الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بروفيسور فرنسي: أشكال أدبية جديدة في طورها للظهور

بروفيسور فرنسي: أشكال أدبية جديدة في طورها للظهور
28 أكتوبر 2007 02:28
يطرح البروفيسور جان إيف مولييه أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة فرساي الفرنسية، مجموعة من التساؤلات حول مستقبل الكتاب والقراءة في العالم· ويرى أن النشر الورقي يعاني منذ عشر سنوات من نوعين من الصعوبات، أولها التكتلات الكبيرة لدور النشر في العالم، التي تحاصر دور النشر الصغيرة وتمنعها من الحياة، وبالتالي تحجّم حصة النشر المستقل· وثانيها ظهور ما يسمى بالكتاب الإلكتروني، والقراءة الإلكترونية· فهل سينقرض الكتاب الورقي، ليحل محله الكتاب الإلكتروني، وهل ستتراجع القراءة على الصعيد العالمي؟· تساؤلات البروفيسور مولييه مدير المرصد العالمي للنشر المعاصر، جاءت في إطار ندوة أقيمت في المركز الثقافي الفرنسي بدمشق تحت عنوان (تحولات النشر في العالم)، حضرها وشارك فيها عدد من أصحاب دور النشر السورية الكبيرة· الثقافة بوصفها سلعة يرى مولييه أن الكتاب الإبداعي بات يتعرض لقوى السوق الضاغطة، التي تفرض على الشركات الكبيرة الاهتمام بالكتاب ذي التوزيع الكبير، لكي تتمكن من الاستمرار في الحياة، وهو ما شهدناه مع صدور الجزء الجديد من رواية (هاري بورتر)· فتحول الكتاب إلى سلعة رائجة حسب (الموضة)· ويتساءل مولييه عما سيؤول إليه مستقبل النشر المستقل، أو النشر ضئيل الحجم، ذي الصفة النوعية الرفيعة· فالناشر الصغير لا يألو جهداً في اكتشاف مؤلفين جدداً، ويحاول أن يعرف الجمهور إليهم· فهو من يتكفل بتقديم الكتاب المتميز والإبداعات الجديدة، وعليه أن يستمر في الحياة في عالم يزداد عولمة وشمولية، حيث يقوم مردة النشر بالسيطرة على سوق الكتاب في العالم· ويقول مولييه: إن السؤال المطروح الآن، ما هي الاستراتيجية التي سينتهجها مديرو النشر في العالم؟ هل سيفتشون عن مؤلفي الغد، الذين سيهزنا أسلوبهم كما هزنا مؤلفو العالم الكبار؟ أم أنهم سيقدمون لنا الجزء الخمسين أو التسعين من (هاري بورتر)؟· يرى مولييه أن المنطق المالي البحت أدخل الكتاب في فضاء لم يكن يعاني منه سابقاً، وبدأ يغير تغييراً جذرياً وجه النشر في العالم، فمع تشكل وتمركز مجموعات النشر الضخمة التي تحولت إلى مجموعات تواصل، تزاوج بين استوديوهات السينما في الولايات المتحدة ودور النشر الكبيرة، أصبحت استراتيجيات النشر تحددها رغبات السوق، وليس تفكير الناشرين، وهذا ما يجعلنا ندور في حلقة مفرغة· ويحذر مولييه من أن ذلك سيؤدي بالقارئ إلى الملل، ومن ثم سيتخلى نهائياً عن القراءة، وعندها نكون قد وصلنا إلى عواقب وخيمة· ويعرف مولييه النشر بأنه جعل الشيء متاحاً للجميع، ولكنه أيضاً نوع من الاختيار· وهناك ناشرون لا يقرؤون ولا يختارون، وبمجرد أن يصبح كاتب ما مشهوراً يفتحون دفتر الشيكات فقط، لأن هذا يقطع الطريق على المنافسين، لإغراء الكاتب بالدخول إلى اصطبلاتهم، وكأنه خيل سباق· يعول مولييه كثيراً على إرادة المثقفين أنفسهم، في التحرر من مردة النشر، ورغبات السوق معاً· ويستشهد بالناشر الأميركي الكبير أندريه شيفريت الذي قرر أن يغادر المجموعة التي كان يعمل من أجلها، قائلاً: ''إننا لا نستطيع أن نعمل اليوم في النشر، لأن أصحاب دور النشر الجديدة يطالبوننا بالحصول على سبعة عشر بالمئة عائداً على استثماراتهم، وهذا يحول بيننا وبين استمرار عملنا كناشرين في اكتشاف مواهب جديدة''· وصفق الباب ومضى، لإطلاق دار نشره الخاصة التي مازال مستمراً فيها إلى اليوم· ويضيف مولييه: إذا ظلت دور النشر العالمية تابعة لأذواق الجمهور المبتذلة، فهي تحكم على نفسها بالنهاية· ثلاثة كائنات مخيفة وينتقل مولييه إلى الجانب الثاني، وهو ما يعرف بالثورة الرقمية، ويرى أنها أسفرت عن ظهور ثلاثة كائنات مخيفة، هي (الكتاب الإلكتروني، الورق الإلكتروني، والمداد الإلكتروني)، ويقول إن هذه الكائنات تثير قلق المثقفين الفرنسيين الكبار· لكنه يرى أنه ليس من داع لهذا الخوف والقلق، فالكومبيوتر ليس بديلاً عن الكتاب وإنما مساعد له· ولا ينكر مولييه أن الانتشار المستمر للكتاب الرقمي والقراءة الرقمية، ستجعل مهمة الناشر الورقي في المستقبل أكثر صعوبة، لكنه يرى أن الكتاب الرقمي لا يستطيع أن ينهي الكتاب الورقي، وإنما سيغير من عادات القراءة فقط، وهو لا يخشى ذلك، بل يرى أنه تطور طبيعي، طالما أن القراءة بحد ذاتها مستمرة ولن تنقرض· ويضيف مولييه بأن تغير حامل القراءة يمكن أن يحدث تحولات في المضمون، تؤدي إلى ظهور أنواع أدبية جديدة، من خلال المزاوجة بين الصورة والنص والموسيقا والواقع الافتراضي وأنواع من الترابط الفائق· وهو يميز بين حامل القراءة والقراءة نفسها· فتغير حامل القراءة، لن يؤدي إلى انقراض القراءة· لأن الإنسان عبر التاريخ، قرأ على رقيم فخاري، كما في سوريا منذ ثلاثة آلاف عام، وكذلك قرأ على لفائف البردي في مصر قبل 2500 عام، وقرأ في صحن، وفي لفائف ورقية، وعلى دروع السلاحف، وعلى عظام الحيتان، وعلى نصب حجرية· فنحن نواصل القراءة، وهذا أمر جلي، أو كما يقول الفلاسفة، إنها بديهية· وبالتالي فإن القراءة لم تكن مدينة بالحوامل التي سمحت للبشرية بأن تقرأ· الشباب والهاتف الجوال يقول مولييه إن القراءة متاحة للأجيال الجديدة أكثر بكثير مما كانت عليه الحال أيام آبائنا وأجدادنا· لكن مع الهاتف المحمول فإنهم يدخلون في عالم آخر· فعن طريق الرسائل القصيرة نجدهم يتواصلون بعبارات تتجاهل قواعد النحو والصرف· فالجملة ليس فيها فعل ولا مفعول به· حتى أنهم يختصرون الكلمات لتصبح على الموضة· وإذا مارست الأجيال الجديدة هذا النوع من التواصل لفترة طويلة، فربما تكون العواقب سيئة جداً· ويضيف: ماذا ستكون نتائج هذه التأثيرات المتعاكسة والمتنوعة؟ يمكننا فقط أن نتساءل الآن· ويجب علينا أن نتأمل ذلك بهدوء ودون هلع·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©