السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإدارة الأميركية··· أداء قانوني في منطق دائري

الإدارة الأميركية··· أداء قانوني في منطق دائري
18 أكتوبر 2007 02:06
سجلوا نقطة إضافية على البيت الأبيض الذي مايزال يصر على الاحتفاظ بالأسرار حتى النهاية· ففي يوم الثلاثاء الماضي، رفضت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأميركية النظر في القضية المرفوعة من خالد المصري ضد الحكومة الأميركية· وخالد المصري هو مواطن ألماني من اصل لبناني، تعرض للاختطاف بواسطة رجال وكالة الاستخبارات المركزية( سي·آي·إيه) من مقدونيا- كما يدعي- وتم ترحيله جوا إلى أفغانستان حيث تم إخضاعه للاستنطاق والتعذيب لشهور قبل أن يتبين أنه ليس الشخص المقصود، ويقوم العملاء الأميركيون بنقله إلى أوروبا مرة أخرى وإلقائه بشكل مهين على جانب أحد الطرق الزراعية المهجورة في ألبانيا· عندما سعى خالد المصري إلى التعويض وإعادة الاعتبار من قبل الحكومة الأميركية تم رفض طلبه بواسطة محكمة الاستئناف التابعة للدائرة الرابعة في ''ريتشموند'' في ولاية فرجينيا، بحجة أن المحاكمة قد تعرض سلامة رجال الاستخبارات الأميركيين للخطر، وفي المحكمة العليا تم رفض إلغاء الحكم الصادر من محكمة الاستئناف· كان هذا تصرفا مريحا بالنسبة لإدارة بوش المسكونة بهاجس السرية، ولكن بعضهم نظر إلى ذلك التصرف من قبل المحكمة العليا على أنه يعد تصديقا قانونيا على فكرة خطيرة للغاية، وهي أنه يمكن لموظفي الحكومة الأميركية أن يتجاهلوا القانون متذرعين بما لديهم من حصانة، ثم يعطلون بعد ذلك عمل القانون من خلال الادعاء بأن القضية المرفوعة يمكن في حالة النظر فيها أن تعرض الأمن القومي للولايات المتحدة للخطر· لا يختلف أحد مع فكرة أن الحكومة تتمتع بحق شرعي في حجب معلومات معينة عن الجمهور، ومنها على سبيل المثال الأرقام الكودية الخاصة بتشغيل الأسلحة النووية، أو البيانات والمعلومات الخاصة بالعملاء السريين· ولكن الذي لا شك فيه أن هناك فارقا كبيرا بين الاستفادة من هذا الحق في الحيلولة دون تسرب معلومات سرية، وبين استخدامه من أجل التغطية على أفعال خاطئة وغير قانونية في حد ذاتها قامت بها الحكومة· بالنسبة لقضية المصري تحديدا لا نرى سببا يدعو الحكومة للاستفادة بميزة الحق في الحفاظ على المعلومات السرية للدولة لثلاثة أسباب: الأول، أن تصرفات عملاء الاستخبارات المركزية الأميركية الذين اختطفوا السيد المصري في مقدونيا لم تكن قانونية في حد ذاتها، والسبب الثاني أن برنامج تسليم مواطني بعض البلدان إلى بلدانهم لمحاكمتهم أو سجنهم لم يعد سرا خصوصا بعد اعتراف الرئيس بوش نفسه به· والسبب الثالث أن قضية المصري قد حظيت بتغطية إعلامية موسعة، وتم معرفة العديد من أجزاء القصة وإجراء استقصاءات وتحقيقات تفصيلية حولها، كما تم تأكيد حدوثها من قبل عدد من المسؤولين الأوروبيين كالمستشارة الألمانية بنفسها التي أكدت أن كوندوليزا رايس قد اعترفت لها سرا باحتجاز المصري على سبيل الخطأ من قبل عملاء تابعين للولايات المتحدة· لهذه الأسباب يصعب علينا لحد ما تصور ما هي أسرار الدولة التي كان يمكن أن تتعرض للخطر، إذا ما كان قد سُمح لقضية المصري أن تأخذ مجراها القانوني· وألم يكن من الأفضل أن تسمح المحكمة العليا لتلك القضية بأن تأخذ مجراها وإذا ما تبين للحكومة بعد ذلك أن هناك أدلة مؤكدة تثبت أن هناك أسرارا خاصة بالدولة يمكن أن تتعرض للكشف خلال المحاكمة أن تتمسك بميزة المحافظة على أسرار الدولة بالنسبة لبنود معينة، على أساس أن هذه هي الطريقة التي يمكن بها استخدام تلك الميزة القانونية· ولكن هذا لم يحدث·· فقط لأن هذه الإدارة تعشق السرية!! لقد شهد الأسبوع الماضي جولة أخرى من جولات'' المحافظة على الأسرار'' في الولايات المتحدة، تتعلق بالإدعاءات المثارة حول أن بعض موظفي وزارة العدل الأميركية قد وقعوا على مذكرات عام 2005 تبرئ وكالة الاستخبارات المركزية من تهمة استخدام أساليب استنطاق خشنة مع المعتقلين تشمل إيهام الشخص الذي يتم التحقيق معه بأنه سيتم إغراقه· ليس هناك شيء مستغرب بالنسبة للتهمة نفسها، ولكن المستغرب هو أن ذلك التوقيع جاء بعد أن مرر الكونجرس الأميركي تشريعا يمنع الأفراد العسكريين الأميركيين من استخدام وسائل التعذيب، أو أي وسيلة من وسائل التحقيق أو التعذيب القاسي، أو اللإنساني أو المهين· وعلى الرغم من أن أعضاء مجلس النواب يصرون على أن مذكرات 2005 السرية لا تخول استخدام تقنيات الاستنطاق الممنوعة من قبل الكونجرس إلا أنهم يرفضون- لأسباب تتعلق بالأمن القومي بالطبع- وصف الأساليب التي تخول تلك المذكرات استخدامها، كما رفضوا التحدث عن وسائل التعذيب المحظورة بموجب تلك المذكرات، أو الإفراج عن هذه المذكرات السرية وإتاحتها لرؤساء لجان الإشراف المختصين في الكونجرس· وكما قالت ''دانا بيرينو'' المتحدثة باسم البيت الأبيض للمراسلين الصحفيين:'' إن الرأي القانوني للولايات المتحدة هو أننا لا نعذب، وهو أمر قانوني معقد، ولكن الإجراء السليم بلا شك هو أن يتم الاحتفاظ بالأسرار المتعلقة بتطبيقات القانون وأساليبه حيث لا أعتقد أن كشف مثل تلك الأسرار أمام الجمهور الأميركي يمكن أن يفيده على الإطلاق''· إن المنطق بالنسبة للبيت الأبيض كما يبدو هو منطق دائري، ولكنه واضح وهو كالآتي:'' إننا لا نستطيع أن نخبركم بما نفعله لأنه سر، ولكن المؤكد أن كل ما نفعله قانوني، هل تسألون ما هو إثباتنا؟ حسنا·· كان بودنا أن نقدم لكم إثباتنا ولكننا لا نستطيع ذلك للأسف··لماذا؟ لأنه سر· كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©