الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أراضي الحدود بين الكوريتين··· رمال من ذهب

أراضي الحدود بين الكوريتين··· رمال من ذهب
14 أكتوبر 2007 01:45
من على أحد التلال، قال العميل العقاري ''لي هونج بوك'' وهو يشير بيده اليسرى إلى نحو 57 فدانا من الأراضي: ''هناك الآن ثلاثة أشخاص أبدوا اهتمامهم بشراء هذه الأرض، احدهم يرغب في بناء ملاعب للغولف، ليس الآن بطبيعة الحال، ولكن في وقت ما في المستقبل''· بعد ذلك رد ''بارك جي يونج'' -الشخص المهتم بشراء الأرض، والذي كان واقفا إلى جانب ''لي'' ويحمل صحيفة فوق رأسه يحتمي بها من أشعة الشمس اللافحة-: ''إن ملعبا للغولف سيحتاج إلى أكثر من 10 سنوات، ثم إنه حتى وإن تم بناء ملعب للغولف، فلا أحد سيكون قادرا على القدوم إلى هنا في جميع الأحوال''· ''ييجيل'' بلدة زراعية تحاذي المنطقة منزوعة السلاح التي تفصل بين كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية، تقع داخل ما يسمى بـ''منطقة المراقبة المدنية''، وهي منطقة تمتد على مدى نحو 10 أميال جنوب المنطقة منزوعة السلاح، ومقصورة على السكان والجنود· أما غيرهم، فيتوجب عليهم الحصول على تراخيص من أجل دخولها؛ وعلى الطرق الرئيسية لهذه المنطقة تنتشر الحواجز التي أقيمت على نحوٍ بحيث يمكن هدمها؛ وبالتالي، إبطاء الدبابات الكورية الشمالية الغازية، وعلى الأسلاك الشائكة التي تحيط بالعديد من المناطق الغابوية توجد لوحاتٌ ثلاثية الأضلاع باللونين الأحمر والبرتقالي تحذر من الألغام الأرضية، و''ييجيل'' قريبة جدا من كوريا الشمالية إلى درجة أن نفقا يربط ''الشمال'' بـ''الجنوب''، حفره الجنود الكوريون الشماليون اكتُشف في المنطقة عام ·1975 ورغم ذلك، فإن عودة الدفء إلى العلاقات بين كوريا الجنوبية والشمالية جلبت مضاربين مثل ''بارك'' إلى ''ييجيل'' وبلدات أخرى هنا وسط شبه الجزيرة الكورية، فارتفعت الأسعار كثيرا نتيجة ذلك، في السنوات الثلاث الماضية إلى درجة أن العملاء العقاريين والسكان هناك يقولون إن الأراضي، بما فيها تلك التي تنتشر فيها الألغام الأرضية، تضاعفت قيمتها مرتين أو ثلاث مرات· ففي الأراضي المتاخمة للمنطقة منزوعة السلاح مثلا، قد يصل ثمن الفدان الواحد إلى 9200 دولار، وهو ثمن رخيص في الواقع حسب معايير الفقاعة العقارية لكوريا الشمالية، غير أنه كان من شبه المستحيل -حسب العملاء العقاريين- إيجاد من يقبل بالأرض حتى من دون مقابل قبل بضع سنوات! ومن غير المستبعد أن ترتفع الأسعار أكثر بعد اجتماع القمة الذي جرى بين زعيمي الكوريتين؛ وهو ما حدث بعد أول لقاء للزعيمين عام ،2000 وذلك بسبب تقلص احتمال اندلاع الحرب وتبني كوريا الجنوبية لسياسة إشراك ''الشمال'' اقتصاديا وسياسيا· ونتيجة لذلك، يقول العملاء والمسؤولون هنا إن المشترين ممن يدرسون إمكانية إنجاز مشاريع تطويرية بدأوا ينظرون إلى خارج ''منطقة المراقبة المدنية''· وفي هذا الإطار، يقول كيم يونج سان'': -الخبير العقاري في منطقة ''تشوروون''، التي تضم ''ييجيل''، إضافة إلى بلدات أخرى داخل المنطقة وخارجها- ''إن بعض الأشخاص اشتروا مناطق ملغومة بثمن بخس، ثم قاموا بإزالة ألغامها، قبل أن يبيعوها بأثمان أعلى''· بل إن ''لي'' -العميل العقاري- يقول إن بعض المضاربين يشترون أيضا الأراضي داخل المنطقة المنزوعة السلاح نفسها، والتي يبلغ عرضها 2,5 ميل، حيث يدفعون ما يعادل 1300 دولار للفدان· يقول ''لي'': ''إنها رخيصة جدا، ولكنها ظاهرة جديدة··· ثمة توقع بأنه يوما ما ستتم إعادة الوحدة''· معظم منطقة ''تشوروون''، التي كانت ساحة لمعارك طاحنة خلال الحرب الكورية، كانت عبارة عن أرض خلاء قبل أن ترسِل إليها الحكومةُ 150 من قدماء المحاربين في ،1967 بعد أن أخبرتهم بأنهم يستطيعون امتلاك بعضها إن هم أزالوا الألغام المزروعة فيها· ويقول ''يو تشول هون'': -كان واحدا من المحاربين القدامى المائة والخمسين- ''لقد قمنا بذلك باستعمال المجرفات فقط''· ويضيف ''يو'' -فقد جزءا من ساقة اليمنى بينما كان يحاول إزالة أحد الألغام-: ''العديد من الأشخاص بُترت أطرافهم أو ماتوا بسبب الألغام الأرضية؛ وفي إحدى المراحل، كنا ندفن شخصين في اليوم''· الواقع أن الكثير من المالكين القدامى عادوا في النهاية إلى بلدات داخل المنطقة وخارجها، وطالبوا بأراضيهم؛ غير أن الحرب الباردة حالت دون قدوم التنمية وتسببت في تدني الأسعار· ورغم أن الكوريتين ظلتا في حالة حرب رسميا، إلا أن اجتماع القمة لعام 2000 غيَّر كثيرا من نظرة ''الجنوب'' لـ''الشمال''، حيث تحول هذا الأخير من عدو زمن الحرب الباردة إلى قريب بعيد ومشاكس في حاجة إلى من يحثه ويدفعه إلى التصرف بشكل لائق· ورغم أن الأزمة النووية الكورية الشمالية لم تحَل بعد، إلا أنها لم تزعزع هذه النظرة، أو تكبح الأسعار المرتفعة للأراضي الواقعة إلى الجنوب من المنطقة منزوعة السلاح· ويقول ''رو جي سوك'' -من سكان سيئول وقد اشترى قطعة أرض مساحتها 15 فدانا غير بعيد عن ''منطقة المراقبة المدنية'' العام الماضي-: ''إن القرب من كوريا الشمالية في الواقع عامل إيجابي؛ فالطبيعة هناك ما زالت خاما لم تمس بعد، إذ لا توجد أي تنمية تقريبا لأن المنطقة قريبة جدا من كوريا الشمالية''، مضيفا ''والأكيد أن كوريا الشمالية ليست مشكلة''· مراسل نيويورك تايمز في ييجيل، كوريا الجنوبية ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©