السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدنمارك.. بوادر القسوة على اللاجئين

14 ابريل 2016 00:17
خرجت «ليز رامسلوج» للتريض سيراً على الأقدام في يوم دافئ من شهر سبتمبر الماضي عندما وصلت أزمة اللاجئين في أوروبا إلى قريتها النائية جنوب الدنمارك. وكانت الجدة التي تبلغ من العمر 70 عاماً تعتزم القيام بنزهة بسيطة، لكنها فوجئت في مجتمعها الساحلي الهادئ بمئات من طالبي اللجوء المنهكين الذين وصلوا على متن عبارة قادمة من ألمانيا وتقطعت بهم السبل دون أن يتمكنوا من الوصول إلى وسائل النقل العامة. وبدأ بعضهم السير على الطريق السريع في يأس. وفي الحال، قررت «رامسلوج» أن تقدم يد المساعدة: وانتهى بها الحال لتقوم بتوصيل زوجين صغيرين وطفلهما ورضيعهما إلى مقصدهما في السويد في سيارتها الصغيرة في رحلة بلغ طولها 120 ميلاً. تتذكر الجدة قائلة: «عندما عبرنا الحدود، بكوا فرحاً». وفي سياق آخر، تُعرف رامسلوج بتطوعها لمساعدة الغرباء، بيد أن الحكومة الدنماركية لديها تعريف مختلف لها: فهي مدانة بتهريب البشر. والقرار الذي اتخذته السلطات بملاحقة رامسلوج - واتهام مئات من المواطنين الدنماركيين الآخرين بجريمة مشابهة - يعد بالنسبة للكثيرين في الدنمارك أحدث دليل على مجتمع واجه تدفقات لا مثيل لها من المهاجرين واللاجئين، ومن ثم أخذ منعطفاً سيئاً، غير أن الدنمارك لها شركاء. ففي جميع أنحاء أوروبا، تحول احتضانها ذات يوم للاجئين الفارين من الصراعات التي تدور على أعتاب القارة إلى رفض لا هوادة فيه. وفي الأسبوع الماضي، بدأت السلطات اليونانية في إرجاع وافدين جدد ممن جاؤوا عبر البحر إلى تركيا، في إطار سياسة ترمي إلى إغلاق دائم للطريق الذي جاء من خلاله العام الماضي أكثر من مليون شخص يسعون إلى الحصول على ملاذ، ولكن بينما تعزل أوروبا نفسها، فإن القارة عليها أن تتعامل مع معتقداتها الإنسانية المرتبطة بها منذ وقت طويل. وبالنسبة للكثيرين في الدنمارك، فإن الهوة بين السمعة والواقع تبدو واسعة بشكل خاص. يقول «أندرياس كام»، الأمين العام للمجلس الدنماركي للاجئين: «إننا نفقد احترامنا للقيم التي بنينا عليها دولتنا والاتحاد الأوروبي. لقد أصبح من الصعب للغاية الدفاع عن حقوق الإنسان». يذكر أن المرشح الرئاسي الأميركي «الديمقراطي» بيرني ساندرز قد وصف هذه الأمة الاسكندنافية ذات الشعب الودود بأنها المدينة الفاضلة للرعاية الاجتماعية، والتي حُكم عليها مؤخراً بأنها أسعد مكان في العالم. وسبق أن احتلت الدنمارك مكانة رفيعة باعتبارها الدولة التي حمت اليهود أثناء الهولوكست أو التي ساعدت المضطهدين من وراء الستار الحديدي خلال الحرب الباردة. ولكن عندما يتعلق الأمر بهؤلاء الذين فروا من صراعات القرن الـ21 على أعتاب أوروبا، ذهبت الدنمارك إلى أبعد الحدود في إظهار عدائها، وبينما تواصل ألمانيا استقبالها لطالبي اللجوء، وأبقت الدول الأوروبية الأخرى مثل السويد على أبوابها مفتوحة قدر المستطاع، أخذت الدنمارك موقفاً متشدداً منذ البداية تقريباً، فقد خفضت الحكومة من المزايا التي يحصل عليها اللاجئون، ومكنت الشرطة من مصادرة المقتنيات الثمينة للاجئين، بما في ذلك النقود والمجوهرات، وجعلت السلطات من الصعب جداً بالنسبة للموجودين بالفعل أن يجتمع شملهم مع أسرهم، حيث رفعت وقت الانتظار من عام إلى ثلاثة أعوام. والآن، فإن الدنماركيين العاديين تتم ملاحقتهم ومعاقبتهم لما يراه كثيرون أنه عمل جيد في الأساس. تقول رامسلوج: «إنني فخورة بما فعلت ولن أندم عليه إطلاقاً، لكنني لا أريد أن أعامل وكأنني مجرمة». ومع ذلك، فإن هذا ما حدث بالضبط بعد إدانتها في شهر مارس، ووفقاً للحزب اليميني المتطرف الذي يسيطر على ميزان القوى في البرلمان الدنماركي، فإن هذا هو ما تستحق، على الرغم من أن الشرطة الدنماركية أمرت السكك الحديدية المملوكة للدولة بالبدء في نقل طالبي اللجوء بعد أيام فقط من قيامها بفتح أبواب سيارتها ونقل هذه الأسرة من اللاجئين. يقول «بيتر كوفود بولسن»، عضو في «حزب الشعب» الدنماركي المناهض للهجرة: «هؤلاء الناس انتهكوا القانون، فتهريب البشر ليس كله صحيحاً، إذا تم من قبل أفراد عاديين». وقد ساعد بولسن، وهو ثالث أصغر عضو في البرلمان، على دفع حكومة اليمين الوسط الضعيفة في البلاد لاتخاذ موقف أقل تسامحاً مع طالبي اللجوء. وهو يقول إن عدد اللاجئين الذين استقبلتهم الدنمارك «يجب أن يقترب قدر الإمكان من الصفر». والبديل، من وجهة نظره، هو القضاء على كل ما يعتز به الدنماركيون، بما في ذلك معدلات الجريمة المنخفضة والخدمات الحكومية ذات الجودة العالية، وأضاف أن استقبال السوريين والعراقيين والأفغان وغيرهم ممن يفرون من الحرب هو أمر مرهق للغاية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©