الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد الفوز: اقترف الشعرَ كما أريدُ

محمد الفوز: اقترف الشعرَ كما أريدُ
22 ابريل 2009 23:19
يقول الشاعر والصحفي السعودي صاحب «بكاء النبيذ» محمد الفوز الذي يحتفي هذه الأيام بصدور ملحمته الشعرية «ليل القرامطة»: بوجعٍ مستبدٍ أتداعى «ها هنا» لتوطين الذاكرة في جسدِ المعنى، كيلا أكونَ شيئا آخر غيرَ اللغة التي تهبُ الكائنَ حُريته ودلالته في الوجودِ. وهو يرى أنَّ تعرية الذاتِ خيانةٌ مباحةٌ في الكتابةِ لا سواها، للاقتراب أكثر من مفرداتها وطقوسها وكل الافتراضات التي تؤدي ـ بشكلٍ أو بآخر ـ إلى سيرورة المنجز الإبداعي بوصفه عملا مرآويا يعكسُ النبوءات. كأيّ شاعرٍ يغرقُ في تفاصيله أكتبُ «ليل القرامطة» بالمحو كأي ضوءٍ خاطفٍ تُثقله نوايا الوِحدةِ وخلوةِ الذاتِ بالذاتِ أو مع آخرٍ ناقصِ الروح، إنه نصٌ متعددُ الرؤيا وقابلٍ للمسّ والزحزحة والتمرد. هكذا مناخات الشعر تُشبعُ الكلماتِ بعوالمَ أسطوريةٍ تتحايل على الخيالِ لإنجازِ لغةٍ عابرةٍ للغاتِ وشعرٍ موغلٍ في الشاعريةِ ودهشةٍ لا تختمر سوى الدهشةِ؛ فالنصُ بلا وطنٍ وبلا هويةٍ وبلا أيدلوجيا وبلا جراح، النص لا شيء لأنه كُلُّ شيء... النص مفاجئ حدَّ الرعشة، ملتبسٌ كما ينبغي للزارِ أنْ يلجَ الحانةِ، جدلي كأيّ مزاولةٍ عرفانيةٍ لطقوسٍ تتجلى للتو. «ليل القرامطة» لم أكتبه بمعطياتٍ تاريخيةٍ أو بفكرةٍ راسخةٍ جذورها إنما استفحلتْ شتى الأخيلة في اللاوعي حتى تقمصتُ حالةً ـ لا أدركُ تأويلها ـ تشي بعُمقٍ معرفي انتابني منذُ زمنٍ. هو شغفٌ بتعريفِ البداياتِ ومتناقضاتها اللانهائية في معتركِ الوجود وفي قيامة الحقيقة التي نبشتُها بلا حذرٍ. ويضيف الفوز: إنّها محاولةٌ شعرية للتقصي وتعويم الأسئلة في قالبٍ مكتنزِ المضامين، لا أرنو إلى عصيانٍ ما، أو بَذَخٍ لُغوي مَاكرٍ يَشِيعُ بِلا إدراك أو الكتابة للكتابة.. تلكَ ضحكةُ أطلالٍ لا تبلغُ مسمعَ الوادي، ولكنني كائنٌ متمرسٌ على الشغبِ واستيلادِ النوايا التي تعصفُ ـ أحيانا ـ بالمشيئاتِ القريبة والبعيدةِ بلا استثناء. ما أريده ألا تنفجر القصيدةُ كاملةً؛ فالمعاني وشايةٌ أسرع تختصرُ اللحظة و تنفردُ بالهامش/ النص الحديث عدو الهدأة؛ هو امتدادٌ غامضٌ للمؤجل، لكل حُلمٍ بائسٍ لا توجزه الكلمات. أو كلما جادتْ عذاباتُنا انفكتْ عُرى القيامةِ، وانتثرَ الوهمُ في كُلّ حدبٍ وصوبٍ، نترجم الصمتَ بملامحنا، ونسمو بآخرِ طفلٍ يُناغي الرّب في صلاةِ عينيه. ويختم الفوز: أُدركُ تماما أنّ النصّ لا يكتمل، وأنّ الغربة نصفُ المسافة لوطنٍ عابرٍ، وأنّ اللحظة عمرٌ مختزل، وأن كل شيء لا تُعنونه القصيدةُ سَيفنى بِبِطءٍ. لهذا «كانَ قارئي القديم» يُحرضني على هتك القصيدةِ بالمحو، ولم أتخففُ من هواجسه إلا بعد موته. أدمنتُ اللغة، فاستعجلتني الكتابةُ، واقترفتُ الشعرَ كما أريدُ لا كما يُريد هو.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©