السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كندا... العودة من قندهار!

11 أكتوبر 2007 01:33
فبراير عام 2009 هو الموعد المحدد لإنهاء مهمة القوة العسكرية الكندية العاملة ضمن القوات الدولية في أفغانستان، بموجب الاتفاق المعقود بين الحكومة الكندية والأمم المتحدة، والذي وافق عليه البرلمان على مضض، وقد أحدث انقساماً عميقاً في المجتمع السياسي الكندي وفي دوائر الرأي العام المهتم جداً بالدور الكندي في تلك البقعة البعيدة جغرافياً، والأكثر بعداً في الأفكار والمثل التي تتحكم في مسار حياة كل من الشعبين الكندي والأفغاني· كندا اليوم تقوم بمهمة عسكرية خطرة في منطقة من أخطر مناطق أفغانستان، ومهما حاولت الحكومة أن تسبغ على وجود القوات الكندية --2500 فرد- من صفات براقة حول الالتزام الأخلاقي والمهمة الإنسانية تجاه إعمار أفغانستان، وتمكين الحكومة المنتخبة ديمقراطياً، من إعادة بناء الدولة·· إلخ، فإن الرأي العام الكندي الذي يندر أن يمر عليه أسبوع من دون أن يسمع ويشاهد سقوط أبنائه العسكريين قتلى في منطقة قندهار الوعرة وما حولها من قرى وجبال، هذا الرأي العام لم يعد يصدق ولا يتقبل منطق الحكومة في تفسير ما يجري في ذلك البلد ولم يعد يقبل أو يفهم أو يوافق على موقف حكومة المحافظين الحالية وإصرارها على تمديد فترة بقاء قواتها في أفغانستان لما بعد فبراير ،2009 في وقت يرفض فيه الحلفاء الآخرون -عدا الولايات المتحدة وبريطانيا المشاركون في ''إيساف'' قوة الأمم المتحدة لإعمار أفغانستان- مشاركة الكنديين مهمتهم الصعبة في إقليم ''قندهار'' الذي أسندت المهمة فيه للقوات الكندية قبل أكثر من عام· حكومة المحافظين ورثت الوضع في أفغانستان من حكومة الأحزاب السابقة، ولكنها طورته وجعلت موضوع أفغانستان مدخلاً وركناً أساسياً لسياستها الخارجية والدفاعية، وهي الآن تواجه المأزق الأفغاني بكل تعقيداته، خاصة مع ارتفاع عدد الضحايا الكنديين ومع اشتداد معارضة الرأي العام -المنقسم أصلاً- للمهمة الأفغانية، ما بين ما يصفه رئيس الحكومة بالالتزام الأخلاقي تجاه أفغانستان، ومسؤولية كندا الدولية في محاربة ''الإرهاب الدولي''·· ورأي عام كندي يصر -حسب استطلاعات الرأي- معارضته لـ''المهمة الأفغانية''، تحاول الحكومة أن تجد مخرجاً· لقد أعلن رئيس الوزراء الكندي ''أن مسألة تمديد فترة عمل قواتنا في أفغانستان تحتاج في رأيي إلى اتفاق جماعي في مجلس العموم''، بمعنى أنه يريد من أحزاب المعارضة أن تتوصل إلى اتفاق معه حول الموضوع الأفغاني قبل انتهاء الفترة المحددة للمهمة الكندية· صحيح أن هنالك دائماً تعاطفاً حقيقياً من الشعب الكندي تجاه الأفغان، ورغبة حقيقية لمساعدتهم خاصة في قضايا التعليم والصحة وحقوق النساء والأطفال وكل القضايا الإنسانية التي تحظى بتعاطف عامة الناس في كندا؛ لكن عندما وجد الناس أن قواتهم التي يعدونها دائماً لتكون قوة سلام قد أصبحت في مواجهة حرب حقيقية في ''قندهار'' وما حولها بدأت الشعبية تتجه وجهة أخرى·· ويبدو اليوم واضحاً أن أغلبية الكنديين ما تزال تؤيد أن تقوم كندا بالدور الإنساني في إعادة إعمار وتأهيل أفغانستان، وأن تبذل في ذلك بسخاء مادي ومعنوي ولكن من دون التورط في قتال وحرب لا يعرف لها نهاية· لذلك لم يكن غريباً أن يدعو الرئيس الأفغاني الصحفيين والإعلاميين الكنديين الموجودين مع قواتهم في قندهار، إلى لقاء مفتوح معه في قصر الرئاسة في العاصمة كابول، وأن يبعث من خلال لقائه معهم برسالة إلى الشعب الكندي صريحة وواضحة -أو لنقل بنداء حار- خلاصته ''أن وجود القوات الكندية في أفغانستان مطلوب جداً حتى اليوم الذي تصبح فيه أفغانستان قادرة على الدفاع عن نفسها وعلى إدارة شؤونها بواسطة مؤسساتها الوطنية التي يساعد الكنديون في بنائها، وذلك اليوم لن يكون في عام ·''2009 وسواء لقيت رسالة الرئيس الأفغاني أو نداؤه الحار استجابة من الدوائر التي عناها، فإن كل الدلائل تشير إلى أن المهمة الكندية في أفغانستان التي قدروا لها فبراير عام 2009 لن تنجز في الموعد المضروب، وأن المجتمع الدولي الذي شكل قوة ''إيساف'' عليه أن يبحث عن حلول أكثر واقعية لتحقيق ''أهدافه الإنسانية'' في أفغانستان·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©