى في داخله تحقيقاً للاستقلالية التي ينشدها، ومن ثم نجد كثيراً من الآباء والأمهات يشعرون بخيبة أمل ويزدادون تصلباً وصلفاً وقسوة ومن ثم تكون النتائج مزيداً من التدهور إلي نتائج عكسية. إذن لا داعي لقلق الأمهات وتوترهن على الإطلاق، فالطفل يحاول أن يختار لنفسه طريقاً، فإن اهتماماته تزايدت ومعارفه وأصدقاءه لم يعودوا هم نفس الأشخاص الذين ألفهم في طفولته المبكرة، وعليه أن يختار لنفسه طريقاً آخر ومن ثم فالصبر والهدوء والابتسامة قد تكون أكثر الوسائل فائدة في هذا العمر دون فقد الأعصاب أو التوتر أو توجيه اللوم أو التوبيخ، فالطفل في هذا العمر شديد الحساسية، وإذا أردنا أن نقول له لا، فإنما يكون بلغة رقيقة حاسمة وحازمة، وأن تدرك أن هناك خطوطاً فاصلة لا يتجاوزها، وبلغة خالية من التعالي أو الاحتقار، ونحاول دائماً أن نوازن بين النصح والتوجيه وبين الحفاظ على شخصيته وكرامته، فإكساب الطفل الخبرات اللازمة ممكن جداً أن يتم دون توجيه الإهانات أو كلمات اللوم أو التجريح التي تسبب فقدان الثقة بدواخله. إن الأمهات والآباء عليهم أن يوضحوا لأطفالهم أن هناك حدوداً متفقاً عليها في التعامل، وهذا الاتفاق المعلن على الجميع أن يحترمه ويحافظ عليه. إن ترك الآباء والأمهات لأطفالهم حرية اختيار طريقهم لا يعني أن نطلق الحبل على الغارب كليا، وليس من المناسب أن نشعر الطفل دائماً بأنه محل مراقبة دائماً، بل يجب أن نتيح له المساحة اللازمة بأن يتحرك بحرية واستقلالية وإنما في إطار محدد لا يجوز الخروج عنه، فالطفل لا يحب ولا يفضل أساليب المناورة أو الخداع أو الاستهزاء بمطالبه، بل أشارت وأكدت كثير من البحوث التربوية أن وضوح الرؤية والصراحة من قبل الوالدين هما الأكثر نجاحاً في هذا السن، وعلى الآباء والأمهات أن يحاولوا مزيداً من التوفيق بين الرقابة التربوية الجادة وبين منح طفلهم فرصته الكافية ليمارس استقلاليته إن لم تكن لها انعكاسات سلبية مؤثرة، ومن ثم فلا داعي للقلق أو التوتر أو الخوف ما لم تخرج صور التغيرات السلوكية للطفل عن الإطار الذي نرتضيه له.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©