السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل المرأة محاصرة حقاً؟

12 فبراير 2012
قد ينتاب الأم الشعور بالحزن من فرط الإحساس بأنها معزولة وسط جزيرة من المسؤوليات، أو لأن متاعبها سببها الإحساس بأنها فقدت كثيراً من حريتها. فما أن يأتي الطفل، حتى تشعر الأم أنها أصبحت محاصرة بين الخوف على الابن، وبين رغبتها في أداء عملها ورغبتها في إدارة أمور المنزل. ويصبح يوم العطلة يوماً من العمل الشاق ولا سيما لدى الأم العاملة التي أنجبت أكثر من طفل، وتشعر أنها أقل المخلوقات البشرية فراغاً، وأقل المخلوقات استمتاعاً بكل أنواع التجديد أو الترفيه. صحيح أنها اختارت الزواج كهدف، ولا تستطيع الاستغناء عن العمل لأنها تجد نفسها في العمل التي تؤديه، أو لأنها تسهم في مساعدة الزوج وفي تحمل مسؤولياته الأسرية، لكن هذا لا يمنع المرأة من أن تشعر بأنها تفقد الإحساس ببهجة الحياة. إن الحياة ليست إلا أربعاً وعشرين ساعة كل يوم. هذه الساعات لا تكاد تفي بالمسؤوليات التي يجب أن تقوم بها المرأة. كثيراً ما تحلم المرأة دون أن تدري بهذه الحياة البدائية التي يتمتع فيها سكان الحضارات الأكثر بساطة، حيث يختص الرجل بالعمل، وتختص المرأة برعاية البيت، وهذه الحضارات البسيطة لا تدعي لنفسها أن الإنسان مفروض عليه أن يلعب دور البطل. إن هذه الحضارات البسيطة لا تغش أحداً، ولا تقبل اللعبة المكشوفة في الحضارة الغربية، حيث ترتسم ملامح الشقاء على الرجل والمرأة معاً لأن الحياة تزداد صعوبة يوماً بعد يوم. في هذه الحضارات البسيطة في جزر الهند الشرقية، أو أواسط أفريقيا، أو الريف الإنجليزي أو الفرنسي أو أي ريف في بلاد البحر المتوسط لا نجد أحداً مرهقاً بهذه الصورة التي ترهق بها المرأة التي تعيش في مدينة كبيرة من مدن الحضارة الحديثة وأيضاً لا ترهق الرجل. إن تقسيم العمل واضح تماماً، وبساطة العيش تحول دون وجود تداخل في الوظائف الأسرية كالذي يوجد في الحياة المدنية المعاصرة أو الحديثة. فضغوط الحياة ومتطلباتها ومسؤولياتها بسيطة، وتطلعات الناس فيها أيضاً محدودة بحدود ثقافة هذه المجتمعات. المرأة في المجتمع البسيط تعيش أحلاماً واضحة ولذيذة، فهي تنضج، وتتزوج، وتنجب أطفالاً، وترضي نفسها برعاية الطفل ورعاية الزوج. في المجتمع المتحضر تشعر المرأة بأنها وحيدة بل مسجونة في سجن اسمه الوحدة. إنها محاصرة طوال النهار. الصباح في العمل، وتبدو كصورة لآلة تدور كل يوم في مواعيد محددة ووظائف محددة ومسؤوليات لا تنتهي. كثيراً ما نسمع الأمهات وهن يؤكدن حبهن الصادق للأبناء وللزوج، لكنهن يؤكدن أن هناك إحساساً عارماً بالملل. ربما لو حرمت الفتاة من فرص التعلم أو العمل، أو لو تأخرت قليلاً في اللحاق بقطار الزواج، أو تأخر نصيبها عما كانت تتوقع من الإنجاب، من المؤكد أننا نسمع كلاماً مختلفاً، وأمنيات مختلفة، وأحلاماً أخرى! على أية حال.. أظن أنه مهما اختلفت الثقافات والمسؤوليات والضغوط والتطلعات، فالأم في حاجة دائمة إلى فرص ـ ولو محدودة ـ لكي تلتقط أنفاسها، وتراجع مسؤولياتها، لتعيد تجديد نظرتها إلى الحياة. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©