الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صفقة مشرف-بوتو··· الأصداء والتداعيات

صفقة مشرف-بوتو··· الأصداء والتداعيات
20 أكتوبر 2007 01:30
بعد ثمانية أعوام أمضتها رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنازير بوتو في منفاها الاختياري، عادت إلى بلادها يوم الخميس الماضي، لتُستقبل بمواكب المؤيدين والدماء والانفجارات· وبالنسبة لآلاف الراقصين والمغنين ممن احتشدوا لاستقبالها في ذلك الشارع الذي عج بالفوضى والزحام في مدينة كراتشي، فإنه لا يعنيهم شيئاً ما أثير بحقها من اتهامات تتعلق بالفساد المالي إبان توليها لمسؤولية رئاسة الوزراء في عقد التسعينيات، ولا ما يُقال عنها من إبرام صفقة لإقامة تحالف جديد مع الرئيس الحالي برويز مشرف، فكل الذي يهم هؤلاء هو مجرد عودتها إلى البلاد تارة أخرى وحسب· وهذا هو ما عبر عنه ''قائم خاتون''، أحد المشاركين في مواكب الاستقبال هذه بقوله: ''بنازير بوتو هي حياتنا وموتنا''، مع العلم أنه أمضى ليلتين من السفر من أجل الوصول إلى كراتشي والمشاركة في هذه المواكب· ولكن لم تمض إلا بضع ساعات فحسب على المواكب الاحتفالية المذكورة، وقد تحولت ساحة الاحتفال إلى بركة من الدماء، إثر انفجار قنبلتين هجوميتين على أوساط المستقبلين، خلفتا وراءهما 45 من القتلى ونحو 100 من الجرحى والمصابين، حسب التقارير التي بثتها وكالة رويترز عن هذه الهجمات· وفي خلال الأسابيع القليلة الماضية، خسرت ''بوتو'' كثيرين من مؤيديها الباكستانيين بسبب الصفقة السياسية التي أبرمتها مع الجنرال برويز مشرف، في خطوة نظر إليها الكثيرون على أنها ليست سوى محاولة أميركية لتعزيز ما ترى فيه نظام حكم معتدل في منطقة جنوب آسيا، لما لها من أهمية بالغة في حربها على التطرف الإسلامي في المنطقة· وترتبط هذه الخطوة بتبرئة بنازير بوتو من اتهامات تتعلق باختلاس أموال طائلة تقدر بملايين الدولارات الأميركية من الخزينة العامة إبان توليها لمنصب رئاسة الوزراء في عقد التسعينيات· بيد أن عودتها المظفرة هذه، إنما تعكس مدى نفوذ الاعتبارات الشخصية على السياسة الباكستانية· فربما كان عامل الكاريزما السياسية وحده كافياً لتأمين موقف السيدة ''بوتو''· وهذه ميزة راكمتها ''بوتو'' عبر السنين والحقب، مستفيدة فيها من رصيد واسم عائلتها، فضلاً عن التأييد الشعبي الواسع والراسخ الذي تحظى به بحكم اسم العائلة وتاريخها في ولاية السند· لكن ومع ذلك فقد طرأت تغيرات كبيرة على السياسة الباكستانية المعاصرة· وهذا ما يدعو الخبراء، ومن بينهم ''صفقت محمود'' المعلق الصحفي بجريدة ''ذي نيوز'' اليومية إلى القول إنه وفيما لو أجريت انتخابات عامة حرة ونزيهة في البلاد، كما هو مقرر لها في شهر يناير المقبل، فإنه على الأرجح أن تفاجئ النتيجة الكثيرين· ومن رأيه أن الإعلام قد لعب دوراً مهماً في التثقيف السياسي للمواطنين· أما استطلاعات الرأي العام التي أجريت مؤخراً، فأشارت نتائجها إلى اعتقاد 28 في المئة فحسب من الباكستانيين بأن بنازير بوتو تمثل القيادة السياسية الأفضل للبلاد، وهو تراجع بمعدل 4 درجات قياساً لاستطلاع الرأي السابق له، وفقاً لما أعلنه ''المعهد الجمهوري الأميركي'' لاستطلاعات الرأي العالمية· وبالمقارنة فقد أيدت نسبة 36 في المئة ممن شملهم الاستطلاع رئيس الوزراء السابق، نواز شريف، الذي قفزت معدلات تأييده 15 نقطة، بسبب بروزه كمرشح مناهض للجنرال برويز مشرف· وقد تدنت شعبية هذا الأخير بسبب ارتباطه الوثيق بواشنطن وتحالفه معها في حربها على الإرهاب والتطرف الإسلامي· وفيما يبدو، فإن لعودة بنازير إلى بلادها يوم الخميس الماضي، علاقة بإبراز عضلاتها الشعبية الانتخابية واستعادة مكانتها التي تأثرت سلباً خلال الآونة الأخيرة· ويرتبط كل هذا بالطبع بإظهار قوة حزبها ''حزب الشعب الباكستاني''· وقد شهدت مواكب الاحتفال الشعبي الحاشد التي قوبلت بها على صحة هذا، خاصة أن مختلف المعزوفات والنغمات الموسيقية المشاركة في الاحتفالات قد عبرت عن انتمائها إلى كافة ولايات البلاد وأنحائها· على أن لهذا الرصيد السياسي الكبير، علاقة مباشرة بسمعة ومكانة والدها ''ذو الفقار علي بوتو'' الشهيد السياسي البارز الذي أعدم قبل 28 عاماً على يد سلطة عسكرية· ولـ''بوتو'' كل الحق في اللعب على هذا التاريخ، وكذلك في استثمار انتمائها لولاية السند، وكلاهما عاملان ربما ساعداها على اكتساح المناطق الريفية من تلك الولاية انتخابياً، وتعزيز موقفها في حكومة ائتلافية مقبلة، بحيث يضمن لها العودة إلى رئاسة الوزراء· لكن ومع ذلك، فليس ثمة ضمانات تذكر في عالم الانتخابات والسياسة، فهناك قرار المحكمة العليا المرتقب بشأن مشروعية حق الرئيس مشرف في ترشيح نفسه للرئاسة في انتخابات يناير المقبلة· وفيما لو جاء القرار بالنقض، فسوف تعصف الفوضى بالمؤسسة السياسية الباكستانية برمتها، مما يعني بطلان الصفقة الأخيرة التي عقدتها ''بوتو'' مع الجنرال مشرف· بل إن للمحكمة العليا ما تقوله في العفو السياسي الذي أصدره مشرف، والذي أسقطت بموجبه كافة اتهامات الفساد المثارة بحق بوتو· وبما أن الأموال محل تهمة الاختلاس قد حفظت في أحد البنوك السويسرية، فقد أعلن قاض سويسري يوم الخميس الماضي عن فراغه من التحقيقات الخاصة باتهامات غسيل الأموال المثارة بحق ''بوتو''، وقال إنه سوف يسلم النتائج التي توصل إليها إلى أحد ممثلي الادعاء في الأسبوع المقبل· ومن جهة أخرى، تلاحظ خسارة ''بوتو'' لأعداد كبيرة من مؤيديها في أوساط الطبقة الوسطى الباكستانية، المستنيرة وذات الميول العلمانية الغربية، بسبب الصفقة التي أبرمتها مع الجنرال مشرف، الذي تنظر إليه غالبية الطبقة الوسطى باعتباره يتحرك وفق الخيوط الأميركية لا أكثر· والسبب أن هذه الطبقة هي التي ابتكرت حركة مناهضة الجنرال خلال الأشهر القليلة الماضية· ومن رأي ''حسن عباس''، الذي سبق له العمل في إدارتي بوتو ومشرف، ويعمل الآن بتدريس العلوم السياسية في جامعة هارفارد بولاية ماساشوسيتس، فإنه ما من هزة أصابت هذه الحركة أكثر من صفقة (مشرف-بوتو) هذه· ومع الغياب الواضح لمؤيديها من الطبقة الوسطى في مواكب الخميس الماضي، فقد كان لافتاً للأنظار حضور ممثلي الطبقة العمالية، ربما في محاولة من ''بوتو'' للعودة إلى قواعدها الشعبية· ومهما يكن فإن الطبقة الوسطى، هي التي تمسك بقيادة وسائل الإعلام في البلاد، ومن ثم فهي التي تلعب الدور المؤثر في صنع الرأي العام الباكستاني، على حد قول المعلق الصحفي ''صفقت محمود''· شاهان مفتي مراسل صحيفة كريستيان ساينس مونيتور في كراتشي مارك سابنفيلد محرر الشؤون الخارجية بصحيفة كريستيان سيانس مونيتور ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريستيان ساينس مونيتور''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©