السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كريستينا فيرنانديز ··· وشبح خوان وإيفيتا

كريستينا فيرنانديز ··· وشبح خوان وإيفيتا
30 أكتوبر 2007 23:09
تمكنت سيدة الأرجنتين الأولى ''كريستينا فيرنانديز دي كيرتشنر'' من الفوز بسهولة في الانتخابات الرئاسية -التي أعلنت نتائجها الأحد الماضي- لتدشن بذلك صعود أسرة سياسية جديدة في ظاهرة لم تر البلاد مثيلا لها منذ أيام ''خوان وإيفيتا بايرون''· كان زوج ''كريستينا'' الرئيس السابق ''نيستور كيرتشنر'' قد حظي بثناء واسع أثناء فترة حكمة لنجاحه في انتشال بلاده من أزمتها الاقتصادية الطاحنة التي ضربتها العام ·2001 ومنذ ذلك العام أشرف الرئيس ''كيرتشنر'' على تنفيذ عملية نمو اقتصادي استثنائية أدت إلى انخفاض عدد الفقراء في البلاد بدرجة كبيرة، فبعد أن كان نصف عدد السكان من الفقراء منذ خمس سنوات أصبحوا الآن لا يزيدون عن الربع· يتوقع الناخبون نفس الشيء من السيدة ''فيرنانديز'' وهي محامية مخضرمة وعضو في مجلس الشيوخ، وإن كان بعض المحللين الاقتصاديين يقولون إن السياسات التي اتبعها زوجها، كالتحكم في الأسعار، وإعانات الطاقة، والتوسع السخي في الإنفاق العام، يمكن أن تكون هي نفسها الوصفة التي تؤدي إلى تقويض رئاستها، خصوصا وأن مخاطر نقص الطاقة وارتفاع الأسعار تلوح في الأفق· يعلق ''مارك جونز'' -أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة ''رايس'' بالولايات المتحدة ومستشار الحكومة الأميركية للشؤون الأرجنتينية- على ذلك بقوله: ''سوف تواجه الرئيسة الجديدة أوقاتا أصعب بكثير من تلك التي واجهها زوجها'' ، ويعتقد ''مارك'' أن الفترة التي تولت فيها الحكم ''ليست أفضل الأوقات لأنها تواجه أزمة طاقة حقيقية، كما تواجه أزمة تضخم حقيقية أيضا''· لكن المشاكل التي يرى بعضهم أنها قد بدأت تلوح في الأفق، لم تكن على تلك الدرجة من الضخامة التي يمكن أن تؤثر على الكثير من الناخبين، وهو ما يرجع لأن المشكلات التي تؤرق أذهان هؤلاء الناخبين تنحصر في مشكلتين رئيسيتين، هما: الأمن والوظائف· وفي أثناء حملتها الانتخابية لم تذكر ''فرنانديز'' شيئا تقريبا عن تلك المشكلات -باستثناء التضخم ربما- في حين أن واحدا من كبار منافسيها وهو وزير الاقتصاد السابق ''روبرتو لافاجنا'' جعل من نداء ''اوقفوا التضخم'' شعارا لحملته· قالت ''فرنانديز'' في أول كلمة لها عقب فوزها بالانتخابات: ''لقد حققنا نصرا كبيرا، ولكن هذا النصر بقدر ما فيه من مزايا بقدر ما سيرتب علينا المزيد من المسؤوليات والالتزامات''· وقد حاول ''كيرتشنر'' وزوجته واللذان يطلق عليهما لقب'' آل كلينتون أميركا الجنوبية'' الحد من الهموم المتعلقة بالاقتصاد، مع تأكيدها دوما على أن التضخم والعجز في الطاقة، ما هما سوى نتائج فرعية للنمو وأن السبيل لمعالجتهما هو جذب المزيد من الاستثمارات''· وقد لفتت ''فرنانديز'' الانتباه عندما عملت علي دعوة الأجانب للاستثمار في بلادها، في نفس الوقت الذي لم تفصح فيه عن شيء يتعلق بأجندتها، غير ما قالته ذات مرة من أنها تنوي ''تعميق عملية التغيير'' التي بدأها زوجها· ولكن العديد من المراقبين يعتقدون أن بعض مظاهر القوة في الاقتصاد الأرجنتيني هي مظاهر غير حقيقية· والاهتمام المباشر لهؤلاء المراقبين هو موضوع الطاقة حيث يرون أن سياسة تقديم الدعم للطاقة بهدف الاحتفاظ بالأسعار منخفضة، قد أدت في النهاية إلى حدوث نقص في الطاقة لدرجة أن البعض في الأرجنتين أصبح يخشى أن تقدم الحكومة الأرجنتينية على تطبيق فترات إظلام جزئي أو كلي بحلول العام القادم، بسبب استمرار النقص؛ ويلاحظ أن ''فرنانديز'' لم تقل الكثير عن الكيفية التي يمكن لها بها مواجهة هذا النقص المتوقع في الطاقة· بيد أن المشكلة الأكثر تعقيدا التي ستواجه ''فرنانديز'' هي مشكلة التضخم، فارتفاع الأسعار لم يؤد فقط إلى استياء وشكوى المستهلكين من السكان، ولكنه أصبح موضوعا يتخذه المعارضون والاقتصاديون المستقلون للتشكيك في أداء الحكومة وخصوصا بعد أن أصبح التضخم يتراوح ما بين 8 إلى 10 في المائة· ويرى''اوزوالدو جيوردانو'' -أستاذ الاقتصاد في المعهد الأرجنتيني للتنمية الاجتماعية في بيونس أيريس- أن الاختلاف في الأرقام الرسمية المتعلقة بنسبة التضخم ( 8-10 في المائة) وبين تقديرات الخبراء الاقتصاديين التي تتراوح ما بين 15 إلى 20 في المائة يعد دليلا واضحا على أن سياسات الرئيس السابق ''كيرتشنر'' لم تنجح في المدى الطويل· ويشار إلى أن الخبراء الاقتصاديين قد بدؤوا في التساؤل حول دقة أرقام التضخم التي وضعها ''المعهد القومي للإحصاء'' بعد أن قام ''كيرتشنر'' باستبدال بعض موظفي المعهد في بداية هذا الشتــاء بغرض تحسين كفــاءة الأداء كما قال! وحول ذلك يقول ''فيديريكو تومسن'' -المحلل الاقتصادي في بيونس آيريس-: ''لم يعد هناك أحد يصدق أرقام التضخم التي تعلنها الحكومة، ليس هذا فحسب بل أن هناك كثيرين في الحكومة ذاتها لا يصدقون تلك الأرقام''· لقد دفع ارتفاع الأسعار المستهلكين إلى مقاطعة بعض السلع التي ارتفعت بصورة مبالغ فيها مثل الطماطم، وقد نجحت حكومة كيرتشنر في الحيلولة دون تحول السخط من ارتفاع الأسعار إلى اضطرابات باتباع طائفة من السياسات مثل التعاون مع القطاع الخاص لتخفيض الأسعار، ودعوة محلات السوبر ماركت الكبيرة إلى إجراء تخفيض في أسعــــار بعض السلــع التي ارتفعت بشكل غير مبرر· لم تقنع هذه المحاولات الكثيرين من السكان الذين يرون أنها حلول مؤقتة، وأن الاكتفاء بمحاصرة ارتفاع الأسعار لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع قبل الانتخابــات لا يكفي لأن ارتفاع الأسعار قد تحول إلى هم دائم لمعظم البيوت الأرجنتينية· وتقول سيدة أرجنتينية متقاعدة تسكن في مقاطعة تقع في شمال شرق الأرجنتين وتدعى ''سيسليا رودريجيز'': إن ارتفاع الأسعار قد دفعها إلى تقليص ميزانيتها كما أصبح يحول بينها وبين تناول الطعام في الخارج، وأضافت تلك السيدة: ''لقد اعتقدت في البداية أن ''كيرتشنر'' وزوجته سوف يعيدان تلك الأيام التي جاء فيها ''خوان بايرون وزوجته'' إلى السلطة عام 1946 ووقفا فيها إلى جانب الفقراء، كما اعتقدت أن سياساتهما ستوفر لنا الوظائف والطعام خصوصا وأن هناك الكثيرين من الجائعين في الشوارع، كما أن الكثيرين يسافرون الآن إلى مختلف دول العالم هربا من الفقر الضارب أطنابه في البلاد''· ويقول بعض المحللين إن سقف توقعات المواطنين الأرجنتينيين يمكن أن يعمل ضد ''فرنانديز'' في المدى الطويل، خصوصا وأنها كما يقول ''جورج بجابوبي'' -المحلل المستقل في بيونس أيريس- ''جاءت في أوقات صعبة جدا، وأنــــه عندمــــا تولى زوجهـــا الحـــكم كانــت البـــلاد لا تزال مختنقة من أثر الأزمة الاقتصاديــة الطاحنــة، وكان الناس خائفين وغير قادرين على الكلام والاحتجاج، ولذلك استمعوا لكـــل ما كـــان يقولـــه لهم دون أن يبــدو تذمرا، أما الآن فإن الوضع تغير ولم يعد هناك ذلك النوع من الخوف والصمت''· مراسلة كريستيان ساينس مونيتور في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©